أبرزت صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية ما سمته "التناقضات" في تصرفات عبد الفتاح السيسي, بعد مرور شهر على توليه السلطة. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 28 يونيو أن السيسي تبرع بنصف ثروته لصالح مصر، وذهب بنفسه لزيارة ضحية واقعة الاغتصاب الشهيرة, التي حدثت أثناء حفل تنصيبه في 8 يونيو, إلا أنه هناك تصرفات أخرى تأتي على النقيض تماما مما سبق, أبرزها تزايد "حملات القمع العنيفة" ضد كافة معارضيه، واعتقال الصحفيين. وأشارت الصحيفة إلى أن مصر ترجع إلى "الاستبداد والديكتاتورية بسرعة البرق", في ظل السلطة الحالية. وكان السيسي قال إنه سيتنازل عن نصف راتبه وممتلكاته لدعم اقتصاد بلاده، داعيا المصريين إلى تقديم تضحيات من أجل خفض عجز موازنة السنة المالية 2014-2015 والسيطرة على الدين العام. وأضاف السيسي في كلمة بمناسبة حفل تخرج دفعة جديدة في الكلية الحربية في 24 يونيو "أنا أحصل على مرتب الحد الأقصى وهو مبلغ 42 ألف جنيه.. لن آخذ نصفه, وسأتنازل عن نصف ممتلكاتي من أجل مصر". كما أكد أن الحكومة محتاجة لاتخاذ بعض الإجراءات. ولم يكشف عن طبيعة هذه الإجراءات، لكنه شدد على ضرورة وجود "تضحيات حقيقية" من المصريين داخل البلاد وخارجها. وتساءل "هل نقدر أن نجد مساهمة من المصريين في الداخل والخارج ممن هو قادر من دون ضغط ومن دون حرج؟"، مشددا على ضرورة أن تكون هناك "تضحيات حقيقية من كل مصري ومصرية". كما أشار السيسي إلى ضرورة خفض عجز الموازنة وعدم تفاقم الدين العام. ولفت إلى أنه رفض اعتماد الميزانية الجديدة بنسب العجز الواردة فيها، مما يعني توجهه لاتخاذ إجراءات تقشفية. وفي السياق ذاته، أكد وزير المالية المصري هاني قدري دميان أن وزارته تراجع بالفعل الموازنة بهدف خفض العجز. وقال إنه يتوقع خفض مستوى العجز المستهدف في الميزانية إلى 10% في العام المالي القادم الذي يبدأ في أول يوليو من حوالي 12% في العام الحالي. وأصدرت وزارة المالية بيانا يقول إنها ستعدل الميزانية وسيتم إرسالها مرة أخرى للسيسي. وتتضمن خطة الموازنة التي كشفت الحكومة عن ملامحها في مايو الماضي خفضا كبيرا في دعم المواد البترولية، مع نمو اقتصادي مستهدف بنسبة 3.2% وعجز كلي متوقع بنسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تتضمن زيادة الإيرادات الضريبية من خلال فرض ضريبة مؤقتة لمدة ثلاث سنوات على دخل الأثرياء والشركات الذين يزيد دخلهم السنوي عن مليون جنيه، إضافة لفرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية في البورصة وعلى التوزيعات النقدية بمقدار 10%. ويرى خبراء اقتصاديون أن دعوة السيسي للتبرع لا يمكن أن تكون علاجا لمشكلات مصر الاقتصادية، في ظل غياب خطة حكومية لإصلاح حال الاقتصاد. كما أن المبادرة التي حملت عنوان "تحيا مصر" جاءت – بحسب هؤلاء الخبراء- غير مقترنة بمشروعات معينة ستوجه إليها التبرعات وكل ما يعرف عنها حساب بالبنك المركزي، وأن الجيش صاحب أكبر تبرع إلى الآن بمبلغ مليار جنيه مصري، ثم تعهدات من قبل رجال أعمال.