محمود نجم «الوطن العربى يخضع لتغيير سريع، فالخدمات المالية فى الدول العربية قد لا تكون دائما واضحة ولكنها تبدو أكثر تشويقا مما هو فى الغرب» بملحق خاص أصدرته جريدة الفينانشيال تايمز البريطانية عن التمويل والبنوك فى الوطن العربى، حيث ذكرت الجريدة أن خروج المؤسسات المالية الأجنبية بهذا الشكل يُظهر حجم المفاجأة من التطورات التى حدثت فى العامين الماضيين، حيث كان على البنوك الغربية أن تختار بين تحمل الاضطراب السياسى فى المنطقة العربية، أو الاهتمام بتوليد رأس المال الكافى لمواجهة الأزمة المالية الدولية، وكان القرار الأفضل هو التخلص من مصالحها فى أراضى العرب، «لقد شهدنا تحولا كان ضروريا من البنوك الغربية إلى البنوك المحلية والآسيوية ومالية الحكومة»، وفقا لفاروق سوسة، كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط لسيتى جروب، البنك الأمريكى، وأضاف سوسة «نتوقع أن نرى استمرار دخول بنوك آسيوية للسوق، وأيضا التوسع فى قطاع البنوك المحلية»، وهذا ما يؤكده الواقع المصرفى فى دول الربيع العربى، فبنك سوسيتيه جنرال الفرنسى أنهى بيع حصة الأغلبية التى يملكها فى البنك الاهلى سوسيتيه جنرال لبنك قطر الوطنى بحوالى 2.6 مليار دولار، ومن المتوقع أن تخفض بى إن باريبا من نشاطها فى التجزئة المصرفية بقيمة تتراوح بين 400 و500 مليون دولار. وفى ليبيا، حيث كان هناك عدد قليل من المؤسسات المصرفية الغربية التى كانت تعمل فى اقتصاد يسيطر عليه معمر القذافى، إلا أن الإطاحة به وفرت فرصا جديدة للبنوك، فاشترى بنك قطر الوطنى حصة 49% فى بنك التجارة والتنمية، وهو واحد من أكبر البنوك الخاصة فى ليبيا، فى حين استحوذت شركة أرقام كابيتال على شركة الرشاد للاستشارات المالية والإدارية الليبية، كما يتوقع العديد من المحللين المزيد من الهزات فى القطاع المالى نتيجة زيادة المنافسة التى تتبع انهيار الأنظمة الاستبدادية والمحسوبية، مما سيضطر البنوك للبقاء والمنافسة فى السوق، وأكثر الدول المرشحة لذلك هى تونس، حيث أكثر من 20 بنكا تخدم سكان الدولة الأكثر قليلا من العشرة ملايين، ولديها مشاكل كبيرة مع قروض غير مدفوعة. وترى الفاينانشيال تايمز أن «فيضانات أموال النفط جعلت العديد من دول ومؤسسات الخليج غنية برأس المال، لكنها مثل منافسيها عليها أن تدرك طبيعة التغيرات السياسية والقوى السياسية التى سيطرت فى المنطقة خلال العامين الماضيين، وقد خلقت هذه التغيرات بالفعل متاعب للشركات الخاصة التى تكافح فى بعض الأحيان لبيع المعادن التى قامت باستخراجها وفقا لاستثمارات كانت قد بدأتها قبل ثورات الربيع العربى وكان من المنتظر أن تجنى الأرباح الآن، وتقول الفاينانشيال «إن على البنوك أن تتعرف على الاتجاه السياسى الواضح فى شمال أفريقيا، فخلال ثمانية أشهر استثنائية فى 2011، سقط 3 رؤساء دول من أصل خمسة».