تتميز المناطق الوسطى من تهامة مثل مديرية السخنة والأماكن المجاورة لها بوجود غزارة في الموروث ووجود الكثير من الأساطير الشعبية، منها ما يقارب الحقيقة ومنها ما يندرج في إطار الخرافة. العديد من كبار السن في المنطقة رووا ل"الجمهور" العديد من تلك الأساطير والحكايات أبرزها أسطورة "البُده" ينطبق لفظ "البده" على المرأة أكثر من الرجل ويقال فلانه "متبدبدة" وفلان "متبدبدو" وتعنى في مضمونها أن من يحمل هذا الاسم أو الصفة يضر الناس بطريقة شيطانية وتنتشر حالات "البده" في الأرياف بكثرة، واليوم وبالمفهوم الحديث فإن من يصاب بمثل هذه الحالة يوصف أنه مصاب بمس من الجن وتتم معالجته بالقرآن، وعادة ما تكون "البده" غير متعلمة ويقال أنها تمتلك أرواحاً شريرة من العفاريت تسخرهم لخدمتها وتضر بهم الناس، ويقال أنه يتم التزاوج بين "البده" والجني بطريقة غير مشروعة ومن خلاله يتم التعاون الوثيق بينهما وتستخدمه في مصالحها الخاصة، وبعد أن يشتهر أمر "البده" في المنطقة يبدأ الناس يحسبون لها ألف حساب ويتحاشونها ويخافون على أنفسهم وأبنائهم وبناتهم من شرها. هو من يكتشف أمر "البده"! "المبدبد" أو ما يطلق عليه باللهجة التهامية "أمبدبد" شخص أمي لا يقرأ ولا يكتب وتأتيه العديد من الحالات المرضية التي يقوم بمعالجتها ومن خلال ضرب المريض أو المريضة حتى يتكلم من داخله الجني، ويعترف أنه مرسل من "البده" ويقوم "المبدبد" بإخراجه من المريض أو المريضة ويصف لهم العديد من العلاجات منها على سبيل المثال تناول وصفة تتكون من "المر والحلتيت" وطلاء جسمه بماء الورد والشذاب،وقد قيلت روايات وحكايات في هذا الشأن أشبه ما تكون بالأساطير. مسخ المريض إلى حيوان تقول هذه الأسطورة إن "البده" حينما تعجب بشخص ما تصيبه بتلك الحالة المرضية ويصعب علاجه ويفارق الحياة، وفي يوم وفاته تنتظر "البده" إلى مساء ذلك اليوم وتقوم بطحن حبوب من الذرة وخبزه وصنع قرص خبز ثم تمشي في تلك الليلة خلسة وبطريقة متخفية وعند القبر تقوم بكسر القرص إلى نصفين، عندها ينفتح القبر ويظهر الميت المصاب وتعود له الحياة من جديد فتقوم "البده" بنفض غبار القبر عن المذكور والتهدئة من روعه، ثم تقوم بتحويله من إنسان إلى حيوان "كبش أو حمار" أو غير ذلك لمنافعها الخاصة، وطبعا هذه من الخرافات التي لا يصدقها عقل. رجل صالح يكتشف أمر "البده" وحالة المسخ ومن ذلك ما يحكى أن أحد الصالحين دخل إلى مقهى في منطقة يعقد فيها سوق أسبوعي، وصادف أن رأى حماراً مربوطاً بين الحمير المتواجدة داخل المقهى وهو لا يأكل "العجور" "علف الماشية" وعيونه تدمع وهيئته غير طبيعية، وفهم ذلك الشيخ الصالح أمر الحمار الممسوخ، وقرر الانتظار وكشف الحقيقة فسأل عن مالك الحمار، فقيل له إمرأة عجوز، وماهي إلا ثوانٍ وأقبلت، فإذا هي عجوز شمطاء كبيرة في السن قبيحة الشكل، فعرف الشيخ أنها "البده" وأمسك بها وهددها بفضح أمرها على مرأى من الناس ومعاقبتها إذا لم تعد الحمار إلى وضعه الطبيعي، وبعد حوار ساخن معها مليء بالوعد والوعيد أعادت العجوز ذلك الحمار إلى وضعه الطبيعي كإنسان ليظهر أمام الشيخ شاباً وسيم الشكل وتبدو عليه آثار التعب والإرهاق، وغادرت تلك العجوز المقهى إلى جهة مجهولة وهي تجر أذيال الخيبة وأخذ ذلك الشيخ الصالح الشاب الوسيم وعاد به إلى أهله، ولأجل ذلك أقيمت الأفراح والليالي الملاح ابتهاجاً بمقدم ابنهم وتم الاحتفاء بالشيخ الصالح وقدم له الشكر الجزيل عرفانا بجهوده العظيمة في إنقاذ ابنهم وفقا للأسطورة. ويقال أن أهل المنطقة عندما يكتشفون أمر "البده" ويداخلهم الشك في مصداقية ما ينسج حولها يتم الذهاب بها إلى منطقة تسمى "البوه" عند شخص متخصص في هذا المجال ويفتيهم بالحقيقة، فإذا طلع ما ينسب إليها كذباً يقدم الاعتذار لها وتعاد معززة مكرمة إلى منزلها وإن ثبت ما ينسب إليها وطلعت حقيقتها "بده" تضر الناس يتم التشهير بها وفضحها أمام الناس وإخراجها من المنطقة قسراً وإلى غير رجعة.