نجوم من طراز خاص، يقدمون عروضهم بعيداً عن شاشات التليفزيون وخشبة المسرح، يرتجلون موضوعاتهم وأفكارهم دون مؤلف أو مخرج، عملهم جماعي تدعمه روح الفريق الواحد، نجوم المسرح الكشفي الذين تم تقديمهم مؤخراً في مهرجان المسرح الكشفي في دورته الثانية، الذي نظمته إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام بالتعاون مع مفوضية كشافة الشارقة، بمشاركة (66) مشاركاً يمثلون مفوضيات كشافة الشارقة، دبي، العين، بجانب عشيرة جوالة جامعة الشارقة . في هذه المتابعة اقتربنا منهم لنعرف المزيد عن هذا الفن غير التقليدي . في البداية التقينا الرشيد أحمد عيسى المدير الفني للمهرجان، الذي أشار إلى أن هذه التجربة المسرحية المميزة التي بدأت العام السابق بمعسكر كشفي، شاركت فيه مفوضية كشافة العين فقط، لها أهداف عدة، أهمها اكتشاف مواهب وطاقات مسرحية شبابية إماراتية، والعمل على تطوير وتنمية هذه المواهب، وكذلك جعل المسرح الكشفي إحدى البؤر التي من خلالها نستطيع أن نرفد المسرح الإماراتي بكوادر جديدة . وأضاف: حماس الشباب في المعسكر الأول هو ما دفعنا للاستمرار وتطويره إلى مهرجان سنوي، نسعى لأن يصبح خليجياً ثم عربياً ودولياً، يجمع كل المهتمين بالحركة الكشفية في العالم، التي تلتقي كل عامين في الشارقة . وعن أفكار العروض المقدمة في المسرح قال الرشيد: عملنا على أن تكون الموضوعات المقدمة تناقش قضايا اجتماعية من خلال الارتجال، ومشاركة الجمهور في الحدث، من خلال مسرح تفاعلي يُقدم في الهواء الطلق، وهو صيغة ترتبط بالعمل الكشفي، بخاصة في الممارسة التي يقدمها الكشافة في مخيماتهم ومشاركاتهم الاجتماعية، لذلك تناولت العروض المقدمة من الفرق 3 أفكار رئيسة الوحدة والنسيج الاجتماعي بالدولة، تنوع التركيبة السكانية في الإمارات، وأخيراً المخدرات وسوء استخدام الأجهزة الإلكترونية . وفي نهاية كلامه أكد الرشيد أن الفنون تعمل على بناء الوعي لدى كل الأجيال، بشرط استخدام لغة سهلة وبسيطة بعيداً عن التعقيد الذي قد يكون السبب المباشر في النفور والبعد عن عالم المسرح الكشفي المهم لبناء مجتمعات سليمة . مروان عثمان الدابي طالب جامعي، قائد فرقة مفوضية كشافة العين، حصل على لقب أفضل ممثل في المهرجان، قال : الكشافة علمتنا أشياء كثيرة جداً، تعلمنا معنى التعاون والاندماج وسط المجتمع، والمشاركة ومعنى التطوع والعديد من الصفات التي من شأنها إصقال الشخصيات، أما المسرح الكشفي وتجربة العرض في الهواء الطلق والتفاعل مع الجمهور، فقد أضاف لي على المستوى الشخصي الكثير، فمن خلاله كسرت حاجز الخجل من مواجهة الجمهور، وتعلمت معنى الابتكار وخلق الفكرة من المحيط المجتمعي الذي نعيش فيه، خاصة أن المسرح التفاعلي الذي نقدمه يفرض علينا خلق الفكرة وتقديمها من دون الحاجة إلى مؤلف أو مخرج، فالعمل كله جماعي . وعن كيفية استعداده للأدوار التي قدمها قال: الممثل الناجح هو من يعيش الشخصية، وحتى يحدث هذا لابد أن يقترب منها على أرض الواقع، ويتعلم كل تفاصيلها، ويتقن لهجتها، وهذا ما فعلته عندما قدمت شخصية "الخادم الهندي" في مسرحية "الساحر" التي تناقش قضية تنوع التركيبة السكانية . ومن مفوضية كشافة الشارقة "ب" والتي حصلت على جائزة أفضل أداء جماعي، تحدث حميد محمد عبدالله قائد المجموعة، قائلاً: أفضل ما في المسرح التفاعلي الذي قدمناه هو تشجيعنا على العمل بروح الفريق الواحد، والاستماع إلى الآخر، واحترام وجهات النظر المختلفة، وحثنا على الإبداع، لأن الأعمال المقدمة كلها ارتجالية من وحي أفكارنا، إضافة إلى الوعي بمشكلات المجتمع الذي نعيش فيه . وعن ردود فعل الجمهور قال: في البداية لم أتوقع هذا الإقبال، لأن معرفة الناس بالمسرح التفاعلي والكشفي ليست كبيرة، لكن الحماس بداخلنا زاد عندما شاهدنا الجمهور في أول يوم للعروض، لذلك نتمنى أن يتم التركيز على المسرح الكشفي من قبل وسائل الإعلام المختلفة حتى يتعرف إليه الجمهور، وإلى أهدافه التي تخدم المجتمع بكل طوائفه، فالفن الجيد جزء لا يتجزأ من المجتمع . أما عن فكرة الاستمرار في العمل المسرحي فقال: الفرقة مكونة من 10 أفراد، هذه التجربة هي الأولى لكل منهم، لكن أنا لي تجارب مسرحية سابقة في مسرح كلباء وقصر ثقافة الشارقة، فأنا أتمنى أن أستمر في العمل في هذا المجال الواسع الذي يخدم مجتمعي وينقل للناس العديد من القضايا بصورة فنية سهلة وبسيطة . تمنى جاسم ضيف الله الحاصل على جائزة أفضل ممثل، من مفوضية كشافة العين نفس الأمنية، وقال: المسرح الكشفي أضاف لخبراتي الحياتية والفنية معلومات كثيرة جداً، فمن خلاله تعرفت إلى المسرح التفاعلي الذي يعتمد على إقامة علاقة تفاعلية مع المتفرج، عكس المسرح الإيطالي الذي نعرفه جميعاً، إذ خلق بداخلنا روح التحدي والتعاون في الوقت نفسه، وعلمنا معنى آداب الإنصات والحوار، وعرفنا كيف نستفيد من كل ما يحدث وما يؤثر في المجتمع ويتأثر به، لذلك أتمنى الاستمرار في خدمة مجتمعي من خلال الإبداع الفني . وقال: قدمت دور الشرطي في مسرحية، ودور الشايب في مسرحية أخرى، وقد عملت أثناء البروفات على الاستفادة من الأخطاء التي من الممكن أن تؤثر في دوري، وتعلمت كيفية تحسين أدائي ونطقي ومخارج الألفاظ الصحيحة، خاصة أن إدارة المسرح وفرت لنا دورات تدريبية قبل العروض . من مفوضية كشافة دبي التي حصلت على جائزة أفضل فكرة، تحدث محمد زكريا لولو (29 سنة)، وهو أكبر عضو مشارك في فرق الكشافة كلها، قائلاً: المسرح الكشفي أخرج ما بداخلنا من مواهب فنية وقدرات لم نكن نعرف عنها شيئاً، فكل موهوب يريد من يساعده على تفجير مواهبه وهذا ما فعله هذا المهرجان وكل القائمين عليه، إضافة إلى أشياء كثيرة أهمها أنه ساعدنا على القدرة على مواجهة الكاميرا ووسائل الإعلام، وخلق بداخلنا الجرأة التي يحتاج إليها أي موهوب وفنان لمواجهة الجمهور . أما القائد محمد عبدالسلام عمران، مدير إدارة شؤون الطلبة بكلية الحاسوب وقائد فريق جوالة الكلية، مفوضية كشافة دبي، الذي حصل على جائزة خاصة بوصفه أفضل قائد، فقال: رغم أن هذه أول مشاركة لنا كفريق مسرحي إلا أننا حصلنا على 3 جوائز، أفضل فكرة، أفضل مسامر، والجائزة التشجيعية . وأضاف: الحركة الكشفية بوجه عام مفيدة جداً لكل المشاركين بها، فهي تعلمهم الحفاظ على القواعد، الالتزام والنظام، إطاعة الأوامر والاعتماد على النفس، أما المسرح الكشفي فهو أضاف لهذه القيم زيادة الوعي بالمشكلات المحيطة، أضرارها وأسبابها، وبالتالي تجنبها منذ البداية من دون الوقوع في براثنها، كما أن وجود جوائز مادية أو تشجيعية كان بمثابة حافز للمشاركين لتنمية مواهبهم وتطويرها للمشاركة في الدورات المقبلة للمهرجان . دوره خلق جواً من التفاعل بين الجمهور والمسرح، هو المسامر محمد جمال خشان، طالب بكلية الحاسوب وأحد أعضاء فرقة مفوضية كشافة دبي، الذي حصل على جائزة أفضل مسامر، وعن هذا التكريم قال: المشاركة في فرق الجوالة شيء مميز يمنح المشارك صفات جيدة لا حصر لها، يضيف لهذه الصفات المشاركة في المسرح الكشفي، الذي يعد ساحة كبيرة لتوليد الأفكار والعمل على تطويرها وتنميتها، كما يدعم خصالاً مثل التعاون، التفكير الإيجابي، والمشاركة في كل القضايا التي تمس المجتمع . وأضاف: حصولي على هذه الجائزة شجعني على الاستمرار مع الجوالة، والمشاركة في المهرجان في السنوات المقبلة، خاصة أن هذا المسرح الذي لم أكن أعرفه قبل المشاركة فيه يخدم المجتمع لإكمال مسيرة الكشافة التي تعمل على تحقيق الهدف نفسه، لذلك أتمنى أن يزيد الاهتمام بهذا المسرح من قبل وسائل الإعلام حتى يتعرف إليه الجميع .