فيصل الصوفي السلف في لغة العرب هم المتقدمون من الآباء والأجداد، والسلف الصالح هم الصدر الأول من التابعين، والسلفية – المذهب - يعتبرون أن كل شيء قد بدأ وأكتمل في عصر الخلافة الراشدة والسلف الصالح، وما جاء بعده بدع أباطيل وضلالات، وإذاً فالإسلام الصحيح هو ما كان عليه ذلك السلف. وفي لغة العرب أيضا، يسمى المتقدم في السير سلفاً.. لكن معظمنا -نحن العرب والمسلمين- لا نهتم لهذا المعنى الأخير، لا نفكر كثيرا في التقدم، من خلال الإبداع في الحاضر وللمستقبل، بل نعيش على الماضي، ونحن أقل من يتعظ بعبره.. حاضرنا ومستقبلنا خلفنا، حيث كان الذين سبقونا.. وهذا ليس مقتصرا على الجانب الديني، أو المذهبي، بل سلفيون في كل المجالات، وليس نحن فقط، بل الذين سبقونا في مختلف العصور كانوا سلفيين، يتغنون بالماضي، ويحنون إليه، ويتمنون لو يرجع.. كان الشاعر العربي يستهل قصيدة الشعر الرفيعة بالوقوف على الأطلال، وذكر الأيام الخوالي، والفخر بمآثر الأولين، وكان مشركو مكة يقولون سنبقى على ما كان عليه آباؤنا، ومحمد أتى بحديد ليس من معهودنا.. وفي أيامنا هذه تسمع من الناس كلاما مثل: الزمان لا يأتي بأفضل.. يرحم الله الإمام، كان الأمن مستتب، والنظام يقص المسمار.. زمان كانت عشر بيضات بروبية، وأجرة الشاقي شلن.. وزمان لما كان الريال ريال.. زمان كان الواحد يروح السوق وفي جيبه ريال، ومنه يشتري السكر والسمن والثوم والبسباس والوزف.. زمان كانت المدرسة مدرسة، وكان الولد يجيد الكتابة، ويقرأ من كتاب، وهو في صف أول، زمان كان المعلم معلم.. وهكذا.. ويصل الشغف بالماضي، حدا لا يصدق، لدرجة تمني كسر قوانين الكون من أجل ذلك الماضي، قولهم: ليت أيام زمان ترجع.. وهذه خرافة لأن الأيام تمضي ولا تعود، والزمن لا يسترجع، أو لا يعود إلى الوراء.. أو مثل قولة الشاعر العربي، التي صارت من مقرر المحفوظات في المدارس: ليت الشباب يعود يوما.. وهذه أيضا خرافة، لأن الشيخ لا يعود له شبابه.. هذه ضروب من السلفية، التي يتعايش معها كثير من الناس الذين يحنون إلى الماضي، ويستجرون مقولاته، ويتمنون عودته رغم أن ما هم عليه اليوم هو الأفضل.. والسلفية الدينية هي مثل هؤلاء البسطاء- الماضي هو العظيم، ويجب العودة إليه، أو استعادته، رغم أن هذه السلفية من الناحية المادية، تعيش العصر، وتستخدم أحدث مبتكراته من الأجهزة والسيارات والأثاث وغير ذلك. براقش نت