تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    شعب الجنوب أستوعب صدمة الاحتلال اليمني وأستبقى جذوة الرفض    فلنذكر محاسن "حسين بدرالدين الحوثي" كذكرنا لمحاسن الزنداني    ليس وقف الهجمات الحوثية بالبحر.. أمريكا تعلنها صراحة: لا يمكن تحقيق السلام في اليمن إلا بشرط    أنباء غير مؤكدة عن اغتيال " حسن نصر الله"    آخر مكالمة فيديو بين الشيخين صادق الأحمر وعبد المجيد الزنداني .. شاهد ماذا قال الأول للأخير؟    شيخ بارز في قبضة الأمن بعد صراعات الأراضي في عدن!    الحوثيون يراهنون على الزمن: هل ينجحون في فرض حلولهم على اليمن؟ كاتب صحفي يجيب    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    الأمل يلوح في الأفق: روسيا تؤكد استمرار جهودها لدفع عملية السلام في اليمن    دوري ابطال آسيا: العين الاماراتي الى نهائي البطولة    تشييع مهيب للشيخ الزنداني شارك فيه الرئيس أردوغان وقيادات في الإصلاح    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    رئيس مجلس القيادة يجدد الالتزام بخيار السلام وفقا للمرجعيات وخصوصا القرار 2216    مركز الملك سلمان يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في الجوف    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    إعلان موعد نهائي كأس إنجلترا بين مانشستر يونايتد وسيتي    مفسر أحلام يتوقع نتيجة مباراة الهلال السعودي والعين الإماراتي ويوجه نصيحة لمرضى القلب والسكر    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    إنزاجي يتفوق على مورينيو.. وينهي لعنة "سيد البطولات القصيرة"    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    لابورتا بعد بيان ناري: في هذه الحالة سنطلب إعادة الكلاسيكو    انقطاع الشريان الوحيد المؤدي إلى مدينة تعز بسبب السيول وتضرر عدد من السيارات (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    دعاء مستجاب لكل شيء    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    رئيس مجلس النواب: الفقيد الزنداني شارك في العديد من المحطات السياسية منذ شبابه    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رقيق الرياضة
نشر في الجمهور يوم 02 - 05 - 2009

عبودية جديدة تتخذ من الاحتراف الكروي ستارا لها لانها تقوم على التجارة في الاطفال الافارقة من خلال تهريبهم إلى الدول الاوروبية تحت ستار الاحتراف الكروي يأتون إلى اوروبا لعب لصالح ميلان وبايرن ميونخ وباريس سان جيرما وتشيلسي وريال مدريد وغيرها من الأندية الأوروبية إلا ان العديد من لاعبي كرة القدم الأفارقة الموهوبين والذين بدأ استغلالهم منذ بلوغهم التاسعة من العمر ويتم استغلالهم وتهريبهم إلى أوروبا بطرق مشبوهة ومن خلال شبكات منظمة يواجهون واقعا مريرا.. حيث يجدون أنفسهم يتسولون وينامون على جوانب الطرقات ولا يجد من يفشل منهم في اختبارات الأندية الأوروبية أي مأوى لهم سوى النوم في الشوارع والعيش على الأرصفة.
"الجمهور" ترصد اهم ما جاء في تقرير خاص اعده فريق صحفي اوروبي قبيل واثناء انطلاق منافسات كأس امم افريقيا التي اقيمت مؤخرا في غانا حيث رصد التقرير تفاصيل فضائح الاتجار بالبشر في قضية تهريب الاطفال الافارقة إلى القارة الاوروبية كما تضمن التقرير العديد من المعلومات حول هذا الملف الاسود من غانا وساحل العاج وفرنسا مع الاشارة إلى دول أخرى مثل مالي ونيجيريا والكاميرون وغيرها.
توجد في العاصمة الغانية "أكرا" الكثير من مدارس كرة القدم غير المرخصة التي قفزت إلى الأفق و ظهرت في الصورة استجابة إلى الوضع المتنامي الذي احتله لاعبو كرة القدم الأفارقة في أوروبا. وكلما وصل نجاح تجربة نقل لاعبي كرة القدم من غرب أفريقيا إلى أوروبا إلى مدى أبعد، كلما ظهرت أكاديميات و مدارس جديدة لكرة القدم تمارس نشاطها بلا ترخيص من أي من الجهات المعنية.
والمدارس الغير مرخصة هي تلك المدارس التي غالباً ما تأخذ أموالاً من الآباء والأسر الكبيرة التي تبعث بأطفالها إليهم، متسببين بذلك في تسرب الأطفال من التعليم النظامي الذي يتلقونه في المدارس وتهيئة الظروف الملائمة لهم للتركيز على كرة القدم طوال الوقت.
باسم المسيح !!
وتنبغي الإشارة بهذا الصدد إلى أن هناك ما يقدر بحوالى 500 مدرسة غير مرخصة و لا تتمتع بأي صفة قانونية تمارس أعمالها في "أكرا"، علاوة على آلاف المدارس الأخرى التي تنتشر في جميع أنحاء غانا والتي تمارس نشاطها على جانبي الطرق والأرصفة دون وجود الحد الأدنى من إمكانيات التدريب مطلقين على أنفسهم في أغلب الأحيان أسماء مستوحاة من الإنجيل مثل "أبناء موسى"، "أحباء المسيح"، كما تقوم كل واحدة من هذه المدارس بتخصيص صدرية رثة أو قميص مهلهل يرتديه الأطفال الملتحقون بها وذلك لتمييزهم عن أطفال مدارس الكرة الأخرى.
ومن بين ما كشفه الفريق الصحافي الأوروبي أثناء زيارته لتلك المدارس في كلٍ من "أكرا" و "أبيدجان"، أحد أهم وأكبر المدن في ساحل العاج، أن 9% منها تدار على يد بعض المحليين محدودي الخبرة باللعبة، والذين يصفون أنفسهم في معظم الأحيان بأنهم لاعبو كرة قدم معتزلون، على الرغم من ذلك لا يستطيع أي منهم تقديم ما يثبت أنه سبق له احتراف اللعبة،.
العرب متورطون أيضاُ..
وفي ما يتصل بمستقبل هؤلاء الأطفال، يسعى العديد من المدربين، الوسطاء الأوروبيون والعرب، إلى شراء أفضل لاعب من بينهم، والذي لا يتجاوز في كثير من الأحيان السنة السابعة من عمره، و يساومون على ذلك اللاعب والأسرة التي ينتمي إليها لتوقيع التعاقدات القبلية (احتكار) آملين من ذلك جني آلاف الدولارات عند إعادة بيع اللاعب لأحد الأندية في أوروبا. كما أن هناك حالات أخرى يلجأ فيها الوسطاء إلى اقتطاع تكلفة المرحلة الانتقالية التي يقضيها الطفل ما بين بيعه للوسيط و إعادة بيعه للنادي قبل إتمام الصفقة ما يدفع العديد من تلك الأسر إلى بيع متعلقاتهم، ومجوهراتهم وبيوتهم لدفع قيمتها في مقابل تلقي خدمات الوسطاء.
وحتى المدارس الاوروبية !!
ومن المعلوم أيضاً أن هناك مبالغ طائلة من الأموال يتم استثمارها في غانا على يد العمالقة الأوروبيين الذين من بينهما ناديي "أياكس" و "فيينورد" الهولنديين، وهما الناديين اللذان يشغلان لحسابهما اثنتين من مدارس كرة القدم بغانا. كما تحتفظ بعض الأندية الفرنسية لنفسها بشبكات متابعة ناشئين كرة القدم بالمنطقة (غاناساحل العاج) مثل الشبكات الخاصة بناديي "باريس سان جيرمان" و "موناكو"، ويبدو أن تلك النظرية مغرية بالنسبة للأندية، لأنه من الممكن أن تغطي قيمة لاعب واحد من الطراز الأول كل خمس سنوات تكلفة تشغيل أكاديمية كاملة لكرة القدم في بلد إفريقي. إضافةً إلى ذلك يمكن لهذه الأكاديميات، (مدارس الكرة المعترف بها) مثل تلك التي يقوم بإنشائها نادي "فيينورد" ما يتجاوز مجرد التدريب الرياضي المتقن، فيمكنها أن توفر للملتحقين بها فرص لاستكمال التعليم النظامي بجانب كرة القدم. وعلى أي حال لازالت الأكاديميات من هذا النوع وعلى هذا المستوى من الاحتراف من المؤسسات نادرة الوجود.
تجارة الرقيق الجديدة
دقت عمليات الاستغلال التي تنطوي عليها تلك الممارسات ناقوس الخطر بالنسبة للعديد من المنظمات غير الحكومية الموجودة في غرب أفريقيا، بما فيها مؤسسات حماية الأطفال و المؤسسات الدينية، وبدأت أصوات تلك الجمعيات والمنظمات تتعالى إزاء قلقها الشديد مما وصفته بالأنشطة غير الشرعية التي تمارسها مدارس كرة القدم غير المصرح لها بالعمل في هذا المجال..وكان من بين المسميات التي أطلقت على استغلال لاعبي كرة القدم الشباب "تجارة الرقيق الجديدة".
وفي هذا الصدد أيضاً، يعترف "توني بافوي"، كابتن منتخب غانا السابق الذي اختير سفيراً لبطولة كأس الأمم الأفريقية لهذا العام، بأن نقل الأطفال للعب كرة القدم في بلاد أخرى أصبح واقعاً ملموساً لابد من مجابهته، وأضاف "لابد من وضع رقابة صارمة على الأكاديميات غير الشرعية و غير المرخصة لكرة القدم، كما أنه لابد من أن توجه الأسر التساؤلات لهؤلاء المدربين عما يقومون به من أعمال، بدلاً من تعليق كل آمالهم وتسخير جميع مدخراتهم في خدمة العلاقة التي تربطهم بتلك المدارس ومن يعمل بها من أفراد".
قهر وإستغلال
الفريق الصحفي الأوروبي رصد تحركات وتدريبات طفل حافي القدمين يجري.. هذا الطفل يدعى "مافيوا أصاري"، وهو أحد الأطفال الملتحقين بالمدارس غير المرخصة لكرة القدم في غانا، يقطع المسافة بطول الملعب الخالي من أي خطوط أو علامات والذي تتكون أرضيته من 90% حمرة و 10% رمل بسرعة فائقة محاولاً الوصول على قوائم المرمى الصدئة. وبالفعل ينجح الولد في ذلك مظهراً قدراً مهولاً من المهارة في اللعب بالنسبة للاعب كرة قدم لم يتجاوز العاشرة أو الحادية عشرة من عمره.
أثناء جريه نحو المرمى تهب حبيبات الحمرة بفعل الرياح متجهة إلى عينيه، يتوقف لمسح عينيه ليتمكن من رؤية الملعب أمامه، فإذا بمدربه "إيزاك ألوتي" البالغ من العمر 23 سنة يعترض طريقه معنفاً إياه بعد أن يسدد له بعض اللكمات قائلاً "تعلم ألا تتوقف مها حدث".
ورغم إدعاء المدرب "إيزاك ألوتي" أنه أحد الخبراء في كرة القدم، فقد عجز عن ذكر نادٍ واحد من تلك التي لعب لصالحها فيما مضى، وكان من بين كلمات "ألوتي" ما يشير إلى أن أكاديمية "جاي جيمي" قد أبرمت التعاقد الخاص ب "دانييل" الذي تم توقيعه بالفعل بما يضمن له الحصول على 50% من قيمة أول تعاقد احتراف للولد، "أعلم أن الأسرة تدخر كل ما تستطيع أن تحصل عليه من نقود حتى يتمكنوا من تسديد التكاليف التي سأطلبها عند الشروع في رحلة الولد إلى فرنسا حتى أتمكن من تسهيل جميع الأمور أمامه هناك".
قوارب الموت
وفي حالة مثل حالة "دانييل"، لا ينصح بانتقاله إلى فرنسا من خلال القنوات الشرعية لذلك، لأن المصداقية التي تفتقر إليها الأكاديمية التي ترسله إلى أوروبا بسبب عدم الترخيص لها بممارسة أي من أنشطة كرة القدم و عدم تسجيلها في أي من الجهات الكروية المعنية بإعداد وتدريب الناشئين تجعل من المستحيل إرسال الولد إلى أوروبا للعب على سبيل التجربة عن طريق القنوات الشرعية لذلك. بناءً عليه يتم إرسال "دانييل" ومن هم على شاكلته إلى أوروبا عبر الطرق غير الشرعية التي من بينها إرساله في قوارب صغيرة عن طريق البحر من الساحل الغربي إلى جزر الكناري و منها إلى الأراضي الأسبانية. وفي هذا الصدد يذكر أن أحد مراكب الصيد المتهالكة التي هرب ربانها قد ضلت طريقها لترتطم بساحل "تاهيتي" وعلى متنها 130 من شباب إفريقيا تنوعت إصاباتهم بين الرعشة وغيرها من أعراض البرودة، علاوة عن ما ألم بهم من أمراض من جراء القصور الذي انتاب عمليات تجفيفهم من المياه.. تضمن هذا العدد 15 من المراهقين الذين اعتقدوا أنهم في طرقهم للاحتراف في أندية عريقة مثل "مرسيليا" أو "ريال مدريد".
الجواز ب 100 دولار
وعلى الصعيد الدبلوماسي، فإن جوازات السفر الخاصة بهؤلاء اللاعبين المهَربين أصبحت سلعة تباع وتشترى، كما صرح به "ماري جورج بوفيه" أحد وزراء الرياضة السابقين بفرنسا والذي قال بأن هناك من بين المدارس غير المصرح لها بالعمل في تعليم كرة القدم في إفريقيا ما يدار على يد فرنسيين يشاركون في ممارسات الفساد التي تجري عبر وسطاء ووكلاء غير مصرح لهم بالعمل في المجال مما يستدعي التصدي لهم بقوة.
وفي إطار زيارته لغرب أفريقيا، صادف الفريق الذي أعد هذا التقرير أطفال من النيجر ونيجيريا وبوركينا فاسو والكاميرون ومالي، يمارسون لعبة كرة القدم لفرق من ساحل العاج وغانا على أمل الحصول على جوازات السفر التي تؤهلهم في نهاية الأمر للعب بإسم تلك الدول، وهو ما يتنافى مع قواعد "الفيفا" التي قررت ضرورة وجود صلة واضحة بين اللاعب والمنتخب القومي الذي يلعب بين صفوفه، مثل وجود أب أو جد للاعب ولد بالبلد التي يلعب باسمها.
ثم انتقل الفريق بعد ذلك إلى العاصمة "أكرا".. وهناك في أحد شوارعها يقوم المروجون والوكلاء بالإعلان عن "خدمات جواز السفر".. يروجون لكل شيء على صلة بالجوازات بدءًا من تعبئة الاستمارات للأميين وانتهاءً بتزوير شهادات الميلاد، مستهدفين من ترويجهم فتح سوق جديدة لمشروعاتهم الإجرامية بين شباب لاعبي كرة القدم.
ويقول "صمويل موندو"، أحد وكلاء الجوازات، بأن "تكلفة توفير جواز سفر غاني تصل إلى 100 دولار أمريكي"، وأضاف: "هناك فساد مثير في غانا، حيث تستطيع اختصار جميع الطرق إذا ما توافر لديك المال. كما أن لدينا أعداد غفيرة من المدربين الذين يدفعون مقابل استخراج جوازات السفر للاعبيهم.
وطبقًا لما صرح به "كوفي باويواه" أحد المدربين الذين يدربون لاعبين صغار من جنسيات أفريقية أخرى، فإنه يوجد 20% من بين أكثر الموهوبين في كرة القدم والملتحقين بمدارس كرة القدم ينتمون إلى بلاد أخرى بخلاف غانا، وغالبًا ما يهاجرون إلى "أكرا" من بلدان وسط أفريقيا، ويستكمل حديثه: "أود أن أوضح أن السلطات لدينا هنا على علم بمدى الأهمية الذي تحتله كرة القدم في بلادنا وعلى علم أيضًا بأن كلمة مدرب محترم له وزنه في البلاد أو نقود في اليد اليمنى لأي مدرب هما الطريقان اللذان لا ثالث لهما للوصول إلى جواز السفر الغاني، فهم يقطفون صفوة ثمار التفاح من الشجرة وهو الحال الذي لا يقتصر وجوده على غانا فقط، فالعديد من اللاعبين الدوليين في ساحل العاج ولدوا في بوركينافاسو، كما ان المرونة والسلاسة متوافرتان في مثل هذه الأمور، وبالاستخدام الصحيح للنفوذ أو الأموال يمكنك أن تكون جزءًا من أي بلد شئت".
قصص المآسي في فرنسا
في حجرة الدرج بأحد المباني الخرسانية في "كليتشي سو بويه"، أحد أسوأ أحياء الأقليات في العاصمة الفرنسية باريس، يجلس "بيرنارد باس" يرتعد من البرد، وطُرحت عليه بعض الأسئلة التي أوضحت إجاباتها أنه من غينيا بيساو التي انتقل منها إلى غانا، ثم إلى السنغال فتينيرايف متوسماً في ذلك التمكن من اللعب ل "ميتز" بشرق فرنسا على سبيل التجربة، وكان سفره إلى فرنسا على يد وكيل عربي من لبنان، ومن بين ما قاله "باس": "باعت أمي منزلنا وبدأ إخوتي الصغار في الالتحاق بالعمل وهم في سن لم يتجاوز ال 12 سنة وذلك لمساعدتي في وضع أقدامي على أول الطريق".. كانت هذه هي الكلمات التي قالها "باس" الذي اخبره الوكيل بإمكانية ذهابه إلى فرنسا عن طريق البحر في أحد القوارب، استغرقت الرحلة أسبوعين، وعلى حد قوله "عندما وصلت إلى أوروبا تم التحفظ علي بأحد السجون في تينيرايف لمدة شهر ثم نقلت جواً إلى الأراضي الفرنسية، و بجرد أن أخبرت السلطات بأنني أبلغ من العمر 18 سنة أطلقوا سراحي على الفور فبدأت الطريق إلى فرنسا، إلا أنني اكتشفت بعد ذلك، وعلى عكس ما قاله وكيلي، بأن نادي ميتز الفرنسي لم تكن لديه أدنى فكرة عني وهددني مسؤلو النادي بإبلاغ الشرطة عني وها أنا ذا الآن أبقى هنا في هذا المكان مع أحد الأصدقاء"
وفي "سانت ديفيز" إحدى ضواحي باريس، كان "سيمون" - وهو أحد المهاجرين غير الشرعيين القادمين من الكاميرون- يرتدي مجرد سترة بولو سوداء اللون، وعلى الرغم من البرد القارس، لم يكن لديه سترة أو معطف يحميه من البرد، و بدأ "سيمون" في سرد أحداث قصته قائلاً: "وصلت إلى فرنسا منذ عامين على أساس تأشيرة تسمح لي بالإقامة لمدة لا تتجاوز ال 30 يومًا.. كان الحلم الذي يراودني في ذلك الوقت هو اللعب لصالح نادي باريس سان جيرمان، كنت في الكاميرون لاعبًا أيضًا، لقد علقت أسرتي عليّ الكثير من الآمال، عندما غادرت الوطن علقوا لافتة كبيرة كتب عليها حظًَا سعيدًا.. نحن فخورون بك، وبعد أن رفض النادي التعاقد معي، شعرت بخزي جعلني لا أجرؤ على العودة، لذا عزمت على البقاء هنا في فرنسا كمهاجر غير شرعي.. إنني أخبر والدتي بأنني سوف أرسل إليها المال في أقرب فرصة ممكنة لتسدد أتعاب الوكيل، وأخبرها أنني أبلي بلاءً حسنًا كلاعب محترف، أشعر بأنني إنسان مذنب، أشعر أن حياتي صارت بلا أمل رغم إن عمري 18 سنة، وكنت في قريتي في الكاميرون بطلاً".
جمعيات خيرية
الجمعية المعروفة باسم "كلتشر فوت سوليدير" والتي تقع في إحدى الضواحي الشمالية للعاصمة الفرنسية باريس، تأسست كجمعية خيرية تقدم المساعدات للشبان الأفارقة الذين يتعرضون للاتجار أو الذين يتم إرسالهم إلى البلدان الأوربية بغرض احتراف كرة القدم، ولا يحالفهم الحظ.
من لاعب إلى مجرم!!
تعمل الجمعية بالتنسيق مع برنامج الرعاية الاجتماعية التابع للعاصمة باريس والذي أعيته الحيل لاتساع نطاق أنشطته على النحوالذي يجعله غير قادر على استيعاب كافة الفئات، ويُذكر أن رئيس الجمعية جين كلود "مبفومين" كان لاعبًا قادمًا من الكاميرون، إلا انه ما زال يبذل جهودًا مضنية في محاولة للعثور على الصبية الأكثر عرضة للخطر. .. يقول "مبفومين" : "نحن نتتبع 800 من هؤلاء الصبية في الوقت الراهن، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 سنة، ففي فصل الصيف تكون الأمور مستقرة، فيمكنهم النوم في الشوارع، أما وقد جاء الشتاء فإن حالتهم تصبح مذرية بحق، فيتحول بعضهم إلى ممارسة الأعمال الإجرامية، ويدمن بعضهم الآخر على المخدرات بأنواعها، إنهم يأتون إلى هنا سعيًا وراء الوعود الوردية البراقة من وكلائهم، تملأ آذانهم، ثم سرعان ما يتركهم هؤلاء ليسمعوا من بعدها صافرة سيارات الشرطة التي تلاحقهم أينما ذهبوا، وتملأ أنوفهم رائحة القمامة المقززة المتجمعة في شقق بالطوابق العليا التي تأويهم".
النفر ب 3000 دولار !!
ويقول "مبفومين": " هناك تجارة كبيرة وأرباح ضخمة تجنى من كرة القدم، تستشري وتتسع أفاقها على أحلام الناس، الذين يسعون إلى حياة أفضل لعائلاتهم، ففي أفريقيا عندما يخبر شخص تظهر عليه علامات الأهمية وسيماء الوجاهة، الأسرة بأن ولدهم موهوب، فالأسرة بدورها سوف تفعل أي شيء من أجل تدبير المبلغ الذي يكفي لإرسال ولدهم إلى الغرب، فقد يضطرون إلى بيع المنزل وربما بيع أبناءهم الأصغر سنًا وربما يبيعون حياتهم، ويقدمون طواعية على الانخراط في حياة أشبه بالعبودية نظرًا لما يتحملونه من ديون على أمل أن الصبي الموهوب سوف يكون سببًا في تحسين احوالهم المعيشية مستقبلاً، أما السماسرة الذين يعملون في هذا المجال فيتقاضون 3000 دولار عن الصبي الواحد، ويعرضون على الأسرة تسهيل تهريبه إلى أوروبا، واعدين إياها بأن الصبي سوف يوقع مع أحد الأندية الكبرى.. لقد فُقد عدد كبير من الصبية بهذه الطريقة غير الشرعية.. صحيح أن هناك من بين هؤلاء الأطفال من يمتلك موهبة حقيقية، ولكن هؤلاء ليسوا بحاجة إلى وكلاء، إنهم بحاجة إلى أب وأم يقدمان الرعاية لهم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.