- اعتقد بل أجزم أنه ما من مقهى شعبي حقق شهرة واسعة كما هو الحال مع مقهى "مدهش" لصاحبه الحاج مدهش علي عبادل، الرجل الستيني ذو الأخلاق العالية، والتعامل الراقي مع الزبائن، والذين يرتادون المقهى بالمئات بصورة يومية، حتى أصبح الكثير منهم مدمنين للشاي الأرقى على مستوى العاصمة والذي يتميز في إعداده الحاج مدهش وأولاده وهيب ومستور وصدام، وشباب آخرين ورثوا سر المهنة عن المعلم الأكبر، فأصبحوا يضاهونه قدرة وتمكنا، يعجز عنه غيرهم من العاملين في البوافي. - في هذا المقهى المتفرد يجتمع الكثير من رواد الثقافة والأدب، ورموز الإبداع والتنوير في مجالات عدة، شعراء، وممثلون وكتاب ومهندسون ومعلمون وسواهم ممن استهواهم هذا المكان الأصيل، فأضحوا من نزلائه المستمرين، خاصة أولئك الذين لا يتعاطون القات، ورأوا في شاي مدهش بديلا لهذه الشجرة، وصار مهوى المؤيدين والمعارضين، والمحايدين، بل إن عدوى مقهى مدهش انتقلت إلى السياح الأجانب الحريصين جدا على قضاء بعض الوقت به بصورة دائمة كتعبير عن إعجابهم بهذا المقهى. - هنالك بذهلك الإعلامي الفذ عبدالله الصعفاني بتحليلاته الواقعية لمجريات الأحداث، ويأسرك الأديب وجدي الأهدل بتواضعه فيما لا تملك أمام الروح المرحة للنجم عادل سمنان سوى نسيان هموم الحياة وآلامها، فيما تتمايل إعجابا وإكبارا للباقة القاص الكبير زيد الفقيه، وفوق هذا وذاك يتحفك اللغوي القدير الأستاذ احمد محمود ثامر معين اللغة الذي لا ينضب، وأشهر شخص يلتف حوله الجالسين في المقهى على اختلاف مشاربهم وتنوع أطيافهم وميولهم. - لقد نزلت كاميرا قنوات اليمن اليوم والسعيدة وغيرها أكثر من مرة إلى هذا المكان وقدمت عنه تقارير تلفزيونية باعتباره أكثر المقاهي استقطاباً لعشاق الشاي من رموز المجتمع ومثقفيه، حتى أن الناس يتساءلون عن السر في النكهة الخاصة لشاي مدهش الذي يشبه اللغز العصي عن الحل والتفسير. - صار المقهى سالف الذكر قبلة للمهتمين بالشأن الثقافي على وجه الخصوص، حيث يتدارسون هموم الفكر الحاضر، وسبل الارتقاء بحال الثقافة وأكثر من مرة يوقع أدباء عدة إصداراتهم هناك كما هو الحال مع الأستاذ محمد القعود ونظرائه من أهل الأدب.