الدوحة - الراية: أكد مهندسون وخبراء أن غرق أنفاق سلوي وإصابة حركة المرور بالشلل التام عدة ساعات أمس بسبب عجز شبكة تصريف مياه الأمطار عن العمل يكشف سوء التخطيط والإهمال. وأشاروا إلى أن هيئة أشغال لا تتعلم من أخطاء الماضي، ولذلك يتكرر سيناريو غرق جزء كبير من طريق دخان وشوارع الشيحانية منذ عامين الآن. وطالب الخبراء بمحاسبة المقصرين، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد الشركة المنفذة لإخلالها بالمواصفات المطلوبة. وكشفوا عن أن طريق سلوى الذي تسلمته هيئة أشغال منذ 8 شهور مازال في مرحلة الصيانة مما يتيح لها الرجوع إلى الشركة المنفذة وتحميلها مسؤولية إصلاح تلك العيوب واستكمال المراحل المشروع والخاصة بشبكة تصريف المياه. وأكدوا أن عجز شبكة مياه تصريف الأمطار لم ينحصر فقط على طريق سلوى، لافتين إلى أن معظم الشوارع الرئيسية والداخلية شهدت أمس تجمعات كبيرة من المياه، وتسببت في عرقلة حركة المرور. وقال المهندس أحمد الجولو رئيس جمعية المهندسين القطرية: ما حدث بالطريق يؤكد أن أشغال لا تتعلم من أخطائها فقد حدث قبل عدة أشهر نفس الحادث تقريباً في طريق دخان والشيحانية وتجمعت مياه الأمطار بشكل غزير وتم فتح تحقيق في الموضوع وتم إلزام المقاول المنفذ - حسب بيان أشغال آنذاك بالإصلاح- وهو ما يجعل التساؤلات تزداد لماذا هذا الإهمال وهذا التكرار في نفس الخطأ؟ وأشار إلى أن طريق سلوى تم تسلمه من الشركة المنفذة في يوليو الماضي وكل المشروعات لها فترة ضمان أو صيانة تبلغ 400 يوم وبالتالي فإنه يجب أن يتحمل المقاول المنفذ إصلاح هذا الخطأ الذي يبدو أنه جاء نتيجة عطل في شبكة تصريف الأمطار فلا يعقل أن يكون هذا الطريق ليس به شبكة لتصريف الأمطار ولكن الأقرب للواقع هو أن الشبكة تعطلت. وأشار إلى أن حدوث مثل هذه الأخطاء في مشروعات عملاقة حديثة تثير التساؤلات وتجعل هناك ضرورة للحساب والمساءلة، فما حدث مأساة يعجز الكلام عن وصفها، فأين الخبراء وأين مكاتب الاستشارات الهندسية العالمية وشركات المقاولات العالمية التي تنفذ هذه المشروعات لينتج لنا في النهاية هذا المردود السيئ وما هو دورهم بالضبط؟. غياب التخطيط وأوضح الجولو أن جمعية المهندسين عقدت قبل أسبوع ورشة عمل حول تصريف مياه الأمطار والسيول بدول مجلس التعاون الخليجي، وشهدت عرض العديد من أوراق العمل التي تعرضت للمشكلة من كافة جوانبها، حيث ناقشت أنظمة الصرف في شبكات الأمطار ومعايير التصميم، مشيرا إلى أنه لا توجد حتى الآن حلول ناجعة لحل هذه الإشكالية التي تتسبب في العديد من الهدر بجميع أشكاله، فهطول الأمطار على دولة قطر يتسبب في الكثير من المشاكل على مر السنين، ومن الممكن منها من حيث زيادة المخزون المائي وتحقيق الاستفادة الكاملة من هذه الأمطار، ولكن بسبب غياب الخطط والبرامج تذهب هذه الأمطار هدرا ونتيجة لهطول الأمطار. وقال الجولو: المشاكل التي تتسبب فيها مياه الأمطار للطرق والجسور والمنشآت الأفقية كثيرة بدءًا من الازدحام المروري والحوادث وتدهور الطبقات الأسفلتية وأساس الطريق وصولا لتسرب مياه الأمطار في الجدران المساندة للطرق والجسور وتجمع الأمطار داخل الأنفاق وهو ما حدث بالفعل بالأمس في أحد أنفاق سلوي. وأكد الجولو أن ما حدث بالأمس في طريق سلوي ليس له إلا سبب واحد وهو غياب التخطيط والتصميم السليم، وقلة الاستعانة بالمعلومات المتعلقة بهطول الأمطار من الجهات المعنية، وعدم وجود شبكة صرف أمطار وانسداد مناهيل صرف الأمطار وعدم تنظيفها، وعدم قدرة مناهيل الصرف والخزانات الأرضية في استيعاب كمية الأمطار، وقلة خبرة بعض المكاتب الاستشارية الهندسية وكذلك بالنسبة لشركات المقاولات في هذا المجال. وطالب الجولو بضرورة الاستعانة ببيوت خبرة هندسية متخصصة، والاستعانة بشركات مقاولات ذات باع طويل في هذا المجال، وإشراك أجهزة الدولة المتوفر لديها المعلومات بشأن الأمطار، والاستعداد التام لفصل الشتاء من حيث التخطيط وآلية العمل، وتنظيف المناهيل من الأتربة والمخلفات الأخرى، وتنفيذ شبكة صرف أمطار متقدمة، والتأكد من أن أنظمة عزل الأمطار تعمل بصورة جيدة. كوادر هندسية وقالت المهندسة بدرية كافود: لو راجعنا العقود التي أبرمتها أشغال مع الجهات المنفذة سنجد أن هناك شرطاً ينص على ضرورة إنشاء شبكة لتصريف مياه الأمطار، ولكن ما حدث يجعلنا نتساءل: كيف تم تنفيذ هذا الطريق بهذا الشكل وكيف تم استلامه من الجهة المنفذة. وأشارت إلى أن عدم الاعتماد على كوادر هندسية قطرية يتسبب في الكثير من هذه المشاكل لأن أهل البلد أعلم بها من غيرهم ولا أقول إنه لا يجب الاستعانة بخبرات أجنبية ولكن لابد أن يكون هناك من أبناء البلد من يعلمون طبيعتها جيدا وظروفها المناخية والتغيرات الجوية وبالتالي التخطيط بما يتناسب مع هذه المتغيرات لأنه مهما كانت المعلومات متاحة للخبير الأجنبي فإنه لا يدرك واقع الدولة بالفعل مثلما يفهمها المهندس القطري. وتابعت: المهندسون القطريون أصحاب الخبرات تركوا أشغال والبلدية ومازال أمام المهندسين القطريين الشباب الوقت لاكتساب الخبرات، فمعظمهم حديثو التخرج وكان من المفترض بناء صف ثان من المهندسين القطريين قبل خروج الصف الأول لأن وجود العنصر الوطني مهم جداً في مشروعات البنية التحتية والمشروعات الاستراتيجية فهو أحرص الناس على التصميم والتنفيذ مع كامل احترامنا الشديد للمهندسين الحاليين المقيمين. وأضافت: ما حدث في أحد أنفاق سلوي بالأمس يؤكد أنه لا أحد يراقب التنفيذ بدقة كما ينبغي وإذا كان حدث غير ذلك فما تفسير ما حدث؟ وأين شعار "قطر تستحق الأفضل" فيما حدث فقد ثبت أنه مجرد كلام على ورق وليس أكثر ومثل هذا الإهمال يجسد بشكل كبير مدى الإهمال وعدم الاكتراث بتنفيذ مثل هذه المشروعات العملاقة في البنية التحتية التي تحتاجها الدولة وتنفق عليها الملايين. وقال المهندس محمد النعيمي عضو مجلس إدارة جمعية المهندسين القطرية: ما حدث لا يجعل أي شخص يطمئن أن هناك شبكة لتصريف الأمطار قد تم إنشاؤها في الطريق وإذا كان ذلك قد حدث فأين هي مما حدث بالأمس وخاصة أن الطريق من المشروعات الجديدة التي من الطبيعي أن تكون الشبكة بها على أعلى مستوى. وأضاف: أرى أن شبكة الصرف الصحي بحاجة إلى إسناد صيانتها لشركات متخصصة في ذلك أو أن تقوم هيئة الأشغال العامة بعمل خطة صيانة ربع سنوية لصيانة الشبكة كما أنه من المفترض أن تُشارك الجهات الخدمية الأخري في وضع خطة طوارئ شاملة لإنقاذ الموقف كإدارة المرور ولجان تصريف مياه الأمطار، فقد تكون الشبكة موجودة بالفعل أو متوفرة بالموقع ولكن من الواضح أن هناك إخفاقا في صيانتها. وأوضح: أن ما حدث يؤكد أن شبكة تصريف الأمطار بالطريق غير مكتملة ومن ثم فقد كان لابد من توفير الحلول البديلة وأن تكون الجهات الخدمية الأخري مطلعة على هذه الأمور حتى يكونوا على أتم جاهزية للعمل في مثل هذه الظروف. أخطاء الماضي وقال المهندس مشعل الدهنيم : لا شك أن كل من يستخدم شارع سلوي يشعر بمدى الجهد والمشقة التي بذلت لكي يخرج بهذه الصورة الجيدة ولكن حدوث هذا التجمع من مياه الأمطار بهذه الطريقة يؤكد أن هناك خللا ما قد حدث ويجب البحث والتحقيق فيه حتى لا يتكرر. وتابع: ما حدث في أحد أنفاق سلوى يرجع إلى أحد سببين إما حدوث انسداد في مجاري المياه بالنفق أو حدوث تعطل للمضخات المسؤولة عن شفط المياه حتى لا يحدث هذا المشهد المؤسف، ويجب أن تتم محاسبة المقاول المنفذ لهذه الشبكة والبحث عن السبب الرئيسي لهذه المشكلة فالمشروع لا يزال في فترة الصيانة. وأوضح أن ما حدث أصابنا بالمفاجأة نتيجة لعدم التعلم من أخطاء الماضي فقد تكرر هذا الأمر في طريق دخان والشيحانية وكان لابد الحرص على ألا يتكرر هذا الخطأ الذي يجعل من مشروع عظيم يتحول إلى كابوس. جريدة الراية القطرية