بفخر يقول رئيس وزراء إسرائيل: إن أقوى دولة على الأرض نقلت سفارتها إلى القدس اعترافاً بها عاصمة لدولته المحتلة، غير مدرك أن صاحب الحق وحده من يملك القوة العظمى على هذه الأرض -مهما ظهر ضعيفاً- كلما فعلته أمريكا أنها وهبت مالاتملك إلى من لايستحق، وهو مافعله آرثر بلفور قبل ذلك، فهل تمكن اليهود من إخراص أصحاب الحق؟ كلا، هكذا يقول التاريخ بشهادة البلاد والعباد، وليس هذا ما أريد الحديث عنه. وظهر(جاريد كوشنر) -الفتى الذي قال عنه الفتى العربي: إنه قد وضعه في جيبه- فتاً يتحكم بقرارات البيت الأبيض إلى درجة كبيرة، ويبدو أن له هدفاً ومهمة أكبر من كونه مستشاراً للرئيس الأمريكي، يقول خطابه: إنه زعيم يهودي متطرف، تحدث عن مستقبل دولته -المزعومة- وتاريخها المزيف، أكثر من كونه مستشاراً للرئيس الأمريكي -أو حتى رئيس وفد لدولة أرسلته للمشاركة في افتتاح سفارتها على أرض مغتصبة- وهذا يدفعنا إلى التساؤل: كيف يتصور أن ذلك الفتى في جيب فتى عربياً كلما يفعله أنه يستنزف الأموال ويصرفها على شعب الولاياتالمتحدة ليوفر له آلاف الوظائف، وشعبه يعيش في بطالة مفرطة. يعتقد الفتى الثاني أن الأول يمارس مهامه السياسية -المحلية والدولية- وعلاقاته -الخاصة والعامة- بمزاجية، كمايمارسها هو وأمثاله من الذين يعتقدون الحكم: أن يأمروا وينهوا فلايرد لهم قول -مهما كان غبياً وأحمقاً وفوضوياً، وضاراً بمصالح شعوبهم وأوطانهم- ما دام يخدم الدول التي تتحكم بحياتهم، ألم يقل عنهم ترمب: لن يبقوا أسبوعاً واحداً بدون حمايته؟ ذلك؛ لأنهم حكام يعجزهم تصور الطريقة التي يدير بها الفتى الأول مهامه ومسؤولياته التي يحللها ويقيم نتائجها العديد من المستشارين والخبراء، جاعلين نصب أعينهم مصالح دولهم وأوطانهم، ومن جديد، من منهما في جيب الآخر؟!. للإجابة عن هذا السؤال يجب معرفة الذي حققه كل فتاً منهما، الفتى الأول -في زيارة واحدة لدولة الفتى الثاني- حقق للدولة التي يعمل فيها مستشاراً للرئيس(460)مليار دولار، وحقق للدولة التي يدين بدينها، اعترافاً ومساندة قوية، إلى درجة أن حاخاماتها كاد أن يغشى عليهم، صدمة مما يقوله الفتى الثاني -لقد وجدوه يهودياً أكثر منهم- وبحجم العجز الذي يتمتع به هذا الفتى، أعجز عن فهم المكاسب التي حققها، مقابل تلك الصفقات والمواقف، إلا الوعود بأن يجعلوا منه مطبعة مجانية للحصول على ما يحتاجون إليه من أموال -فوق أن بلاده منذ عقود بئراً ضخماً لاحتياجاتهم من النفط، بأقل الأثمان- وأداة حادة لحرب كل من يرفض الإنصياع لممارساتهم الإستبدادية، فمن الذي في جيب الآخر؟ ومع ذلك فهاهي الأحداث تقول: إن زعماء العرب لم يعودوا وحدهم يسخرون جهودهم ومقدرات شعوبهم خدمة لغيرهم، فهاهو رئيس أمريكا يعمل جاهداً على خدمة اليهود -الذين دعموا وصوله إلى الحكم- ولا أحد يعرف كم هي الوعود التي قطعها على نفسه ولا أنواعها، ما عرفناه أنه ظهر حريصاً على نيل ثقة اليهود، مؤكداً أنه سيفعل كلما بوسعه -ولو كان على حساب مصالح الشعب الأمريكي- وهذا أيضاً ليس ما أريد الحديث عنه. ما كان لأمريكا أن تتخذ قرارها الإستفزازي -الذي سبقه موافقة أهم دول المنطقة، مصر والمملكة- وما كان لليهود أن يقترفوا مجازرهم بالرصاص الحي، ضد شعب يدافع عن مقدسات الأمة ويرفع هامتها، لولا أن الغالبية العظمى من زعماء العرب -وفتيانهم- قد نزعوا عن أنفسهم جلباب القضية الفسطينية فظهروا على حقيقتهم -يهوداً أكثر من اليهود- هم الذين يمتهنون شعوبهم بوحشية شهدت بها الأحداث الدائرة في الوطن العربي منذ سنوات، وأكدتها مواقفهم تجاه كل من يقف مع فسطين المحتلة. [email protected] │المصدر - الخبر