طلب الصينيون من الملك عبدالله أن يزورهم ولي عهده الأمير سلمان، فكان لهم ما أرادوا، لذا استقبله الرئيس الصيني بصفة استثنائية، لتخرج الزيارة بسلسة مميزة من الاتفاقيات، جعلت من العلاقة السعودية الصينية شراكة استراتيجية. تكتسب زيارة الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، إلى جمهورية الصين الشعبية بأهمية خاصة جدًا. وقد تجلت هذه الأهمية في إشارات عديدة، لم تكن لتحصل لولا ذلك. طلبه الصينيون ليس من عادة الرئيس الصيني شي جين بينغ أن يقابل زوار جمهورية الصين الشعبية، تاركًا المهمة لنائبه لي يوان تشاو، ولرئيس وزرائه لي كيغ لانغ. إلا ان زيارة الأمير سلمان كانت استثناءً لهذه القاعدة، فقابله الرئيس الصيني، وأقام على شرفه عشاءً مهيبًا، ثم طلب منه نقل تحياته القلبية وتقديره للملك عبدالله بن عبدالعزيز. وفي معلومات خاصة ل"إيلاف" عن هذه الزيارة التاريخية، أرسل الصينيون إلى الملك السعودي وسألوه أن يزورهم ولي عهده الأمير سلمان، إذ يعرفونه من اياديه البيضاء على الصين إبان تعرّض إحدى مدنها للزلزال، فكلّفه خادم الحرمين الشريفين بهذه المهمة، مستجيبًا لطلب القيادة الصينية. وهذا ما يبرر الحفاوة النادرة التي لقيها الأمير سلمان منذ لحظة وطأت قدماه بكين. لم تكن مقررة وخلال استقبال الرئيس بينغ للأمير سلمان، نوّه بأهمية تبادل الزيارات بين البلدين على أعلى المستويات، وسعي البلدين لتعزيز التعاون بينهما، مرددًا أن الأمير سلمان صديق قديم للصين، لم يبخل في مساهماته الكبيرة لتطور التعاون بين السعودية والصين، ما أضفى الكثير إلى العلاقات بين البلدين الصديقين. خلال الاجتماع، استعرض الرئيس الصيني وولي العهد السعودي سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين بما يخدم مصالح الشعبين والبلدين الصديقين، بالإضافة إلى بحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وقد تجاوز البحث بين الرجلين النقاط المطروحة على جدول الأعمال إلى مواضيع أخرى لم تكن مقررة. وعقب ذلك أقام الرئيس الصيني مأدبة عشاء تكريمًا لولي العهد ومرافقيه. واثنء الاستقبال، شاركت موسيقى الجيش الصيني في عزف عشر مقطوعات مستقاة من التراث الصيني، مع مقطوعة من التراث السعودي. اتفاقيات مهمة وخلال هذه الزيارة، كان واضحًا إصرار الأمير سلمان والصينيين معًا على الخروج بنتائج مميزة، تترك أثرًا كبيرًا في العلاقات بين البلدين. فقد رعى ولي العهد ونائب الرئيس الصيني توقيع أربع اتفاقيات، اشتملت الأولى على برنامج تعاون بين وزارة التجارة والصناعية في السعودية والمصلحة العامة لمراقبة الجودة والفحص والحجر الصحي في الصين، وقعها وزير التجارة والصناعة السعودي الدكتور توفيق الربيعة ورئيس المصلحة تشي شوبينغ. واشتملت الاتفاقية الثانية على مذكرة تفاهم بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وإدارة الفضاء الوطنية الصينية، للتعاون في علوم وتقنيات الفضاء، وقعها رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد بن إبراهيم السويل، ونائب وزير الصناعة وتقنية المعلومات رئيس الهيئة الوطنية الصينية للفضاء والعلوم والتقنية شيو داتشي . تنمية واستثمار نصت الاتفاقية الثالثة على مذكرة تفاهم بشأن مساهمة الصندوق السعودي للتنمية في مشروع إنشاء المقر الجديد لجامعة ليوليانغ بمحافظة شنسي الصينية، وقعها نائب رئيس الصندوق السعودي للتنمية العضو المنتدب المهندس يوسف بن إبراهيم البسام، ونائب وزير المالية الصيني وانغ باوان. كما نصت الاتفاقية الرابعة على التعاون في تنمية الاستثمار، بين الهيئة العامة للاستثمار في وهيئة تنمية الاستثمار التابعة لوزارة التجارة في الصين، وقعها محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان، ورئيس هيئة تنمية الاستثمار الصينية ليو ديانشيون. وقد عبر الأمير سلمان، من خلال هذه الاتفاقيات مهمة، بالعلاقة مع الصين الشعبية من مجرد تعاون يريد البلدان تعزيزه إلى شراكة استراتيجية، قل مثيلها. ايلاف