GMT 0:00 2014 الأحد 2 مارس GMT 23:29 2014 السبت 1 مارس :آخر تحديث محمد خروب يقولون ان الدول «الديمقراطية» لا تحارب بعضها البعض.. ويقولون ان حربا عالمية رابعة (باعتبار الحرب الباردة هي الثالثة بعد الحربين الاولى والثانية) مُستبعدة الوقوع بعد ان ادرك «الكبار» الكلفة الباهظة لحرب مدمرة كهذه، والتي ستكون اكثر فداحة - وبما لا يقاس - من كل الحروب التي خيضت في القرن الماضي (اضف اليها الغزو الاميركي البريطاني للعراق وقبله لافغانستان).. لكنه يقال ايضاً ودائماً ان الحرب تبدأ ب»الكلام» وان شهية الامبرياليين مفتوحة على ارتكابات وجرائم كهذه، بحثاً عن الاسواق وتسويق السلاح ونهب الثروات والهيمنة، ناهيك عن الصراع بين الامبرياليين والمستكبرين انفسهم على النفوذ والصدارة، ما دام الذي يدفع الثمن في النهاية هي الشعوب المُستعَبدة والمُستبعَدة عن طاولة الكبار او مجلس ادارة العالم، وبخاصة منذ ان نجح الغرب الاستعماري في تفكيك الاتحاد السوفياتي واسقاطه وتحجيم روسيا التي كانت على الدوام النواة الصلبة لهذا الاتحاد الذي لم يصمد اكثر من سبعة عقود, كانت معظم جمهورياته عبئاً على روسيا ذاته وبمثابة «كعب اخيل» في مواجهتها مع المراكز الرأسمالية العالمية, اضافة الى اخطاء بل خطايا ارتكبت بحق القوميات والاقليات هائلة العدد واللغات التي كانت في اطار الامبراطورية السوفياتية, ورأينا كيف سارعت معظمها - ان لم نقل كلها - الى القفز من السفينة السوفياتية الجانحة بعد ان اتكأت على عصبياتها القومية وخصوصياتها الثقافية محمولة كلها على تحريض غربي لم يتوقف وشحن غرائزي واستعداد لم يتوقف منذ ان تبنى الغرب الاستعماري نظرية «الاحتواء» الكفيلة بتفكيك الاتحاد السوفياتي التي روج لها جورج كينان في العام 1947 بعد خدمته سفيرا في موسكو, الى ان وصل «الممثل» الابرز للمحافظين الجدد رونالد ريغان للبيت الابيض, فكان السقوط السوفياتي مدويا وعنيفا وقاصماً.. وبخاصة بعد ان تولى قادة الاحزاب «الشيوعية» في كل من روسيا وبيلاروسيا واوكرانيا وهي جمهوريات الدائرة الاقوى في الفضاء السوفياتي, إصدار شهادة الوفاة للأمبراطورية الروسية في العام 1991, التي سيكون هدف الغرب الرأسمالي لاحقاً, العمل بلا هوادة من اجل عدم انبعاث القومية الروسية ومحاصرة الدب الروسي كي لا يكون بمقدوره استعادة عافيته او التوفر على امكانات عسكرية او بشرية او مادية او تحالفات خارجية من اجل استعادة الامجاد السوفياتية (بما هي نهاية التاريخ على ما بشر به فوكوياما). ما علينا.. منذ ان عادت موسكو لاعبة - ولو في شكل خجول - بعد طي صفحة يلتسين وصعود نجم فلاديمير بوتين, لم تتوقف محاولات الغرب «الاطلسي» عن قضم الفضاء السوفياتي والاقتراب الحثيث من الحدود الروسية وكانت جورجيا وخصوصاً اوكرانيا - بعد ان غدت بولندا رأس حربة الاطلسي تجاه روسيا - هما الجائزة الكبرى التي اراد الاطلسي (اقرأ اميركا) الفوز بهما، لوأد أي محاولات روسية لاستعادة أي دور ولو متواضع, على الساحتين الاوروبية والدولية, وكان اندلاع الثورات الملونة الاشارة الابرز والاعنف, على ما هو مخطط «للشكل» الذي ستكون عليه وريثة الاتحاد السوفياتي المنهكة والمنهوبة من عصابات الاجرام والمافيا، لكن بوتين امسك بزمام الامور واستعاد المبادرة, وراح يُبدي نوعا «غير مألوف» في فترة ما بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، مستغلاً مغامرات واشنطن العسكرية وترهل اوروبا وارتفاع مداخيله النفطية والغازية.. صحيح ان اوكرانيا كادت «تهرب» من يد موسكو بعد ثورتها البرتقالية في العام 2004, الا انه صحيح دائماً ان الغرب بطبيعته الانانية وخضوعه لمعادلة الربح والخسارة لا يعبأ كثيراً بهموم الشعوب ولا يقيم وزنا للعدالة الاجتماعية, رغم كل شعاراته ومزاعمه وادعاءاته حول الديمقراطية وحقوق الانسان, ما تهمه هي الاسواق المفتوحة والسيادات المنقوصة وتحالف السلطة ورأس المال وخصوصاً في التبشير بوصفات «ونصائح» البنك والصندوق الدوليين. عادت كييف الى واجهة الاحداث، لكن هذه المرة في شكل يهدد موسكو مباشرة، الامر الذي لا يخطئ المرء كثيراً، اذا ما ادّعى انه يسمع طبول الحرب من بعيد، فإمكانية «هروب» اوكرانيا واردة ومحتملة، اكثر من أي وقت مضى، ومسارعة الغرب الى استعجال لغة التحذير والحديث عن «الأثمان» التي ستدفعها روسيا، اذا ما اختارت الحلول العسكرية للأزمة، ليست للاستهلاك المحلي او محاولة لشراء الوقت، فالغموض الذي يميز خطوات بوتين يزيد من امكانية تدهور الاوضاع ووصولها الى «الحافة» وهي سياسة تتقنها موسكو اكثر من الامبرياليات الغربية، لهذا يمكن القول ان احتمالات اندلاع حرب في وسط اوروبا، بهذا الشكل أو ذاك، واردة لأن الامور توشك ان تصل الى نقطة اللاعودة, والاّ لماذا تصر عواصم الغرب الاستعماري على حصر «المسألة» في احداث شبه جزيرة القرم فقط، وليس مناقشة الوضع الانقلابي، الذي نشأ بعد 21 شباط، وهو اليوم الذي شهد توقيع الغرب على اتفاق بين الرئيس المُنتخَب وجزء من المعارضة؟ ايلاف