قال فضيلة الشيخ أحمد البوعينين إن وجود الأسرة هو امتداد للحياة البشرية وسر البقاء الإنساني لافتا إلى أن كل إنسان يميل بفطرته أن يظفر ببيت وزوجه وزرية. وأشار إلى أنه لما كانت الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع لكونها رابطة رفيعة المستوى محدودة الغاية فقد رعتها جميع الأديان غير أن الإسلام يتميز برعايته الكبرى لها. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس إن الاهتمام بالأسرة من القضايا العالمية التي زاد الحديث حولها لاسيما في العصر الحالي نتيجة للتفكك الأسري الذي أصبح من سمات هذا العصر وما يعتريه من صعوبة الحياة واللهث وراء كسب لقمة العيش. ونوه إلى أهمية دور الأسرة وضرورة تضافر جهودها مع جهود أهل العلم والدعاة والتربويين والإعلاميين للمحافظة على البناء المتماسك لها والهادف إلى بناء الأسرة الصالحة في المجتمع. وقال إن المولى تبارك وتعالى ذكر في كتابه العزيز الأزواج والبنين والحفدة بمعنى الأسرة، قال تعالى "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ". وجاء في تفسير السعدي لهذه الآية:أن الله تبارك وتعالى جعل لهم أزواجاً ليسكنوا إليها وجعل لهم من أزواجهم أولاد تقر بهم أعينهم ويخدمونهم ويقضون حوائجهم وينتفعون بهم من وجوه كثيرة ورزقهم من الطيبات من المأكل والمشارب والنعم الظاهرة التي لا يقدر العباد أن يحصوها. مسؤولية الوالدين في تربية الأولاد يقول المولى عز وجل "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" يبذل الوالدان الغالي والنفيس من أجل تربية أبنائهما وتنشئتهما وتعليمهما ومسؤولية الوالدين في ذلك كبيرة فالأبناء أمانة في أعناق والديهم والتركيز على تربية المنزل أولاً وتربية الأم بالذات في السنوات الأولى. ولفت إلى أن الأبناء قلوبهم طاهرة وجواهر نفيسة خالية من كل نقش وصور وهم قابلون لكل من ينقش عليهم فإن تعودوا على الخير والمعروف نشأوا عليه وسعدوا في الدنيا والآخرة وشاركوا في ثواب والديهم، وإن تعودوا على الشر والباطل وشقوا وهلكوا كان الوزر في رقبة والديهم. وضرب مثالا بالقائد الإسلامي الكبير صلاح الدين الأيوبي قائلا: من يحلل شخصية هذا القائد فإنه سيجد أن سر نجاحه وتميزه هو التربية التي تلقاها في البيت. وقال إن الأسرة عليها أن تقيم سلوك الأبناء ثم يأتي بعد ذلك دور المدرسة والمسجد ثم المجتمع مشيرا إلى أن الأسرة هي الموجه الأول في تعليم الابن القيم والسلوك وخاصة في السنوات الأولى، الأسرة اليوم تركز على الاهتمام بالأولاد فقط بالاهتمام بالطعام والشراب واللباس، وهناك أمر أكبر منه هو التربية السلوك، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". يقول ابن القيم -رحمه الله-:"فمن أهملَ تعليمَ ولدِهِ ما ينفعه، وَتَرَكَهَ سُدى، فقد أَساءَ إليه غايةَ الإساءة، وأكثرُ الأولادِ إِنما جاء فسادُهُم من قِبَلِ الآباءِ وإهمالِهِم لهم، وتركِ تعليمِهِم فرائضَ الدينِ وَسُنَنَه، فأضاعوها صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسِهِم ولم ينفعوا آباءَهُم كِبَارا". وذكر قصة الرجل الذي جاء إلى الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه يشتكي له من عقوق ابنه، فطلب منه عمر: أن يلتقي ابنه، فسأل الخليفة الابن عن سبب عقوقه لوالده، فقال: إن أبي سماني جُعُلاً، ولم يعلمني آية واحدة؛ فقال عمر للرجل: لقد عققت ابنك قبل أن يعقك. وشدد الشيخ البوعينين على أنه ينبغي تزويد الأولاد منذ صغرهم بالعقيدة الصحيحة من خلال تعريفهم بأهمية التوحيد، وعرضه عليهم بأسلوب مبسط يناسب عقولهم. كذلك بعث روح المراقبة لله والخوف منه عبر بيان توحيد الأسماء والصفات، كالسميع والبصير والرحمن، وأثرها في سلوكهم. كما يجب أن نحثهم على إقامة الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: "مروا صبيانكم للصلاة إذا بلغوا سبعا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا، وفرقوا بينهم في المضاجع، وكذلك التحلي بمكارم الأخلاق والآداب العامة". جريدة الراية القطرية