حسب الاتفاق المنعقد بين الولاياتالمتحدة الأميركية ومنظمة الأممالمتحدة، فإن الأولى ملزمة بمنح تأشيرات دخول لجميع أعضاء هذه المنظمة لحضورهم في مقر الأممالمتحدة، وبالتالي فإن حكومة واشنطن وكذلك مجلس الشيوخ لا يحق لهما التدخل في تعيين ممثلي سائر البلدان. طهران (فارس) بعد انتهاء الفترة المحددة لعضوية السيد محمد خزاعي في تمثيل الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمنظمة الأممالمتحدة تم تعيين السيد حميد أبو طالبي سفيراً دائماً في هذه المنظمة، ولكن أشيعت أخبار حول مشاركته في احتلال السفارة الأميركية بطهران (وكر التجسس) بعد انتصار الثورة الإسلامية في عام 1977م، ما أثار ضجة بين وسائل الإعلام الغربية. ورغم أن السيد أبو طالبي كان سفيراً لإيران في عدة بلدان أوروبية، إلا أن تواجده في نيويورك قد أدى إلى حصول جدل؛ فبعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي المعادين للجمهورية الإسلامية وبمن فيهم تشارلز تشومر وجون مكين وتيد كروز وروبرت مينندز قد شنو هجوماً لاذعاً على حكومة أوباما، وطالبوا البيت الأبيض ووزارة الخارجية بعدم منحه تأشيرة دخول إلى الولاياتالمتحدة. وعلى هذا الأساس أصدر مجلس الشيوخ قبل يومين قراراً شفهياً متفق عليه من قبل جميع الأعضاء ينص على عدم السماح للسفير الإيراني الجديد بدخول الأراضي الأمريكية بسبب مشاركته في احتلال سفارة واشنطن في طهران عام 1977م. وتجدر الإشارة إلى أن هذا القرار لم يتضمن ذكر اسم السفير الإيراني الجديد وأوكل اتخاذ القرار النهائي لوزارة الخارجية الأميركية. والسيناتور الأميركي تيد كروز الذي يعد أحد أبرز المخططين لاتخاذ هذا القرار قد صرح من جانبه بأن حميد أبو طالبي قد ساهم في احتلال السفارة الأميركية سنة 1977م، لذا لا يمكنه دخول الأراضي الأميركية. وهذه المقترحات غير المهنية يروج لها اليوم بعد أن شهدت العلاقات الأميركية الإيرانية انقطاعاً منذ انتصار الثورة الإسلامية، حيث لم تشهد العلاقات الدبلوماسية أي انتعاش منذ تلك الآونة، بحيث إن حضور الدبلوماسيين الإيرانيين في واشنطن ليس إلا لأجل منظمة الأممالمتحدة ولا صلة لذلك بالعلاقات الثنائية بتاتاً ومن هذا المنطلق فإن البيت الأبيض ومجلس الشيوخ الأميركي لا يمتلكان أي حق في تعيين من هو قادر على تمثيل الجمهورية الإسلامية لدى منظمة الأممالمتحدة. الحقيقة أن وسائل إعلام واشنطن والغرب تستهدف من وراء هذه الزوبعة الإعلامية طرح قضية الرهائن الأمريكان في طهران إبان انتصار الثورة الإسلامية بغية إثارة الرأي العام وتأليبه ضد الجمهورية الإسلامية والايحاء بأنها مقصرة في تلك الأحداث التي عفا عليها الدهر في حين أن الجمهورية الإسلامية تعتبر أن اغلاق السفارة الأميركية آنذاك قد كان نقطة تحول أفرزته الثورة الإسلامية، وبالتالي فإن احتلال هذه السفارة قد تمخض عن السياسات الخاطئة للمسؤولين الأمريكان آنذاك. بعد الحرب العالمية الثانية، فإن الولاياتالمتحدة قد عقدت اتفاقية مع منظمة الأممالمتحدة تنص على إلزامها بمنح تأشيرات دخول لجميع الدبلوماسيين الذين يمثلون بلدانهم في هذه المنظمة، لذا فإن رفضها لمنح هذه التأشيرات يعتبر نقضاً للاتفاقيات الدولية الملزمة لها وبالطبع فإن عدم منح أبو طالبي تأشيرة دخول ستكون له نتائج وخيمة على واشنطن لأنه يمس مصداقيتها. وقد قامت واشنطن سابقاً باتخاذ اجراءات مماثلة، حيث لم تلتزم بالمواثيق الدولية وهذا الأمر إنما يدل على نفاقها السياسي وعدم اكتراثها بالقرارات والمواثيق الدولية. ومن المؤسف أن منظمة الأممالمتحدة قد اتخذت موقفاً انفعالياً إزاء هذا الأمر فقد صرح الناطق الرسمي باسم هذه المنظمة "فرحان حق" بأن هذا الموضوع يرتبط بالعلاقات الثنائية بين طهرانوواشنطن ولا صلة للأمم المتحدة بذلك! لكن يرد على الناطق الرسمي لمنظمة الأممالمتحدة بأن هذا الموضوع ثنائي، لكنه بين طهران ومنظمة الأممالمتحدة ولا صلة لواشنطن به، لذلك على هذه المنظمة أداء مهامها والتدخل لردع البيت الأبيض من اتخاذ قرار غير صائب ضد الجمهورية الإسلامية. وليس من الغريب صدور هكذا موقف من قبل مسؤولي منظمة الأممالمتحدة، لأنهم طالما خالفوا التزاماتهم وتعرضوا لمصالح إيران إبان العقود الثلاثة الماضية مرارا وتكراراً ولا سيما أيام الحرب المفروضة من قبل النظام البعثي البائد. الخارجية الأمريكية لحد الآن لم تتخذ أي قرار نهائي بهذا الصدد والتزمت جانب الصمت ولربما هدف الأميركان من ذلك هو التأثير على مسير المحادثات النووية. بقلم: مهدي محمودي وكالة انباء فارس