((عدن حرة)) عدن : الثلاثاء 2014-06-10 23:59:20 . يا حجة فطوم تعتبر السنوات 1950 – 1960 هي السنوات الذهبية في تاريخ عدن – إنها 10 سنوات تاريخية ، فقد تطورت عدن تطورا كبيرآ، وهذا ما كان يعكس ليس ما يجري في عدن بل ما يجري في امريكا والغرب ، وكانت عدن البلد الوحيد في الجزيرة العربية من تفاعل مع ثورة الشباب في الغرب ، كان الفيس بريسلي في منصف الخمسينيات نجم شباب العالم ، ووصلت أفلام الفيس بريسلي إلى عدن وكانت تعرض في سينما شيناز ، وبدأ الشباب في عدن في تقليد الفيس برسيلي في ملابسه ورقصاته ، ثم في الستينيات جاءت ثورة فريق البيتلز الغنائية البريطانية كنا نذهب إلى محل بيكاجي قهوجي في التواهي لشراء أسطوانات أغاني الفيس الجديدة والبيتلز وكليف ريتشارد وتوم جونز– كانت اسطوانات من الحجم الصغير 45 RPM البلاستكية الخفيفة وأختفت الأسطوانات الشمعية الثقيلة الكبيرة ، كنت أشعر بالذهول من فخامة مستودع بيكاجي قهوجي ، والفتيات الفارسيات الجميلات يبيعوا الأسطوانات ويوزعوا البسمات الحالمة وذلك ما كان يذغدغ عواطفنا ومشاعرنا ونحن نودع زمن الطفولة ونستقبل فترة الشباب . كانت هناك قواطع خشيبة وفيها آله توضع فيها الأسطوانة مع سماعات الأذن لسماع الأغنية لوحدك ، كانت هذه الآله أول آلة في الجزيرة العربية والشرق – قمة في الحضارة والتكنولوجيا الذي واكبته عدن ، كنا ننظر بذهول إلى تسارع الزمن و كل يوم يأتي جديد ويتوارى القديم بفعل الزمن وسنة الحياة. . ضحكت الحجة فطوم وقالت فشعه من الفواشع في عدن اصبر با اعمر ماي فرست بوري وبا جيب لك عواف الفيس بريسلي كيك ابو قلص وكيك ابو جام من حق الجريكي وكوفي ملبن – ضحكت وقلت لها خلي المناجمه يا حجة فطوم . . في شوارع عدن أختفت معظم الألعاب القديمة وجاءت ألعاب جديدة وكرات ملونه وبدأنا نلعب الهوكي والتنس في الحافة ونعمل شبك فوق الفوت بات نلعب فولي بول – أي الكرة الطائرة ، وظهرت ألعاب الليجو الملونة ، كنا نعمل الصلصال من الطين والماء يوسخ ثيابنا وأيدينا ، جاء صلصال من مادة شمعية وعدة ألوان جميلة في علب كنا نصنع منها أشكال وبيوت ونلعبها أيضا في المدارس، كنت أقف عند محل أدلجي الفارسي في الزعفران وأنظر بدهشة على الفترينة وفيها كثير من علب الصلصال ، وروعة علب الألوان – النقشة بكل الألوان – نقشة بفرشة الماء ، والقصص الملونة المصورة ميكي ماوس – إنها ثورة حضارية عارمة جميلة في حياتنا وفي طفولتنا وبلادنا وحوارينا ، حتى المضرابه والمرفاله والمدارجه والبواكير و7 صاد أختفى من الحوافي ، قالت الحجة فطوم ضاحكة أصبحتوا عيال * سبورت – Sport . . قلت لها خلي المناجمه يا حجة فطوم . ثم جاءت الأناقة وجاءت جزمات الرياضة * بوت * كان يبيعها مستودع أحمد يوسف خان في الميدان ، وأحذية بيضاء جميلة للمدرسة من محل * باتا * للجزمات ، ولم نعد نلعب حفاة الأقدام في الشوارع – عملنا لنا ميدان كرة في مقبرة القطيع في نهاية الحافه ، وآخر عند زريبة الغنم في بداية شعب العيدروس ، لأن السيارات كثرت في شوارع عدن ، ولم نعد نستطيع اللعب في الحافه. . يا حجة فطوم ودخلت إلى عدن لعبة رخيصة وجميلة أكتسحت كل حوافي عدن ، وهي لعبة * هيلا هوب * – وهو طوق بلاستيك دائري ملون يحرك بواسطة الخصر ويرقص عليه العيال والبنات ، وأنتشرت رقصة * هيلا هوب * في شوارع عدن ، وقام البعض بإنتقاد هذه اللعبة وحاولوا منعها ، ولكنها قد انتشرت في كل حارة . وتواصلت البضائع الفاخرة ووسائل المعيشة المترفة في الوصول إلى عدن ، وظهرت في السيارات جرامفون للأسطوانات الصغيرة 45 – وبعده جاءت مسجلات كاسيت للسيارات وكانت تحفة العصر في سماع الأغاني والإذاعة داخل السيارة ، لقد كان تقدم هائل في كل وسائل المعيشة. وكانت السينمات في عدن تعرض شوط واحد في الليل وأصبحت تعرض 2 أشواط حتى منتصف الليل ، وفتحت أول سينما مكيفة بالهواء ، وكانت اول سينما في الجزيرة العربية . . يا حجة فطوم حدث في عدن شئ يشبه الخيال ، كانت عدن تنام في الساعة 9 مساء ، والمحلات تغلق في العاشرة ، بعد ذلك لم تعرف عدن النوم وأصبحت مدينة عالمية ،وفي أحد الليالي تعشيت في مخبازه في التواهي في الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، وتدفق الناس إلى عدن للعمل وافتتحت أجمل وأرقى المطاعم حتى أهل الشام فتحوا في عدن المطاعم الشامية – السورية واللبنانية ، . ضحكت الحجة فطوم وقالت وبدأنا نأكل الشوارما و المتبل وبابا غنوج – بورته شامي، والدجاج المشوي الذي يتقلعب داخل الماكينة. يا حجة فطوم كانت قفزة تاريخية بفترة قصيرة لم تحدث في أي مكان في العالم. . * محمد أحمد البيضاني كاتب عدني ومؤرخ سياسي القاهرة عدة حرة