بسمة ربانية تغادرنا    من أقرب أصدقائه علي ناصر ومحمد علي أحمد.. وقت محنته تخلوا عنه    توافقات بين رئيس اتحاد الكرة مع لجنة وزارية لحل مشكلة أندية عدن    مبادرة وطنية ترفض أي مفاوضات جديدة بشأن الأسرى قبل الكشف عن مصير قحطان    جماعة الحوثي تعلن ايقاف التعامل مع ثاني شركة للصرافة بصنعاء    أمطار رعدية غزيرة على 15 محافظة خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للمواطنين    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    مأساة في تهامة.. السيول تجرف عشرات المساكن غربي اليمن    ثلاث محافظات يمنية على موعد مع الظلام الدامس.. وتهديد بقطع الكهرباء عنها    أبوظبي اكستريم تعلن عن طرح تذاكر النسخة الرابعة التي ستقام في باريس 18 مايو الجاري    عندما يغدر الملوك    النائب العليمي: مليشيا الحوثي تستغل القضية الفلسطينية لصالح اجندة ايرانية في البحر الأحمر    جزار يرتكب جريمة مروعة بحق مواطن في عدن صباح اليوم    قارورة البيرة اولاً    أساليب أرهابية منافية لكل الشرائع    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    المحطات التاريخية الكبرى تصنعها الإرادة الوطنية الحرة    مهام العليمي وبن مبارك في عدن تعطيل الخدمات وإلتقاط الصور    حرب غزة تنتقل إلى بريطانيا: مخاوف من مواجهات بين إسلاميين ويهود داخل الجامعات    متصلة ابنها كان يغش في الاختبارات والآن يرفض الوظيفة بالشهادة .. ماذا يفعل؟ ..شاهد شيخ يجيب    أتالانتا يكتب التاريخ ويحجز مكانه في نهائي الدوري الأوروبي!    الدوري الاوروبي ... نهائي مرتقب بين ليفركوزن وأتالانتا    ضوء غامض يشعل سماء عدن: حيرة وتكهنات وسط السكان    العدالة تنتصر: قاتل حنين البكري أمام بوابة الإعدام..تعرف على مراحل التنفيذ    الحوثي يدعو لتعويض طلاب المدارس ب "درجات إضافية"... خطوة تثير جدلا واسعا    قوة عسكرية جديدة تثير الرعب لدى الحوثيين وتدخل معركة التحرير    لا وقت للانتظار: كاتب صحفي يكشف متطلبات النصر على الحوثيين    ولد عام 1949    الفجر الجديد والنصر وشعب حضرموت والشروق لحسم ال3 الصاعدين ؟    فرصة ضائعة وإشارة سيئة.. خيبة أمل مريرة لضعف استجابة المانحين لليمن    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    أمين عام حزب الشعب يثمن موقف الصين الداعم للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    منذ أكثر من 70 عاما وأمريكا تقوم باغتيال علماء الذرة المصريين    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    الخارجية الأميركية: خيارات الرد على الحوثيين تتضمن عقوبات    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    5 دول أوروبية تتجه للاعتراف بدولة فلسطين    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصائد جديدة للشاعر إبراهيم نصر الله
نشر في الجنوب ميديا يوم 29 - 10 - 2012


محاولة
محاولةٌ ليسَ أكثرَ
أزرعُ زهرةَ عبَّادِ شمسٍ لتتبَعَ خطوكِ إذ تعبرينَ
أنا ههنا شجْرَةُ الكيْنِيَاءْ!
محاولةٌ ليسَ أكثرَ
أكتبُ شِعراً لغيركِ
كي تقرئيهِ، ولو كانَ ذاكَ مُصادَفةً
أو تقولي رأيتُ فتًى شبْهَ طيفٍ
وذكَّرني فجأةً بالشِّتاءْ!
محاولةٌ ليسَ أكثرَ
أُنْشِدُ في آخرِ الليلِ أُغنيتي تحتَ شُبّاكِ بيتكِ
قد تسمعينَ
تظنِّينَ أن الطريقَ يَغَصُّ بعشرينَ ألفاً من الغرباءْ!
محاولةٌ ليسَ أكثرَ
أحمِلُ حَبَّةَ تينٍ
وإذ تعبُرينَ أَمدُّ يدي دونَ خوفٍ إليكِ
وأهمسُ: إنكِ مدعوَّةٌ للعشاءْ!
محاولةٌ ليسَ أكثرَ:
هذي الغيومُ البعيدَهْ
محاولةٌ ليسَ أكثرَ:
قلبي . . وهذي القصيدَهْ!
العصافير
لأرضِ الشّمال تطيرُ العصافيرُ:
خضراءُ حمراءُ سوداءُ بيضاءُ
لا فرْقَ
كلُّ الطيورِ تُغني وكلُّ الطيورِ تمرُّ
وكلُّ الطيورِ سترحلْ!
هنا مَقعدٌ، قهوةٌ أنتِ فيها
صباحٌ خفيفٌ تحفُّ به غيمتانِ
وريحٌ من البحرِ جاءتْ
وحطَّتْ على السِّلكِ مثلَ العصافيرِ
هل قلتِ: إنَّ هناك على السِّلكِ حطَّتْ رياحْ؟!
كلُّ شيءٍ هنا غامضٌ في الصّباحْ!
أُعيدُ قراءةَ هذي القصيدةِ سبْعاً
لتُفتَحَ نافذةٌ لم ترَ الشمسَ
نافذتي هيَ أو ربما هيَ نافذةُ الجارِ
تلكَ التي أعتَمَتْ فجأةً
مُنذ غابتْ وليفتُهُ
وعلى حافَّةٍ من رخامٍ
نمَتْ وحشةٌ مُرّةٌ
ثم سالتْ على حائطٍ من حَجرْ
الإقامةُ تصبحُ مجنونةً
حين تُوقِدُ فيها العصافيرُ شهوتَها للسَّفرْ!
العصافيرُ، كلُّ العصافيرِ
تأتي وتذهبُ
كي نتذكَّرَ بحراً بعيداً
بلاداً هنالكَ لم يرَها أهلُها
وقلوباً معلَّقةً كالقناديلِ فوقَ الشّجرْ
والعصافيرُ قُربَكِ، قرْبي تُغنّي
العصافيرُ ترحلُ في آخر الأمرِ تاركةً خلْفها طائراً واحداً ليُذكِّرَنا بالشمالِ . . الجنوبِ
وبالشَّرقِ والغربِ
أوْ ما نسيناهُ فينا وأظلَمْ
طائرٌ سيحطُّ على سَرْوَةٍ قربَ بابي، على عتْبةِ البابِ،
فوق السَّريرِ . . المِخَدَّهْ
طائرٌ يتأمَّلُني لحظةً
ثم يختارُ من برِّ هذا السّريرِ المُرتَّبِ وجهَكِ . .
يختارُ ورْدَهْ
طائرٌ مثلُ كلِّ الطيورِ يشقُّ ضلوعَكِ . .
يخفقُ في عتْم صدركِ
يشدو نهاراً وليلينِ حتى يقولَ كلاماً أخيراً لقلبِكِ:
إن العصافيرَ تمضي شمالا . . جنوباً
فلا تَطمئنِّي لغيرِ الجناحِ
اِطمئنِّي لهذي العصافيرِ تعلو
اِطمئنِّي لهذي العصافيرِ ترحلْ
ولا تترُكي غير ذِكْراكِ خلْفَكِ
كلُّ مكانٍ ستمضي إليهِ العصافيرُ أجملْ!
ثلج
على مَهَلٍ يسقطُ الثّلجُ في شارعٍ ضيِّقٍ
وعلى مَهَلٍ تستعيدُ البناتُ الجميلاتُ آخرَ صيفٍ
وينْسَيْنَ بعضَ التّفاصيلِ
والثلجُ يسقطُ مُلتجِئاً للزَّوايا الصغيرةِ أسفلَ سوري . .
على ذكرياتيَ والنّافذَهْ
بعدَ خمسِ دقائقَ قد يُصبحُ الشّارعُ . . الأفْقُ، أضيقَ
إذ تختفي الفتياتُ
ويسقطُ ثلجٌ جديدْ
ويبحثُ دُوْريْ عن الدّفءِ في رَعَشاتِ الحديدْ!
ويهرعُ قطٌّ لدفءِ مُحرِّكِ أولِ سيارةٍ وقفتْ،
وعلى عَجَلٍ سيغادرُها
رجلٌ فارعٌ لممرِّ البنايَهْ
في زمانٍ كهذا ستُوْلَدُ في الرِّيحِ ألفُ حكايَهْ
وتُولدُ في الدِّفءِ ألفُ حكايَهْ
تتجمَّدُ فوق السّطوحِ السّماءُ
الجواربُ فوق حبالِ الغسيلِ
ببابِ المُعسكرِ بعضُ الجنودِ وساريةٌ ونشيدٌ . .
وشبْهُ بلادٍ . . ورايَهْ!
يسقطُ الثّلجُ
سوف ينامُ المُغنّي
ويُغلِقُ هذا الرِّوائيُّ من فزعٍ دَفْتَرَهْ
كي يُدفِّئَ مَن وُلِدوا في الصباحِ
ولم يكْبَرُوا، بَعْدُ، في صفحاتِ الرِّوايَهْ!
المواعيد
لي موعدٌ مع كلِّ شيءٍ:
طائر يتأمَّلُ الشّباكَ . . صورتَهُ
يفكِّرُ هل في داخلِ البيتِ الصغيرِ هنا فضاءٌ؟!
ينقرُ الشُّباكَ: ما هذا؟! سماءٌ يابِسَهْ؟!
ويطير نحوَ شجيرة اللوزِ الطّريّةِ في حديقةِ جارنا
ويقول شيئاً غامضاً لشبيههِ في اللونِ . . والصوتِ . . الجناحِ
ويرجعانِ معاً إلى الشّباك ثانيةً
-أكونُ فتحتُهُ-
سيُحدِّقانِ ويبحثانِ عن السّماءِ، ويهمِسانْ:
لا شيءَ غير الليلِ في جوفِ المكانْ!
ويرْحلانْ!
الجحيم
غابتِ الشَّجَرَاتْ:
لوزةٌ، في البدايةِ،
زيتونةٌ . . سروةٌ . . نخلةٌ
ثم أصبحَ صوتُ العصافيرِ أخفضَ من أيِّ وقتٍ مضى
غابت الدُّوْرُ والبحرُ،
-كان الذي قد تبقّى لنا منهُ: زاويةٌ ضيِّقَهْ!-
وتدلَّتْ حِبالٌ من الرَّافِعَهْ
كم بدتْ مَشْنَقَهْ!
غابتِ الشمسُ مكسورةً قبل ساعَهْ!
هبطَ الليلُ منتشياً قبلَ ساعَهْ!
ترنَّحَ ضوءُ النجومِ . . اختفى
خلْفَ بُرج النُّيونْ
وبدا أنَّ كلَّ الذي هو لي حفرة مُظلِمَهْ
كنت سمَّيتُها وطناً ذاتَ يوم فصارتْ سَكَنْ!
لم يكن ذاك مشهدَ فيلمٍ
ولا مقطعاً من روايَهْ!
كنتُ أعرفُ أن الجحيمَ له ألفُ اسمٍ
أضفتُ لأسمائهِ واحداً
هوَ:تلكَ البِنايَهْ!
الحرب
عندما وصلَ البابَ بعد ثلاثِ ليالٍ وجُرْحينِ:
في الصَّدرِ والخاصِرَهْ
تذكَّرَ شيئاً هنالكَ في ساحةِ الحربِ خطْفاً
تردَّدَ هل يَطرقُ البابَ
أمْ قبْلَ ذلك يمضي ويُلقي السَّلامَ على من قَضَوا كي يَعيشَ
وساروا بلا موكبٍ أو نشيدٍ إلى عتمةِ المَقْبَرهْ؟
يستعيدُ نشيجاً يقولُ لهُ:
الحيُّ أفضلُ من ميِّتٍ عُدْ لنفسكَ
واتركْ لنا الآخِرَهْ!
. . . . .
عندما وصلَ البابَ أدركَ:
لا، لمْ يناموا
هنالكَ في الدَّاخل المُشْرَعِ القلبِ والعينِ ينتظرونَ
الشبابيكُ صامتةٌ ليس إلاّ
ولكنَّ بعضَ البكاءِ يجيءُ خفيضاً
كآخرِ أنفاسهِ
وسحابةِ أيلولِهِ المُمْطِرَهْ
لم يعدْ يتذكَّرُ كمْ ليلةٍ عبرتْهُ؟
وكم ذئبةٍ تبِعَتْهُ؟
وكم من نهارٍ قَطَعْ
كانَ أفضلُ ما تمَّ، فكَّرَ، أن الطريقَ انتهى
والحروبَ- الحِيَلْ
عند بوابةِ البيتِ قبلَ ثلاثِ خطًى يتحامَلُ
كي لا يقعْ
في البعيدِ هنالكَ تحتَ رمادِ الجنودِ ارتبكْ
حينَ لم يستطِعْ
أن يُعدِّدَ أسماءَ أبنائهِ!
خمسة ليسَ أكثر!
في أيِّ بئر ظلامٍ إذاً إسْمُ سادسِهم يغرقُ الآنَ؟!
أزَّ الرّصاصُ ودوَّتْ قذيفةُ هاوْنٍ على بُعد مترينِ من خندقِهْ
صاحَ بعضُ الجنودِ
سحابةُ لحمٍ أضاءتْ كبرقٍ
وسقفُ السّماءِ تمايلَ . . وارتجَّ . . ثمَّ . . انصَدَعْ
في احتدامِ المعاركِ يملأُ حنْجَرَةَ الوقتِ رجْعُ نواحِ البَجَعْ
حين تَنسى اسمَ آخرِ أبنائِكَ:
الولد الأطيب، الفارع، المُتثاقِل في الصُّبح دوْما
الذي سيقولُ: اتركوني أنامُ قليلا
سأصطادُ حُلْما!
خطوةٌ ليسَ أكثرَ
ينفتحُ البابُ
يهمسُ صوتٌ: وصلتَ إذاً؟!
ويئزُّ الرَّصاصُ
تُدوِّي قذيفةُ هاوْنٍ على بُعدِ مترينِ
أينَ المكانُ وأينَ الزَّمنْ؟!
تحتَ غيمةِ أيلولَ رفَّ الحمامُ وطارَ بعيداً
ولم يصِلِ البابَ مَنْ قد وَصَلْ!
هكذا تُكْمِلُ الحربُ لعبتَها دائماً:
عادَ . . لكنّهُ لم يَعُدْ!
تلك معجزةٌ أنه مَن نجا!
تلكَ مسخرةٌ أنه مَنْ قُتِلْ!
وتظلُّ الدوائرُ دائرةً:
الحروبُ تلوكُ فتاتَ الرِّجالِ
ليزهو السَّلامُ بإسمِ البطلْ!
شريط إخباري
سبعةٌ أسفلَ الشاشةِ المطمئنَّةِ قد سقطوا
الرِّيحُ في غربِ آسيا شماليَّةٌ
والحرارةُ مُعْتدِلَهْ!
الشريطُ يدورُ كمِرْوحةٍ في الفراغِ
المذيعةُ بعدَ قليلٍ ستختِمُ نشرتَها
بابتسامتِها . . وبشيءٍ خفيفْ
قد يكونُ سباقاً لثيرانِ مدريدَ عَبْرَ الشَّوارعِ، مُشتعِلَهْ
ربما . . باختراعِ مُرَطِّبِ جِلْدٍ لطيفْ!
ثمانيةً أصبحوا . . والشَّريطُ يدورُ
هناكَ دعايةُ شامبو
عطورٍ . . عصيرٍ . .
وسيدةٌ ربِحَتْ رحلةً للمنافي، بلا عودةٍ،
ظهرتْ وهي تنشِجُ مُنْفعِلَهْ!
تسعةً أصبحوا
والشريطُ يدورُ رفيعاً ويسقطُ في حفرةٍ بجوارِ الرَّصيفْ
. . . . . .
- سهرةُ الليلِ حافلةٌ، ستقولُ المذيعةُ حين تعودُ
سنبدأُها بعد خمسٍ بفقرةِ (حظِّكَ)
ثم تليها حكايةُ نجمِ المُسلسلِ . . هل سيعيشُ طويلا كما
قيلَ أم سيموتُ غريباً نتيجةَ جُرْحٍ طفيفْ؟!
عشرةٌ سقطوا والشّريطُ يدورُ
ثلاثُ دقائقَ . . ينتصفُ الليلُ
صاروا ثلاثينَ . .
وانتصفَ الليلُ
كانَ الحصادُ وَفيراً
وكانَ الشريطُ يدورُ . . ولا أسئلَهْ
. . .
- صباحٌ جميلٌ، تقولُ المذيعةُ
ها قد أطلَّ الصباحُ
وصاروا ثمانينَ . . ألفاً . . وألفينِ . .
والموتُ يرقصُ في نهر دمٍّ
على وقْعِ أحذيةِ القَتَلَهْ
هناك
(غزّة . . صباحا)
1
خطوةً خطوةً تتقدَّمُ في الليلِ حربٌ
تُسَجِّلُ أسماءَ من ولِدوا في المساءِ
ومنْ لم يموتوا لأنَّ الجراحَ خفيفَهْ!
وتعبرُ صمتَ الشوارعِ باحثةً عن حديقَهْ
لتُحصي براعمَ قد تتفتَّحُ في ساعةِ الفجرِ
زيتونةً خبَّأتْ ولداً خلْفها ساعةَ القصْفِ
مئذنةً لم تزلْ بعدُ واقفةً
وملابسَ فوقَ الحِبالِ نظيفَهْ!
حمَاماً يُرفرفُ في الجوِّ
ترقُبُهُ الفُوَّهاتُ
ويملؤهُ فزعٌ في الأعالي يلوكُ رُفُوْفَهْ
. . وها قد أطلَّ النهارُ
الضحايا كثيرونَ: حقلٌ من القمحِ!
والموتُ سوَّى صفوفَهْ!
2
النهارُ على حائطِ البيتِ من ساعتينِ
ولكنَّ مَن فيهِ لم ينهضوا بعْدُ
ثمَّ دخانٌ يحطُّ على شجرِ السَّرْوِ مثلَ غُرابٍ
وفي آخرِ الشّارع الضَّيِّقِ انكفأتْ وردةٌ كسؤالْ
كلُّ شيءٍ يدلُّ على ما تقلَّبَ في صمتهِ
من كلامٍ يُقالْ
وكلامٍ بطعْمِ الصّدى لا يُقالْ!
النهارُ تسلَّقَ سوراً وحطَّ على السَّطحِ
في باحةِ البيتِ كانت هناكَ ثلاثُ بناتٍ بعُمْرِ الدُّمَى
وثلاثُ حقائبَ من جوفِها خرجتْ مكتبَهْ!
من عصافيرَ زرْقاءَ
تبحثُ عن ظلِّها في المكانِ . . وأعْيُنِها
وأناشيدُ عن ظَهْرِ قلبٍ تُحدِّق مُستغْرِبَهْ
وعلى عتْبةِ البابِ كانت تُلوِّح كفٌّ بلونِ الظّلالِ . .
رماديةٌ . . كمْ بدتْ مُتْعَبَهْ
والنهارُ تسلَّقَ خمسينَ حائطَ دار وخمسينَ شجْرةَ حَوْرٍ وخمسينَ حُلْماً طريّاً وخمسينَ إسماً أليفاً وخمسينَ رُوحْ
ولكنَّ مَن في البيوتِ، هنالكَ، لم ينهضوا
كانت الطائراتُ المُغيْرةُ مرَّتْ
وما خلْفَها تركتْ غابةً من غيابٍ كثيفٍ
وصمتاً ينوحْ
لقاء عائلي 1
- . . . . . .!
- وأنا ابنتُهُ، قالتِ امرأةٌ في الثلاثينَ من عُمْرِها
وجهُها شاحبٌ كخريفٍ طويلٍ، وفي شَعرِها زهرةٌ ذابلَهْ
- وأنا إبنُهُ .
كانَ في العاشرَهْ
وعلى كتفيْهِ تفيضُ جدائِلُهُ السَّائِلَهْ!
- وأنا زوجتُهْ .
قالت امرأةٌ في الثلاثينَ أيضاً، ولم تلتفتْ .
نصفُ سمراءَ كانتْ وفي عُنْقِها قمرٌ يتأرجحُ في سِلسِلَهْ
- أنتِ تعنينَ أنكِ أنتِ العشيقةُ؟
- لا . أنا كنتُ العشيقةَ . . قالتْ فتاةٌ رمتْهُمْ بفتنتِها المُذهِلَهْ!
- أنتِ؟! من كان يمكنُ أن يتوقَّعَ هذا؟ أأنتِ؟!
- دعوْنا، سنُكْمِلُ، أنتِ العشيقةُ، لا بأسَ!
- أعرفهُ منذُ عشرِ سنينْ
- منذُ عشرِ سنينٍ؟! وكم عُمرُكِ الآنَ؟!
- ماذا يهمُّ، أَعُمْري هو المُشكِلَهْ؟
- استريحي!
- وأنتَ؟!
- أنا ظلُّهُ إن أردتُّم، وكاتمُ أسرارِهِ،
وأضيفُ، وأعرفكمْ أجمعينْ!
هتفوا: أجمعينْ؟!
- ولكنّني في الحقيقةِ لم أتشرَّفْ بمعرفتِكْ! قال كاتمُ
أسرارِهِ: أنا أعنيكَ، بالطَّبع أعنيكَ أنتَ!
- لماذا أُجيبُكَ؟ قال الغريبُ الوحيدُ
- لماذا؟! هنا نحنُ أحبابُهُ، الأصدقاءُ، العشيقةُ أيضاً
وأبناؤهُ، وهنا مَنزِلُهْ
- تريدونَ أن تعرفوا؟! أتريدونَ؟!
- بالطبعِ! قالوا جميعاً
تلعثَمَ في أولِ الأمرِ، قالَ: أنا قاتِلُهْ!
- أنتَ قاتِلُهُ؟!
- أنتَ قاتِلُهُ؟!
عمَّ صمتٌ . . وفي وجههِ حدَّقوا
- ولماذا إذاً لم تقُلْها، ومنذ البدايةِ؟!
كان غريباً ومرتبكاً: سوف أخرجُ!
لكنّهم عانقوهُ
ومن قلبِ بهجتِهمْ صفَّقوا!
2014
خلفَ نفسيَ سِرْتُ
خُطايَ أثيريَّةٌ
وملامحُ وجهيَ غامضةٌ خلفَ ليلٍ من الخيلِ والحسراتْ!
فجأةً صرتُ ذاك الصغيرَ الذي يتراكضُ خلفَ الطيورِ
يُحلِّقُ
تنهرُهُ أُمُّهُ: عُدْ هنا!
وتَغارُ الدّجاجاتُ منهُ كثيراً وشعبُ الحُفاةْ!
بعد عشرينَ عاماً، ثلاثينَ، خمسينَ عاماً، ركضتُ وقلَّدْتُهُ
حينَ أوقعَني الأُفْقُ في حبِّهِ
وسبتْني الجهاتْ
ولكنني، كلّما منحتْني الحياةُ جناحاً
يُحلِّقُ مَن كنتُ أعلى وأعلى
فلا أنا طيرٌ لأتبعَهُ
لا، ولا نجمةٌ تمتطي الصَّهواتْ
سيرحلُ مُدَّعياً: أنه لا يراني
المدى نصفُ سجادةٍ تحتَهُ، والغيومُ صلاةْ
ولكنني حين أَهْوَى يُجمِّعُ كلَّ شقاواتِهِ ويعودُ
يحطُّ على كتفي صافياً مثلَ شلالِ طِيْبَهْ
يُهدهِدُني لأنامَ
أنامُ
ويَسْرِقُ، للمرَّةِ الألفِ، منِّي، الحبيبَهْ!
نحن
. . وفي قَعْرِ يأْسي ويأسِكَ كانَ الأملْ
وما خلفَ قُضبانِ سجني وسجنِكَ
كانت سماءْ
في حصاري . . حصارِكَ
كان لنا شاطئٌ وجبلْ
ومواعيدُ رائعةٌ مع خيولٍ وأحلى نِساءْ!
بعد ستينَ عاماً
كما تعرفُ الآنَ لمّا نَزَلْ
نعيشُ هناكَ
ونحرثُ تلكَ الحقولِ نُمشِّطُ شَعْرَ الهواءْ
ننامُ ونصحو
ونعرفُ ما يَلزَمُ الرَّقصَ من خُطواتْ
وما يملأ الرُّوحَ من وَلَهٍ دافقٍ وغناءْ
كلَّ يومٍ نوسِّعُ، ثم نوسِّعُ هذا الطريقْ
كلَّ يومٍ على ولَدٍ طيِّبٍ يُطلِقونَ رصاصاتِهم
والدّماءُ هنالكَ تعلو . . وتعلو
وهمْ في المَضيْقْ!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.