ينظر العالم أجمع إلى اليمن بإعجاب وفخر واعتزاز من خلال تاريخها الطويل الحافل بالحضارات والأمجاد.. حضارات معين وسبأ وحمير وقتبان وأوسان وحضرموت والتي رفدت العالم والإنسانية بتراث عظيم في مختلف المجالات والأصعدة وما تزال مآثر الحضارات اليمنية واضحة المعالم حتى يومنا هذا المتمثلة في بناء السدود وزراعة المدرجات وهندسة الري وبناء العمران. اتسمت اليمن على مر العصور بوحدة الأرض والإنسان والتاريخ ووحدة المصلحة والمعاناة اليومية ووحدة المصير والأهم ان الوحدة السياسية لليمن قد تجسدت فعلياً منذ بزوغ فجر عصر الإسلام ومما لا خلاف عليه أن هذه الوحدة للأرض والتاريخ والإنسان والمصير المشترك قد جعلت دول بني زياد وبني يعفر وبني رسول والصليحيين والطاهريين ودولة الأئمة الزيدية تمد نفوذ سيطرتها على اليمن غير أنه بسبب الاضطرابات السياسية قد تمزقت إلى كيانات سياسية فقدت الدولة المركزية القدرة على السيطرة عليها في صنعاء وعدن وتعز وزبيد وغيرها من المناطق الأخرى. اليمن وبحكم موقعها الاستراتيجي الحيوي الهام لم تسلم من الغزوات الأجنبية والمؤامرات والتدخلات الداخلية والخارجية إلا ان اليمنيين قد قاوموا تلك الغزوات وجعلوا اليمن مقبرة للغزاة الطامعين في نهب ثرواتها ومقدراتها. ما أشبه الليلة بالبارحة ها هي اليمن اليوم تمر بمرحلة عصيبة ومعقدة في تاريخها الحديث المعاصر إلا انها قد أصبحت محط أنظار العالم ودول الجوار من المحيط الاقليمي، هذا الاهتمام لم يأت من فراغ فاليمن تحتل موقعا استراتيجيا حيوياً هاماً بحكم وقوعها في الركن الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية فهي تربط بين قارتي آسيا وافريقيا ويشكل موقعها ممراً دولياً للملاحة والتجارة الدولية المارة بالبحر الأحمر وبحر العرب. من جانب آخر تتجه الأنظار صوب مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ اليمن كل اليمن يتم من خلالها رسم خارطة بناء الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية، دولة العدل والمساواة والحكم الرشيد والتي تأتي في إطار برنامج المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة بهدف إخراج البلد من الأزمة التي عصفت بها منذ أعوام. هذه التطلعات والآمال التي ينشدها السواد الأعظم من أبناء شعبنا اليمني العظيم تعتبر الركيزة الأساسية في عملية البناء والتغيير الايجابي نحو الأفضل.. هذه التطلعات والطموحات الطريق إلى تحقيقها والوصول إليها ليس سهلاً إذا تعترضه العراقيل والمطبات التي تفرزها الآثار الناتجة عن الصراعات بين مختلف قوى العملية السياسية في البلاد ولا سيما القوى التي تغذي تلك الاختلافات وتعمقها حتى تصل إلى درجة سفك الدماء وتعطيل مصالح الناس ومقدرات الوطن. فلماذا نتصارع ويتآمر كل منا على الآخر؟ ولماذا نلجأ للعنف واستخدام القوة واغلاق كافة سبل الحوار والتصالح والتسامح واصلاح ذات البين بدلاً من الجلوس على طاولة حوار هادف يجمع ولا يفرق ويبني ولا يهدم؟ لماذا لا نترك خلافاتنا جانباً ويعمل الجميع سلطة ومعارضة ومستقلين وشخصيات واحزاب ومكونات ومنظمات اجتماعية ومدنية ومواطنون من أجل اليمن وامنها واستقرارها وبناء دولتها المدنية الحديثة وقواتها المسلحة الوطنية وأجهزتها الأمنية بدلاً من المكايدات والمناكفات والابتزاز بأشكاله وألاعيبه- سيئة الذكر- الجارية اليوم على الساحة السياسية في بلادنا والتي لا تخدم الدين ولا العقيدة ولا تاريخ الحركة الوطنية ولا القيم النبيلة لشعبنا اليمني المغوار أصل العروبة الأول للإنسانية. لماذا يا قوم نتصارع ويقاتل بعضنا بعضا ويظلم كل منا الآخر ويغني كل منا على ليلاه؟ كل منا يا أبناء اليمن يسير على شاكلته وهواه ونوازعه يلهث بعضنا خلف شياطين الأنس المحيطين بنا ضاربا عرض الحائط بكل تلك الدماء الزكية الطاهرة التي ضحت من أجل اليمن والثورة والشعب.. فلماذا لا نقدر حجم التضحيات لشهدائنا الأبرار الذين سقطوا في ساحات النضال والدفاع عن الوطن وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه ودفاعاً عن أبنائه؟ اتقوا الله يا قوم في وطنكم وكيانكم وشرفكم وعرضكم أنتم في وطن التاريخ والأمجاد والشهداء فهناك من يعمل ليلاً ونهاراً في الخارج لابتلاع الوطن وتمزيقه ووأد وجوده وهويته وتقسيمه إلى كانتيونات مجزأة هنا وهناك.. من يشجع هذا أو ذاك ليقتل ويسحق بعضنا بعضا بأفكار مستوردة وبتمويل خارجي متعدد السيناريوهات؟. إنها لحظات للتأمل ومراجعة الذات ولا بد من العودة للحق والصواب والعدل وتعظيم حرمة الدماء والنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق. أنتم يا أهلنا في اليمن يا أهل الحكمة والايمان أنتم سادة العالم منذ القدم تاريخياً أنتم أصل الحضارة بل انتم الحضارة والرقي والتقدم والنمو والابداع.. أنتم أيها الطيبون لقد قال فيكم رب العزة والجلال (بلدة طيبة ورب غفور) وكما قال فيكم سيد الخلق الرسول الاعظم محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم "الإيمان يمان والحكمة يمانية وان نفس الرحمن واشار المصطفى بيده الكريمة باتجاه اليمن". أين شيوخ العلم وجهابذة الدين ورموز الأدب والثقافة من ما يحصل هنا وهناك من اعمال قتل وسفك للدماء البريئة وتعطيل خدمات الكهرباء والمياه والهاتف؟ اين هم مما يحدق بهذا الوطن من مخاطر جمة لا يستطيع ان يتحملها ملف؟ ولعلي هنا اذكر القوم بأعمال تاريخية للدكتور جواد علي في مجلداته العشرة الموسومة باسم "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، المخصصة في معظمها عن اليمن تاريخياً دون غيرها"، ابحثوا عن هذه المجلدات وعن عظمة اليمن وعزتها وتاريخها كما اشار الدكتور جواد علي في تلك المجلدات الثمينة لتعرفوا انه هنا يكمن السبب في سر التآمر على اليمن من قبل قوى ودول ليس لها تاريخ سوى المال هذا الشيطان الذي يعبث بأمننا واستقرارنا ووجودنا أيضاً. إلى كل الذين يؤمنون بالله وكتبه ورسله وملائكته واليوم الأخر وبالقضاء خيره وشره وبالرسالة السماوية وبسنن النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم عليهم ان يحترموا عظمة اليمن وأجيالها وعظمة الشهداء الأبرار وأن لا يسمحوا لأي دخيل أفاك ان يثير الفتن ويجزء اليمن وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انصر أخاك ظالماً أو مظلوما).