نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية في عددها الصادر اليوم السبت تحقيقا مطولا عن مشكلة اليمن مع نبتة القات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه والاراضي الصالحة للزراعة لسد الطلب المتنامي على هذه النبتة المخدرة. وقالت الصحيفة ان اليمن في طريقه الى التدمير الذاتي اذا استمر اليمنيون في مضغ هذه النبتة، فعلى سبيل المثال فان العاصمة صنعاء التي يبلغ النمو السكاني فيها 7 بالمائة سنويا ستغدو بلا مياه صالحة للشرب بحلول عام 2017 بسبب استهلاك مياه حوض صنعاء المائي في انتاج نبات القات وهو نفس العام الذي سيتوقف فيه دخل اليمن من النفط الذي يمثل حاليا ثلاثة ارباع مصدر دخل الدولة. ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية " بي بي سي" عن الصحيفة، ان سعر المياه الصالحة للشرب في العاصمة تضاعف ثلاث مرات خلال العام الماضي فيما تزايدت المواجهات المسلحة على مصادر المياه على اطراف المدينة بينما تضطر بعض الاسر الى صرف ثلث دخلها على شراء ماء الشرب. ولا توجد حلول عملية لمواجهة هذه المشكلة سوى الحد من زراعة القات حسبما يرى المعنيون لكن السير في هذا الخيار ليس بالامر السهل لانه سيتسبب باضطرابات سياسية واجتماعية اذ ان عددا كبيرا من السكان يعملون في هذا المجال. ومن المفارقات ان التقديرات الحكومية تشير الى ان نحو مليار لتر من وقود الديزل تم استهلاكه في ضخ مياه الابار الايلة الى النضوب لري القات وبما ان هذا الوقود مدعوم من قبل الدولة هذا يعنى ان نحو 700 مليون دولار صرفته الدولة لاستنزاف مواردها من المياه. القات في اليمن تقول تقارير أن عادة تناول القات في اليمن كانت محصوره في أوساط طبقة الأشراف والسادة وكذلك أصحاب المال حتى عام 1803 بسبب غلاء سعره. وقد ازداد الطلب على القات وتوسعت زراعته في القرن التاسع عشر بسبب سياسة الضرائب التي مارسها الحكم العثماني على المحاصيل وخاصة البن، مما حدا بالعديد من المزارعين إلى ترك الأرض وإهمالها والتخلص من أشجار البن هروباً من الضرائب . واستمرت هذه السياسة على نحو أكثر حدة من قبل الحكام الذين تعاقبوا بعد الحكم العثماني، الأمر الذي ساعد على استبدال أشجار البن بأشجار القات خصوصاً وأن الضرائب لم تكن قد سنت بعد على زراعة القات. اعتباراً من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، توسعت زراعة القات، وأصبح من المحاصيل الهامة في اليمن وتدل البيانات على أنه كان ينقل ما مقداره حمل ألف جمل سنوياً إلى مستعمرة عدن لوحدها خلال هذه الفترة.. وتشير الأبحاث أيضاً إلى أن مضغ القات أصبح عادة شعبية اعتباراً من عام 1873 حيث توسعت زراعته حتى وصلت إلى حراز وحفاش وأصبح أهم محصول زراعي في اليمن، ومنذ بداية القرن العشرين دخل ضمن فئات المستخدمين للقات أفقر الفئات الاجتماعية بما في ذلك النساء والطلبة بل ان وغالبية العمال والصنايعية في اليمن يمضغون "القات"، ويقول المؤرخون إن اليمنيين كانوا يستعينون بالقات سابقاً للعمل في شق الجبال، ونحت البيوت المنتثرة على تلك القمم الشاهقة. ويصرف اليمنيون جل مواردهم على شراء القات.