بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدي محمد رسول الله وآله الأطهار وجميع المسلمين إلى يوم الدين، أما بعد.. إن قوم لوط جاؤوا بفاحشة ماسبقهم بها أحدٌ من العالمين من قبلهم، وفضّلوا شهوة الرجال فيما بينهم من دون النساء، وجاء ضيوف إبراهيم عليه الصلاة والسلام فضافوا من بعده نبي الله لوط فاستقبلهم وأدخلهم في داره وكان يظنّهم من البشر ويرى عليهم جمال المنظر، فرآهم غرباء عن الديار وأنهم قد جاؤوا من بلد بعيد، ولكن الجمال ظاهرٌ وباهرٌ على صورهم! ولذلك ضاق بهم نبي الله لوط بسبب جمالهم وخشي عليهم من قومه أن يمسّوهم بالفاحشة غصباً. وقال الله تعالى: { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ﴿77﴾ وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ﴿78﴾ قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴿79﴾ } صدق الله العظيم [هود] وربما الذين يقولون على الله مالا يعلمون أن نبي الله لوط عليه الصلاة والسلام عرض على قومه الزواج من بناته، ولكننا نفتي بالحق ونقول: فهل بناته تكفي لقومه أن يتزوجوهن! فهنّ قليل وقومه كثير؟ مالكم كيف تحكمون؟ بل أراد نبي الله لوط أن يفتدي ضيفه ببناته لعل قومه يرحمونه إذ وصل به الأمر إلى أن يعرض عليهم بناته ليقضوا شهوتهم ولا يخزوه في ضيفه، فبناته أهون مما يريدون. ولكن قوم لوط عليه الصلاة والسلام لم يرحمونه برغم عرضه عليهم بناته ليقضوا شهوتهم ويذهبون ولا يخزوه في ضيفه، ولكن ذلك العرض لا يبغونه بل يريدون الرجال الضيوف أصحاب الجمال الأجانب. وبعد أن رفض قومه قضاء الشهوة في بناته فأرادوا الدخول على ضيوفه، ومن ثم حاول نبي الله لوط عليه الصلاة والسلام أن يمنعهم من الدخول على ضيفه ولكنهم دخلوا على ضيوفه بالقوة، ومن ثم قال نبي الله لوط لقومه: { قَالَ لَوْ أَنّ لِي بِكُمْ قُوّةً أَوْ آوِيَ إِلَىَ رُكْنٍ شَدِيدٍ } [هود:80] ولكن الله طمس على أعين قومه فلم يشاهدوا ضيوفه وجمالهم حين دخولهم، ولكن لوط كان يشاهدهم فاستغرب كيف لم يرونهم قومه، حتى انصرف قومه ولم يجدوا ضيوفه، وكان في دهشة كون قومه لم يشاهدوا ضيوفه برغم أنهم أمامهم في مكان استقبال الضيوف، ولكن الله سبحانه طمس على أعينهم من رؤية ضيف نبي الله لوط. وقال الله تعالى: { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ } صدق الله العظيم [القمر:37] ولكن نبي الله لوط أخذته الدهشة كيف لم يبصر قومُه ضيوفَه، حتى إذا ذهب قومه واستيأسوا من وجود الضيوف ومن ثم قال لضيوفه نبي الله لوط: { قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ ﴿62﴾ قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴿63﴾ وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴿64﴾ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴿65﴾ وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ ﴿66﴾ } صدق الله العظيم [الحجر] وبرغم أن كوكب العذاب صار قريباً من الأرض ليلتَها ولكنهم لم يشاهدوا كوكب العذاب كونه يأتي للأرض من الأطراف. كما سوف نفصل بياناً عن حقيقة كوكب العذاب في الكتاب ونفصله تفصيلاً لقوم يؤمنون. وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.. أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.