يعيش خريجو وخريجات المعهد العالي للتوجيه والإرشاد ظروفاً صعبة ويصطلون بنار المعاناة والحرمان، نتيجة إهمال وزارة الأوقاف والإرشاد لهم، ورفضها توظيفهم، وعدم إيلائهم الاهتمام اللازم، فهناك أربع دفع تخرجت من المعهد العالي للتوجيه والإرشاد ضمن 14 دفعة تخرجت منذ بداية تأسيس المعهد في عام 1992م لم تستوعبها وزارة الأوقاف، ولم تلق لها بالاً، ولم يوظف من طلاب هذه الدفع الذين يفوق عددهم الثلاثمائة طالب وطالبة سوى النزر اليسير، مع أن الوالد رئيس الجمهورية حفظه الله ورعاه أعطى الأولوية في التوظيف- حسب القرار الجمهوري الصادر عام 1993م رقم 52- لخريجي المعهد العالي للتوجيه والإرشاد الرائد في مجال الدعوة، وإعداد المرشدين التقاة، واعتماد درجات وظيفية كافية لهم كل عام، كما أن نائب رئيس الجمهورية وجه بدوره خلال حضوره الاحتفال الذي أقيم بمناسبة تخرج دفعتين من طلاب وطالبات المعهد العالي للتوجيه والإرشاد للعامين الدراسيين 2007- 2008م باستيعاب مخرجات المعهد العالي للتوجيه والإرشاد، ولكن يبدو أن الجهات المعنية في وزارة الأوقاف والإرشاد لا تأخذ قرارات رئيس الجمهورية ولا توجيهات نائبه مأخذ الجد، والواقع أبلغ دليل وأسطع برهان على ذلك. لقد أصبح الطلاب المغلوبون على أمرهم ممن نبذتهم وزارة الأوقاف يبحثون عن لقمة العيش بمزاولة أعمال حرة في شتى الميادين، فهذا أحد خريجي العام الدراسي 2007-2008م يعمل بائعاً متجولاً للعطور، وطالب آخر من ذات الدفعة صار سائقاً لسيارة أجرة تابعة لشخص غيره، وثالث مر على تخرجه أربع سنوات وهو الآن يعمل في مغسلة، إلى جانب أن هناك خريجين كثر أصبحوا يبيعون القات، وغير ذلك من المآسي المحيرة، والحكايات الأليمة التي لا تنتهي، رغم أن الحكومة الرشيدة تتكفل بتلبية شتى احتياجات طلاب المعهد، وتصرف المبالغ الطائلة على التغذية، والسكن وملحقاتها، والكتب الدراسية، كي يتسنى لهم طلب العلم بسهولة ويسر، ليكونوا عقب تخرجهم دعاة مصلحين، يبصرون المجتمع ويرشدونه إلى ما يعود عليه بالنفع والخير في الدنيا والآخرة، ولكن الوضع المزري الذي يرزح تحت وطأته الخريجون اليوم يجعل من الاستحالة بمكان تحقيق آمال وطموحات القيادة الحكيمة فيهم، فأنى لهم- بالله عليكم- أن يصيروا مرشدين يدعون إلى الله جل وعلا، وأن يسخروا لهذا العمل العظيم وقتهم وجهدهم، ووزارة الأوقاف والإرشاد الموقرة لا توفر لهم ولأسرهم سبل العيش الكريم الذي لا يجعلهم يضطرون بفعل الحاجة إلى امتهان حرف أخرى. لا يسعنا في نهاية المطاف إلا أن نبتهل إلى المولى القدير أن يجعل بعد العسر الذي يئن منه إخواننا الخريجون يسراً، ويهب لهم بعد كربهم تنفيساً وفرحاً، والله المستعان على كل حال.