مقالات أزمة أوكرانيا في الإعلام الغربي ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 21/03/2014 أيضاً وفي سياق متابعتنا واهتمامنا بتسليط الضوء على بعض "المناطق" المتوارية عن الأضواء في وسائط الإعلام الغربية، سنحاول في مقام هذه المساحة، إضاءة بعض جوانب استخلاصات قراءاتنا لماهية تغطية الأزمة الأوكرانية في أجهزة الإعلام الغربية . بسبب التزامن الدقيق والمحكم، فإن من الصعب الجزم بشأن من دشن قبل الآخر حملة الهجوم على رئيس أوكرانيا فيكتور ياناكوفيتش والتحريض السافر والمنظم على إسقاطه، الحكومات الغربية أم أجهزتها الإعلامية . لوهلة بدا وكأن تلك الواجهات الإعلامية قد هرعت مشمرةً عن سواعدها للالتحاق بالمستوى السياسي في بلدانها، فزعةً لها، بتجريد حملة شعواء ومركزة ضد روسيا على خلفية تداعيات ما بعد إزاحة الرئيس الأوكراني ياناكوفيتش من منصبه، ونزولها بكامل ثقلها في الميدان مع القوى القومية الأوكرانية المتطرفة المنتمية إلى منطقة ما وراء جبال الكربات الواقعة إلى الغرب والتي اشتُهر أهلها بعصبيتهم القومية الأوكرانية المتزمتة التي دفعت كثيراً منهم يوماً للتعاون مع المحتل النازي إبان سنوات حرب التحرير التي خاضها الجيش السوفييتي ضد الغزاة الألمان (1941 تاريخ بدء الهجوم الألماني على الأراضي السوفييتية حتى عام 1945 تاريخ هزيمة الجيش النازي واستسلام ألمانيا) ومعاداتهم فيما بعد للأجانب، خصوصاً طلاب أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا الذين كانوا يدرسون في الجامعات والمعاهد الأوكرانية . ولقد كان ملفتاً اختيار الإعلام الأمريكي والأوروبي الغربي، بإرادته "الحرة"، تجاهل حقائق على الأرض كانت واضحة وضوح الشمس، وتحديداً تَصَدُّر أحزاب الفاشية الجديدة لحركة التمرد وتحويلها الاحتجاجات السلمية للجماهير الثائرة ضد النظام إلى استيلاء وتعطيل وتخريب للمنشآت والمرافق العامة للدولة، وتسليح بعض المجاميع الإرهابية لعسكرة حركة الاحتجاج . من هذه الأحزاب "حزب سفوبودا" الذي يعبر عن مجاميع النازيين الجدد والذي أسندت إلى قياداته بعد السيطرة على القصر الرئاسي ومؤسسات الدولة، مناصب رئيسية في مجالات الدفاع والقضاء والتعليم والشؤون الاقتصادية، ورئاسة لجنة الدولة لمكافحة الفساد وقيادة لجنة التطهير ضد الروس ولجنة الأمن القومي . وللتذكير فقط فإن السيناتور الأمريكي الصهيوني جون ماكين كان حريصاً أشد الحرص على أن يتوجه لهؤلاء النازيين ويلتقي بهم ويحرضهم من دون أن يفوت فرصة التقاط صورة مع زعيم هذا الحزب النازي أوليه تياهينوك . وهناك أحزاب أخرى لا تخفي مطلقاً نزعاتها الفاشية والنازية مثل "حزب القطاع الأيمن" الذي يتزعمه ألكسندر موزيتشكو الذي كان انتقل في عام 1994 إلى الشيشان للقتال إلى جانب المتمردين الشيشانيين ضد القوات الروسية والذي يتحدث علناً بأنه سيحارب اليهود والروس دون هوادة حتى مماته، وكذلك القائد الآخر بنفس الحزب ديمتري ياروش الذي ناشد المطلوب لدى السلطات الروسية المتمرد الشيشاني المعروف دوكو عمروف برد المعروف للنازيين الأوكرانيين الذين دعموا التمرد الشيشاني، وذلك بشن هجمات إرهابية ضد روسيا . هذه الحقائق وغيرها لم يكتف الإعلام الغربي بالصدود عنها وإنما شارك قصداً في تغييبها بشتى وسائل التعمية والتلفيق كي لا تصل للرأي العام الأمريكي والأوروبي . حتى الرئيس التشيكي السابق فاتسلاف كلاوس الذي كان رئيساً لتشيكيا خلال الفترة من 2003 إلى ،2013 لم تنطل عليه تخرصات وتلفيقات الحكومات الغربية ومن خلفها وسائطها الإعلامية التابعة . فلقد اتهم الاتحاد الأوروبي ب "اللامسؤولية الهائلة، بتغذيته أوهام وطموحات المتشددين في غرب أوكرانيا بأن هناك فعلاً خياراً بين الشرق أو الغرب" . معتبراً أن "وضع أوكرانيا أمام خيار الشرق أو الغرب يعني تفكيكها، وأن الغرب ساعد على اندلاع أزمة لا يرغب فيها فعلياً وليس مستعداً لتحمل عواقبها" . موقف كلاوس هذا لم تعره أجهزة الإعلام الأوروبية أدنى اهتمام، ولأنه يعلم ذلك مسبقاً فقد حرص مكتبه على إذاعة هذا الموقف عبر بيان مكتوب عبر وسائل الإعلام المتاحة . المثير للسخرية أن إذاعة "البي .بي .سي" الناطقة بالإنجليزية التي كانت تغطي أحداث أوكرانيا، لم تتحرج أبداً من اعتبار ما كانت تقوم به المعارضة الأوكرانية لإسقاط الرئيس فيكتور ياناكوفيتش، شرعية وتستحق الدعم والمؤازرة من الغرب، في ذات الوقت الذي اعتبرت فيه نفس المحطة احتجاجات المعارضة في تايلاند ومطالبتها برحيل رئيسة الوزراء ينغلاك شيناواترا شقيقة رئيس الوزراء التايلاندي السابق تاكسين شيناواترا الفار إلى لندن من تهم الفساد، مطالب غير شرعية على اعتبار انها جاءت إلى الحكم عن طريق صندوق الاقتراع، ولكأن ياناكوفيتش وصل إلى الحكم على ظهر دبابة أو عن طريق انقلاب وليس عبر صناديق الاقتراع كما رئيسة الوزراء التايلاندية! إنه ذات السيناريو الذي حاكته أوروبا الغربية والولايات المتحدة في عام 2004 للإطاحة بالرئيس المنتخب فيكتور ياناكوفيتش وتصعيد الموالي لهم فيكتور يوتشينكو والذي تسبب في غضون أربع سنوات في زيادة معدل الفقر إلى 37%، ورفع معدل البطالة إلى 15%، وتفاقم عجز الموازنة وتراجع النمو، واستشراء الفساد . إنه ذات السيناريو يتكرر اليوم بنفس التفاصيل تقريباً، لاسيما فيما خص الدور الذي أنيط فيه للماكنة الإعلامية الأوروبية والأمريكية . فالإعلام الغربي متورط، برسم الوقائع في حملة التحشيد والتحريض الأوروبية الأمريكية المنسقة لإشاعة فوضى الاحتجاجات وقلب نظام الحكم في كييف، وهو بهذا المعنى مسؤول عن الدمار المادي والاقتصادي الذي ألحقته المجموعات النازية والقومية بمرافق الدولة ومنشآتها، وعما ستؤول إليه وحدة البلاد من انقسامات قومية وعرقية وتفكك جغرافي، بقدر تورطه في هذه العملية الجيوسياسية الكبرى . د . محمد الصياد الخليج الامارتية