حين تقترب الحكومة من التصرفات الرشيدة يرتفع صوت المعارضة، وحين تبتعد عن الرشاد يخفت صوتها، ويتحول إلى استهداف النظام السياسي القائم ككل وشخص رئيسه بدرجة أساسية . *** هذه حقيقة يستطيع أن يدركها المتتبع لمسار المعارضة طوال أكثر من عقد من الزمان.. ففي الآونة الأخيرة رمت المعارضة بكثير من أوراقها الخاسرة على طاولة اللعب السياسي لتنال من تصرفات الحكومة، التي بدأت تقترب من الفعل الصالح في طريق حل المشاكل الاقتصادية.. وقد وصل الأمر بالمعارضة وبعض أزلامها الذين لم يعودوا يعلمون أن يقفوا إلى القول بأن سعي الحكومة من اجل رفع الدعم عن المشتقات النفطية لن يحل مشكلة العجز. *** ومن حيث المبدأ هذا الكلام صحيح ولكن أتدرون لماذا هو صحيح؟!!. هذا الكلام صحيح لأن العجز كما يرى أحد بروفيسورات الاقتصاد المعادي للحكومة هو أكبر من حجم الدعم للمشتقات النفطية، فالدعم لهذا العام يتوقع له أن يصل إلى 600 مليار ريال بينما عجز الموازنة قد يتجاوز الخمسمائة مليار ريال، وبالتالي فرفع الدعم الذي سيوفر نحو ستمائة مليار ريال للموازنة يمكن أن ينتفع بها الناس في المرتبات والأجور والصحة والتعليم والطرقات والإعانات الاجتماعية، كل هذا في نظر البعض لن يحل مشكلة عجز الموازنة أو هكذا يقول بروفيسور الاقتصاد المعادي للحكومة . *** وبهذا المنطق المعوج اقتصادياً وسياسياً وحتى أخلاقياً يريد البعض صرف الحكومة عن توجهاتها الجادة في إيجاد توازن بين المصروفات والإيرادات. وهو كي يصل إلى مبتغاه يلجأ إلى الكذب وتزوير الحقائق وتضليل الرأي العام بعلم ومع سبق إصرار، وهو يعلم أن أي تدبير يحقق نقصاً في العجز حتى بمقدار 10% يمكن اللجوء إليه في طريق معالجة العجز الكلي، فكيف إن كان ما يمكن توفيره من عجز الموازنة بطريق رفع الدعم يتجاوز العجز نفسه ولا يؤثر حقيقة إلا على المفسدين في الأرض؟!!. وليس هذا فحسب بل أكثر من ذلك يقول هذا البعض!!. إن المنتفعين والفاسدين سوف ينتفعون من رفع الدعم.. وهو بذلك يقلب الحقائق رأساً على عقب، فالكل حتى أطفال المدارس الابتدائية يعرفون أن دعم المشتقات النفطية يذهب إلى جيوب بعض المنتفعين، ولا يستفيد منه أبناء الشعب إلا بنسبة بسيطة لا تصل إلى 20%.. فوفق دراسة للبنك الدولي ان أكثر من 80% يذهب لجيوب هؤلاء المفسدين المنتفعين بهذه المليارات وهم خليط من كل الأطياف الحاكمة والمعارضة، وحين ينتهي هذا المصدر من تمويلهم ستجف كثير من منابع الفساد والمفسدين، على عكس ما يريد أن يصوره لنا بعض المتفيقهين في الاقتصاد والسياسة ليصرفونا عن الأضرار . إن قلب الحقائق للوصول إلى هدف سياسي غير نبيل هو دأب البعض وهم يفعلون ذلك كأن من حولهم صم بكم عمي لا يفقهون ما يقولونه .