كما كان متوقعا، اعيد انتخاب الرئيس السوري بشار الاسد بغالبية ساحقة لولاية جديدة، في خطوة رأت فيها الصحف السورية اليوم (الخميس) "انتصارا" يمهد لاعادة اعمار البلاد المدمرة جراء النزاع المستمر منذ ثلاثة اعوام. وبعد الانتخابات التي اعتبرت واشنطن ان "لا معنى لها" ورأى فيها الغرب "مهزلة"، قال ناشطون ومعارضون يطالبون بتنحي الاسد، ان بقاءه يعني استمرار النزاع الذي اودى باكثر من 162 الف شخص وهجر الملايين. وبعد اقل من 24 ساعة على اجراء الانتخابات في مناطق سيطرة النظام، اعلن رئيس مجلس الشعب محمد جهاد اللحام مساء الاربعاء ان الاسد نال "10 ملايين و319 الفا و723 صوتا، اي نسبة 88,7 بالمئة من عدد الاصوات الصحيحة". ونال المرشح حسان النوري 4,3 بالمئة، وماهر حجار 3,2 بالمئة، في حين بلغت نسبة الاوراق الملغاة 3,8 بالمئة. واشار اللحام الى ان اكثر من 11 مليون و600 الف ناخب شاركوا في الاقتراع، من اصل نحو 15,8 مليونا يحق لهم ذلك في سوريا وخارجها. وتصدرت صورة الرئيس الاسد الصفحات الاولى لصحف دمشق اليوم. وعنونت صحيفة "الوطن" المقربة من السلطات "... وانتصرت سوريا"، معتبرة ان "الانتصار السياسي اليوم سيليه الانتصار العسكري لتعود سوريا اقوى مما كانت \\ويعود كل السوريين الى ديارهم ليشاركوا في بناء سوريا الجديدة والمتجددة". ورأت صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب الذي يحكم البلاد منذ العام 1963، ان امام السوريين "بعد هذا الاستحقاق التاريخي، عمل وطني عسكري وسياسي ومجتمعي واعماري كبير، وسيقومون بانجازه غير مكترثين كثيرا لقذائف الهاون اليومية التي يطلقها الارهابيون وللتصريحات السياسية الحاقدة التي يطلقها رعاتهم الموتورون"، في اشارة الى داعمي المعارضة من الدول العربية والغربية. وكتبت صحيفة "تشرين" الحكومية من جهتها "اليوم نبدأ معا: الشعب والجيش والقيادة، رحلة سوريا الجديدة التي تحتاج الى جهد كل فرد من ابنائها، والمعركة القادمة معركة اعادة الاعمار والانتقال الى المستقبل". وتلا اعلان النتائج اطلاق نار كثيف ابتهاجا في العديد من المناطق، على رغم قول الاسد في بيان ان "جنودنا البواسل وهم على خطوط النار أولى بكل رصاصة تطلق في الهواء تعبيرا عن الابتهاج". وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان اطلاق النار ادى الى مقتل عشرة اشخاص، سبعة منهم في دمشق وحدها، والباقون في طرطوس واللاذقية (غرب) وحلب (شمال). كما اصيب اكثر من 200 آخرين. واعتبر مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان اطلاق الرصاص ابتهاجا "يدل على ان كتلة المؤيدين للاسد تعتقد انها انتصرت، ولا رغبة لديها في حل سياسي"، مشيرا الى ان العديد من الذين صوتوا قاموا بذلك "بدافع الخوف". وبثت قنوات التلفزة لقطات من احياء العاصمة وبعض المدن الكبرى، اظهرت مواكب سيارة واشخاص يهتفون للاسد ملوحين بالاعلام السورية. واقيمت الانتخابات في مناطق سيطرة النظام التي يقول خبراء انها تضم نحو 60 بالمئة من عدد سكان البلاد التي اندلعت فيها منتصف آذار/مارس 2011، احتجاجات ضد النظام، سرعان ما تحولت بعد اشهر الى نزاع عسكري مع لجوء السلطات الى القوة في قمعها. ومع اعادة انتخاب الاسد، اعاد ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي رفع شعار بداية الاحتجاجات "الشعب يريد اسقاط النظام". وقال ثائر، الذي نشط في مدينة حمص التي كانت تعد "عاصمة الثورة"، لوكالة فرانس برس عبر الانترنت "كل العالم كان يعرف ان الانتخابات ستبقي الاسد في السلطة. هذا يعني للاسف ان المعارك ستتواصل، الدم سيبقى يسيل، واللاجئون سيبقون في المخيمات" في الدول المجاورة. واضاف الناشط المقيم حاليا خارج سوريا "الحقيقة ان كل الناس يريدون حلا سياسيا، الا ان ذلك لن يتحقق طالما ان الاسد في السلطة، وتاليا السوريون سيستمرون في قتل بعضهم البعض". وسبق للمعارضة ان اطلقت صفة "انتخابات الدم" على عملية الاقتراع، قائلة انها تهدف الى منح الاسد "شرعية" و"رخصة لاستمرار القتل". اما الغرب، فرأى فيها "مهزلة"، معتبرا انها "غير شرعية". واعتبرت واشنطن الثلاثاء الانتخابات بانها "عار". وقبل وقت قصير من اعلان النتائج، قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري من بيروت ان الانتخابات "ليست انتخابات. هي عبارة عن صفر كبير. لا معنى لها، اذ لا يمكن ان تكون هناك انتخابات عندما يكون هناك ملايين من الشعب غير قادرين على التصويت ولا يملكون القدرة على الاعتراض، ولا يملكون الخيار". ودعا في زيارته الخاطفة الى العاصمة اللبنانية، حلفاء النظام روسيا وايران وحزب الله اللبناني الى "بذل جهد حقيقي" لوضع حد للنزاع. كما دعا الاتحاد الاوروبي النظام السوري الاربعاء الى اجراء "مفاوضات سياسية حقيقية"، معتبرا ان الانتخابات "غير شرعية"، و"تسيء الى الجهود السياسية المبذولة لايجاد حل لهذا النزاع المريع". وتتواصل اعمال العنف في الميدان السوري، والتي باتت تتشعب بين قصف عنيف من النظام، ومعارك مع مقاتلي المعارضة، ومعارك بين تشكيلات معارضة والعناصر الجهاديين، وبينهم العديد من الاجانب. ومساء الاربعاء، اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان "اكثر من ثلاثين مواطنا فرنسيا" غادروا للقتال في سوريا، قتلوا هناك. البيان الاماراتية