واقع النظافة لدينا لم يصل قريبًا ممّا أنفق عليه من أموال، فمستواه حتى الآن لا يحقق طموح الدولة، وبالتالي طموح كل مواطن أن يشاهد مستوى نظافة يرقى ويتطور، وليس العكس، فما يحصل الآن من ضعف في مستوى النظافة إلاّ في الأماكن الراقية، وهي قليلة إذا قيست بمتوسطة التطور، أو الشعبية، أو حتى العشوائية، فهي مهملة من حيث نظافتها وواقعها يشهد بذلك، من تكدس القمائم وتأخر المتعهد في رفعها، فانتشرت الروائح الكريهة، ووجود الذباب والبعوض والفئران، وبالتالي الأمراض الناتجة عنها، أضف إلى ذلك ازدياد عدد من يعبث بها من القطط والكلاب الضالة، وبعض الآدميين ممّن يبحثون عن أشياء داخلها من مخالفي نظامي الإقامة والعمل، وهذا أمر مشاهد طوال اليوم وعلى مدار العام، والأدهى من ذلك أن عمال النظافة أنفسهم حولوا تلك الحاويات من أماكن عمل إلى أماكن غنائم، واهتموا بهذا الأمر وجعلوه أساس عملهم، أمّا جمع ورفع تلك القمائم أصبح أمرًا ثانويًّا، فعندما تأتي سيارات النظافة والتي كل طاقمها من جنسية آسيوية واحدة -يعني غطي عليّ وأغطي عليك والغنائم تقسم بيننا- والمشرف السعودي في المكتب لا يحضر إلاّ إذا حصلت مشكلة وتوسعت، ومعظمنا مطلع على ذلك، وربما أكثر ولكن كعادتنا لسان حالنا ومقالنا "ربك يصلح الحال". ما يلاحظ على سيارات النظافة نفسها أنها غير نظيفة من الخارج ورائحتها كريهة جدًّا، وغير مغطاة من الخلف وكثير من أسطحها وجوانبها استخدمت أماكن لما جمع من غنائم إمّا تعليقًا على الجوانب، أو وضعًا على الأسطح، فعمال النظافة عندما يأتون لتفريغ الحاوية فما يفرغ في خمس أو عشر دقائق يمكثون فيه نصف ساعة، حيث يقومون بنبش وفك الأكياس والكراتين، وكل شيء مربوط أو مغلق، ويفرغون كل ذلك في الحاوية مباشرة، ويأخذون تلك الأكياس ويضعون فيها ما جمعوه من غنائم، إضافة إلى ذلك ما ضيعوا من الوقت، وسقط من بعض تلك القمائم على الأرض، وازدادت رائحتها الكريهة في المكان من الفك والنبش والتفريغ، بعد كل ذلك يقلبون الحاوية داخل السيارة، ويذهبون دون اهتمام منهم بكل ما فعلوا، وتترك الحاوية كيفما اتفق، ولا يجمع ما سقط في الأرض إلاّ إن كان به ما يغنم فيؤخذ، أمّا ما سواه فلا يهتم به، فهؤلاء العمال علموا أنه لا رقيب ولا حسيب، المهم جمعوا الغنائم من القمائم، والله المستعان. صحيفة المدينة