أزهار البياتي (الشارقة) - استعادت خطوط «الهوت كوتور» ألقها ورومانسيتها الحالمة، من خلال تشكيلة المصمم الفرنسي الشاب أليكسيس مابيل لموسمي ربيع وصيف 2014، والذي يلقب بالأمير الصغير لفئة فنون الخياطة الراقية وبامتياز، مظهراً موسماً بعد آخر براعته في هذا المجال، ليتحف كل عشاق الموضة والأناقة بعرض استثنائي فريد قدمه في إطار أسبوع باريس للموضة، الذي اختتم مؤخراً، ظلل بالغيوم البيضاء. الحب والجمال من وحي آلهة الحب والجمال التي اشتهرت في أساطير حضارتي الإغريق والرومان، استوحى المصمم المبدع موضوع مجموعته الجديدة، مسافراً بخياله هذه المرة لعوالم نائية، مستغرقاً في وصفها ورسمها حسب قراءته الشخصية، مأسوراً من خلالها بصور لنساء مثاليات وكاملات، يعكسن بجمالهن الأبيض الأسطوري ملامح مثيرة من الأنوثة والإثارة الطاغية. ومن قلب باريس اعتمد هذا الفنان الواعد ترنيمته الإبداعية للموسمين القادمين، مصمماً مجموعة مترفة ومتفردة من الأزياء، آخذاً عبرها استشراقات يونانية وأخرى رومانية، مشكلًا بها أيقونات غير اعتيادية من الطراز الراقي، وكأنه يستعيد من خلالها مشاهد للتماثيل الرخامية التي جسدت الآلهة آنذاك، وكيف أنها عبّرت بملمسها الأملس المصقول وبياضها النقي الجميل عن أسمى معاني الفن، مغلفاً أجساد عارضاته بقطع شديدة الأنوثة والدلال من ملابس المناسبات والسهرات، من تلك النوعية التي تنسدل على القوام بانسيابية، فتحتضن حنايا الجسد بشكل عاطفي حميم، حاملة في إثرها سمات أكيدة من الكلاسيكية التقليدية، ولكن على طريقة مابيل في التصميم، ليّميزها بلمساته الساحرة ويضّمنها خطوطاً وتفاصيل صغيرة هنا وهناك، حولت كل نموذج منها إلى قطعة فنية غاية في الفرادة. رومانسية حالمة اختصر مابيل في هذه التشكيلة كل المسافات والأزمان، وعبّر من خلالها لأصل الحضارات العريقة، وحيث كانت الأساطير تلف المرأة الجميلة عادة بترف من رقة الحرير وغنى الديباج، فتظهرها بصورة ملائكية وأثيرية لحد بعيد، وكأنها تحتفي بطبيعتها، أنوثتها، وجمالها الغريزي، وعبر أشكال ونماذج جذابة ترفل بروح الأناقة الفرنسية، وكلاسيكيات الملابس الراقية الطراز، لتأتي كامل باقة الهوت كوتور هذه المرة بأنماط من الجرأة المدروسة والغواية الناعمة، وتنتصر بلا أدنى شك لمفردات الترف والثراء، وقد ظهر هذا النهج بوضوح من خلال نوعية الخامات والأقمشة التي وظفها المصمم بخبرة وذكاء، مجسداً بها بنات أفكاره وتخيلاته الجامحة، حيث بان منها على سبيل المثال أمتار من الشيفونات الرقيقة، والأتوال الشفّافة، والحراير الطبيعية، مع بعض من خامتي الجرسيه المطاط والكريب الساتان، مزدانة بإضافات وغرز بديعة من الشغل اليدوي الدقيق، مع المطرّازت المزخرفة البارزة، لترسم جميعا في نهاية المطاف عالم رومانسي وحالم، تطوف في فضائه فراشات بريئة بيضاء، تتراقص مع سحب الأثير وتتلاعب بأطياف متلألئة من الضياء. ثورة بيضاء لموضة الربيع والصيف المقبلين حلق مابيل بجمهوره نحو فضاءات رحبة وبيضاء بلون الحليب، ليمطرهم معها بّرشات من السكر، ويغمسّهم من خلالها بلجة الكريمة والقشدة الخالصة، متحدياً ذاته وبقية منافسيه بثورة بيضاء، باحتكاره لمسطرة تدرجات الأبيض العاجي وبلا منازع، مكرراً إياه لنحو 22 مرة متتالية في عرض واحد، ولكن بمخرجات عدة، وصيغ فنية مختلفة الملامح والقصّات، محافظاً في الوقت ذاته على تألقه المعهود، ومستخدما أدواته بذكاء وحرفية من دون حتى أن يشعر متابعيه بالملل أوالتكرار، ليغيّر مع إطلالة كل موديل شيئا من طراز القصّة أو درجة البياض، بحيث يكّون في نهاية العرض سمفونية متناسقة ومتناغمة بكل المقاييس. الاتحاد الاماراتية