تلقفت بعض الفضائيات ظاهرة الرق التي ظلت لها بقايا كنظام عالمي في كثير من بلدان العالم من الهند إلى أفريقيا، ومن أوربا التي تفوقت بالرقيق الأبيض واسترقاق الأطفال في عالم الجنس والمخدرات وحتى الصين الشيوعية التي يستخدم فيها الرقيق بالزراعة، وهي تعتبر في منظور أصحاب النظريات المادية الحديثة منتهى تطور المجتمعات البشرية.. في بلادنا يبدو أن هناك بقايا رقيق متوارث تتخفى لتحقق رغبات البعض في امتلاك الخدم والجواري.. ويرفدها تاريخ طويل من العبودية قبل اتفاق دول العالم على تحريمه، رغم أنه كان متعارفاً عليه عالمياً وجاء الإسلام ليضع تدابير مختلفة، كان من شأنها إيصال البشرية إلى ما وصلت إليه من تحريم الرق في القرن العشرين.. *** الذي يهمنا تأكيده هنا أن هناك بعض جواري وبعض عبيد لمشائخ ووجهاء في بلادنا كالكثير من بلدان العالم، تمارس معها عبودية بطريقة غير قانونية.. ولكن عبيد الدول يحاولون أن يجعلوا من هذه الظاهرة الشاذة والغريبة في بلدنا قضية ذات مشروعية وتمارس علنا بحماية الدولة!!. والحقيقة أن هناك عبودية تمارس في الخفاء ولا يعلم بها إلا القليل وهذه منها.. وهناك عبودية تمارس بشكل علني وتتسمّى بأسماء مختلفة.. وهناك فوارق بسيطة بين أنواع العبيد بناء على ذلك.. نوضحها هنا: فعبيد المشائخ غالبا ما يكونون سُمرا، وعبيد الدول غالبا ما يكونون ببشرة بيضاء.. عبيد المشائخ معدمون، وعبيد الدول أثرياء.. عبيد المشائخ يُكرهون على العبودية، وعبيد الدول يختارون العبودية ويسعون إليها.. عبيد المشائخ يقومون بخدمات عادية مثل إشعال النار في التنور لتوفير جمرات الشيشة أو المداعة، وذبح وسلخ الخرفان وطبخها لتلبية حاجات الشيخ والسيد، وأمثالها من الوظائف العادية، وعبيد الدول يقومون بإشعال الفتن والحرائق للشعوب وذبح وسلخ المواطنين في الطرقات على الهوية وحيثما أمكنهم ذلك. عبيد المشائخ يقيمون في عشش من القش أو في غرف مظلمة بجانب البيوت الكبيرة، وعبيد الدول يقيمون في قصور كبيرة بجانب بيوت الفقراء الصغيرة، وفي فنادق خمسة نجوم في الداخل والخارج. عبيد المشائخ لا يمتلكون هوية ولا يستطيعون التجول والسفر، وعبيد الدول يمتلكون أكثر من هوية وأكثر من جواز سفر ويتجولون بين الدول. عبيد المشائخ يخجلون من عبوديتهم، وعبيد الدول يتباهون ويفخرون بعبوديتهم. عبيد المشائخ إن مارسوا الكذب على أسيادهم أو على الناس يعاقبون، وعبيد الدول مهمتهم الكذب على جميع الخلائق، وإذا لم يكذبوا عوقبوا وقطعت أرزاقهم.. وأخيراً فإن الطريقة التي تم بها تداول الخبر عن الرقيق في بعض الفضائيات فيها دليل صارخ على مسالك عبيد الدول، فقد قالت إحداها بالحرف " إن العبودية تمارس من شيوخ قبائل يجدون حماية من دولة تعيش مشاكل يمسك بعضها بخناق بعض".. هكذا تسوق الأكاذيب من عبيد الدول الذين يحملون أكثر من هوية ويعيشون حياة الرفاه، ويثابون على أكاذيبهم وإن لم يكذبوا عاقبهم أسيادهم وقطعت أرزاقهم.. *** فهل تستطيع فعلا منظمات حقوق الإنسان وكل الحريصين على حرية البشرية تحرير عبيد الدول من رقهم وتحويلهم إلى مواطنين أحرار صالحين؟!!.. أما عبيد المشائخ فأعتقد أنهم سيتحررون بالضرورة بعد أن وصل أمرهم إلى جهات الدولة، وإن لم يتحرروا لتخفّيهم فلن يتسببوا في دمار دول ولا قتل البشر، وهم غالبا منكسرون لله وصالحون كما نعلم على عكس عبيد الدول..