كتب - عبدالمجيد حمدي : أصبحت العيوب والمشاكل بمشروعات الطرق السريعة الجديدة مسلسلاً لا ينتهي .. من طريق 22 فبراير وعدم تحمّله الأعباء المرورية ومرورًا بطريق دخان، الذي تراكمت فيه مياه الأمطار بعد افتتاحه بعدة أشهر ووصولاً بأنفاق سلوى التي غرقت في مياه الأمطار الأسبوع الماضي. وأكد خبراء لالراية أن أسباب ظهور هذه العيوب والأخطاء الهندسية كثيرة بدءًا من التصاميم والتنفيذ وحتى الصيانة وهو ما يلقي بمزيد من المسؤولية على الجهات المنفذة والمشرفة عليها. يأتي ذلك فيما طالبت "جمعية المهندسين" القطرية الجهات المعنية بتنفيذ المشروعات الخدمية بضرورة إشراكها في إبداء الرأي حول تنفيذ هذه المشروعات، مؤكدة أنها تضم الخبرات المحلية الكبيرة التي تكفل تقديم المشورة المناسبة بكل مشروع نظرًا لأن جميع أعضائها من أبناء قطر الذين يعلمون جيدًا طبيعة البلد أكثر من أي خبرات هندسية أخرى . وأكد أعضاء من الجمعية أن أسباب أخطاء المشروعات الخدمية كثيرة وإن كان أبرزها هو إدارة المشروع نفسه مرورًا بالتصاميم والتخطيط وصولًا إلى التشغيل والصيانة. في البداية أكد المهندس أحمد الجولو رئيس مجلس إدارة جمعية المهندسين القطرية أن الأخطاء الرئيسية في المشروعات الخدمية تحدث نتيجة لأخطاء في التصاميم وسوء التخطيط الذي يؤدي لاختيار المقاول غير المناسب وكذلك الاستشاري عديم الخبرة، حتى لو كان ذلك الاستشاري أو المقاول له اسم عالمي فهذا لا يكفي ولكن ما يكفي هو مدى العلم بطبيعة البلد من حيث الطقس والمناخ المتلقب وعدد السكان المتغير والكثافة السكانية في مناطق المشروع مثلاً وغيرها من التفاصيل الأخرى التي يكون المهندس المحلي على علم تام بها جيدًا دون الانتظار للاطلاع على بيانات رسمية تقدّم له ليقوم بدراستها والعمل طبقًا لها. وأضاف: هناك أمور مهمة أيضًا يجب أن تكون متوافرة في أي مشروع حتى نتجنّب ما حدث في 22 فبراير وأنفاق سلوى وطريق دخان ومنها مسألة استلام المشاريع وكيف تتم ومن الجهة التي تقوم بذلك وعلى أي أساس وهل تقوم بتجربة عملية أم تتسلّم المشروع علي الورق؟، أمور كثيرة يجب أن تكون في الاعتبار لتلافي أخطاء الماضي في المشروعات المستقبلية، فلا شك أن ما حدث مؤخرًا في أنفاق سلوى يلقي بمزيد من القلق حول إمكانية تكراره مرة أخرى، ولكن لابد من التعلّم من أخطاء الماضي، فطريق سلوى في حد ذاته ممتاز ورائع التصميم، وخفّف الكثير من معاناة المواطنين في الزحام المروري، ولكن ما حدث ألقى بالمزيد من الشكوك عليه. إشراك جمعية المهندسين من جانبه، طالب المهندس محمد إبراهيم نائب رئيس جمعية المهندسين القطرية الجهات المعنية بتنفيذ الطرق، بضرورة العمل على إشراك جمعية المهندسين القطرية في إبداء الرأي وطرح توصياتها الخاصة بتنفيذ أي مشروع خدمي، مؤكدًا أن الجمعية تضم كوادر وكفاءات محلية ممتازة وعلى أعلى مستوى من العلم والخبرة. وقال: ما المانع أن تقدّم لنا "أشغال" مثلاً المشروع الذي سيتم تنفيذه مستقبلاً لإبداء الرأي فيه وتقديم النصائح والتوصيات الخاصة به وعدم الاكتفاء بالمكتب الاستشاري الذي يقوم بالتصميم والتخطيط علمًا بأن ذلك المكتب قد يكون مفتقدًا للخبرة الأساسية التي تمكّنه من أداء مهمته بنجاح. وأضاف: أرى أن السبب الرئيسي فيما يحدث في العديد من المشروعات الخدمية مثل ما حدث في أنفاق سلوى هو "إدارة المشروعات" فهي السبب الرئيسي فيما يحدث لأنها تفتقد الخبرة، فالمقاول والمكتب الاستشاري ليس لهما ذنب ولكن الذنب الرئيسي يكمن في من يوكل إليه العمل وهو "إدارة المشروعات" التي إذا كانت تتمتع بالخبرة والتميز فإنها ستختار المصمّم الجيد وتناقش التصميم وتبحث فيه قدر المستطاع للوقوف على أي أخطاء من الممكن أن تحدث وتقوم أيضًا بإسناده لمقاول جيد يقوم بالتنفيذ المناسب تحت إشراف هذه الإدارة. وأضاف: هناك أمر مهم آخر وهو كيفية استلام المشروعات، فلابد من تحري الدقة تمامًا في هذه المرحلة لأنها المرحلة الأخيرة للمشروع الذي يدخل بعدها في إطار العمل والتشغيل، وبالتالي فلابد من التدقيق من إدارة المشروعات أيضًا لأنها هي التي تقوم بهذه الخطوة. وأشار إلى أن طريق سلوى مثل يحتذى في تنفيذ الطرق الجيدة من حيث السعة وشوارع الخدمات على الجانبين ولكن ما حدث مؤخرًا من تجمّع المياه في أحد أنفاقه يثير التساؤل عن كيفية حدوث مثل هذا الخطأ غير المبرّر في مشروع عملاق بحجم طريق سلوى؟. ظهور العيوب وقال المهندس خالد أحمد النصر، عضو مجلس إدارة جمعية المهندسين القطرية: أخطاء المشروعات الخدمية تتوقف في الأساس علي التصميم من البداية لأنه يعتبر العمود الفقري لأي مشروع فما حدث مثلاً في طريق سلوى يؤكد أن التصميم لم يأخذ في الاعتبار إمكانية حدوث أمطار غزيرة بهذا القدر الكبير وهو ما يجعل التساؤلات تكثر حول مدى الرقابة والمراجعة الدقيقة للتصاميم التي تتم للمشروعات الخدمية لمثل هذه المشروعات الكبرى. وأوضح أنه لا يعقل أبدًا أن يتم عمل خزّانات تحت الأرض لاستيعاب المياه الزائدة عن الحد وعدم البدء مباشرة في تنفيذ شبكة كاملة تقوم بتصريف المياه حتى وإن كان هذا الأمر مؤقتًا، موضحًا أنه لا يعتقد أنه من المنطقي أن يتم عمل جسور وأنفاق في منطقة ما وتكون شبكة الصرف بها مؤقتة، فالجسور والأنفاق مستدامة وليست مؤقتة، كما يقول البعض أنه لن يتم العمل بالمنطقة ثانيًا إلا من خلال الصيانة فقط. وأشار إلى أن مشكلة ظهور عيوب بالمشروعات الخدمية لا تعني خطأ المقاول المنفذ، فهذه الجهة تقوم بتنفيذ تصميم تم تقديمه لها ومن ثم فالمسؤول الأول المصمّم ومن قام بالإشراف على التنفيذ ومن ثم فلا يجب أن نهدر مجهودات كبيرة في مشروعات عملاقة مثل طريق سلوى في أخطاء مثل هذه بل يجب أن نكون على وعي تام بأن أي خطأ ولو كان بسيطًا في المراحل الأولى لن يتم تعديله بعد ذلك بسهولة فقد يكون الإنشاء في الأساس أفضل وأسهل من التصليح والصيانة فيما بعد. العمر الافتراضي وقال المهندس محمد النعيمي عضو مجلس إدارة جمعية المهندسين القطرية: المشروعات الخدمية الكثيرة التي يتم تنفيذها في جميع أنحاء الدولة يجب أن تتم بدقة كبيرة لأنها تخدم أجيالاً كثيرة وليست لمدة قصيرة محدّدة فقط. وأشار إلى أنه قد تحدث أخطاء في هذه المشروعات وذلك لعدة أسباب منها ضعف التنسيق بين الجهات الخدمية ما يتسبّب في عدم وجود معلومات كافيه ليتم بناء عليها وضع تخطيط سليم، بالإضافة إلى ضعف المتابعة من قبل مدير المشروع في تنفيذ المشروع بالموقع وهو ما يتسبّب بمنتج له جوده أقل مما هو مخطط له ويترتب عليه أعباء مالية كبيرة من أجل تصحيح الوضع بعد ذلك. وتابع: يجب أن تكون هناك مراجعة شاملة لما تم تنفيذه في المشروع ومراجعة مواصفات التنفيذ من قبل مهندسين ذوي خبرة بعيدًا عن المهندس المشرف على المشروع وذلك قبل اعتماد استلامه، كما أن عدم وجود خطط دورية مجدولة لصيانة هذه المشاريع بصفة مستمرة يتسبب بقصر العمر الافتراضي لها. وأوضح أنه يجب أن تكون هناك خطط معدة سلفاً للتعامل مع أي أحداث طارئة كالأمطار والانهيارات الأرضية وغيرها بهذه المشاريع وذلك بالتنسيق مع جميع الجهات ذات العلاقة والعمل على تحديث هذه الخطط باستمرار. غياب الصيانة وقال المهندس عبدالله يوسف فخرو عضو مجلس إدارة جمعية المهندسين القطرية: أعتقد أن سبب المشكلة الرئيسية في ظهور العيوب بالمشروعات الخدمية هو غياب الصيانة اللازمة لهذه المشروعات، فعلي الأقل لابد من صيانة دورية كل 6 أشهر تهتم بفحص المناهيل والأنابيب التي تتكون منها شبكة تصريف الأمطار والصرف الصحي في أي مشروع. وأضاف: يجب أن تهتم الجهات المنفذة وعلى رأسها "أشغال" بأن تطلب المشورة من الخبراء المحليين بجمعية المهندسين، ولعل ما يثير الاستغراب مثلاً هو أن جمعية المهندسين كانت قد عقدت ندوة عن تصريف الأمطار قبل أن يحدث ما حدث بأنفاق سلوى بأسبوع واحد وللأسف لم يحضرها أحد من أشغال. وقال: الصيانة تأتي في المرتبة الثانية بعد التصميم، فأخطاء التصميم هي الأساس في حدوث أية مشاكل بالمشروعات الخدمية ومن ثم تأتي بعد ذلك الصيانة، فلابد من الدقة في اختيار التصميم حتى لا تظهر بعد ذلك مشاكل تستنزف الكثير من الأموال لعلاجها. جريدة الراية القطرية