عام وعشرون يوما فقط هي الفيصل بين ثورتي 26 سبتمبر 62م وال14 من أكتوبر 63م يوم أعلن الثوار في جنوب الوطن اليمني ثورتهم وهي ثورة شعبية مسلحة لطرد المستعمر البريطاني وأعوانه من السلاطين والأمراء والمستوزرين، وكان يوم 14 أكتوبر 63م اليوم الذي استشهد فيه غالب بن راجح بن لبوزة في تبادل لإطلاق النار مع جنود الحامية البريطانية في ردفان بعد أن كان عائداً للتو من شمال الوطن مع مجموعة من رفاقه في استراحة محارب، وكان تواجدهم في صنعاء لمساندة ثوار سبتمبر وضد الهجوم الذي قامت به فلول الملكية بعد ثلاثة أيام من قيام الثورة الأم 26 سبتمبر 62م. إن الفترة الزمنية الفاصلة بين الثورتين سبتمبر واكتوبر تؤكد الترابط الوثيق بين الثورتين والدعم اللوجستي الذي قدمته ثورة سبتمبر 62م لإخوانهم في جنوب الوطن، حيث استمرت مرحلة الكفاح المسلح في أرض الجنوب اليمني أربعة أعوام حتى انتصرت أهداف ثورة 14 أكتوبر في استكمال تحرير الوطن من الحكم الكهنوتي الإمامي والأنجلو سلاطيني، الذين قسموا أرض الجنوب إلى 22 إمارة وسلطنة ومشيخة وفقا للمخطط الاستعماري الرجعي. ونحن نحتفل بمرور 46 عاماً خلت على قيام ثورة 14 أكتوبر 63م نجد ان عود الثورة الأكتوبرية قد تصلب، وتجاوزت مرحلة المراهقة بعد تحقيق أهم أهدافها وهي الوحدة اليمنية التي خرجت إلى النور بعد نضال شاق وعنيد في 22 مايو 90م. إن المفارقات الغريبة والعجيبة التي رافقت مسيرة ثورة أكتوبر هي ظهور عناصر ظلت تتغنى وتتستر تحت الشعارات الثورية المناهضة للاستعمار وأعوانه السلاطين من أمثال علي سالم البيض وباعوم ومحمد علي احمد والحسني، جميعهم شاركوا في الانتفاضة الثورية يوم 28 أغسطس وتحرير أبين ولودر ومودية ومكيراس من حكم السلاطين الرجعي المتخلف، وحولوا قصورهم الفارهة إلى مقار للجان الثورية وحكم الشعب لنفسه، وفجأة وبعد أن فقدوا مصالحهم وارتدوا عن الوحدة، هربوا إلى معقل المستعمر في لندن ونشاهدهم اليوم أمام الفضائيات من هناك يثنون على عودة السلاطين للتحكم في مصير أبناء الجنوب والانتقام من الثورة والثوار الحقيقيين وأبنائهم، كما حدث في أبين حين أعلن طارق الفضلي نجل السلطان المخلوع من قبل ثوار ثورة 14 أكتوبر وهو ينظم حفلاً عن ثورة 14 أكتوبر، وهذا لعمري إساءة لأكتوبر.. والغريب والعجيب في آن واحد أن البيض هو الداعم والراعي لهذا الحفل، لكن نحن الشعب ما يميز احتفالنا بمرور 46 عاما لثورة 14 أكتوبر أنها صادفت تحقيق الانتصارات العظيمة لقواتنا المسلحة الباسلة للقضاء على بقايا الكهنوت وأذيال نظام أسرة حميد الدين الحوثيين، حتى أن نهايتهم أصبحت غاب قوسين أو أدنى.