آه يا جرحي المكابر وأنا كلما داويت جرحا سال في الذكريات ألف جرح، وها أنت يا غزة تزيديننا من دماء أهلك وتكبرين على كل الألم وتصرين على العيش، وقد تكرس لسان حالك إما حياة تسر الصديق او ممات يكيد العدو. والألم فينا أكثر وقد تضاعف، وما عادت الاوجاع تهم ولا الجرح الذي لا يندمل، فقد اخذ الموت مرارا وما زال يفعل وليس الدم الذي يذهب هدرا ولا كل التضحيات. ونسمو فوق الجراح ولا نبالي لكثرتها، وستعود الدنيا الينا وسنرجع يوما لعهدنا وان طال الزمن. ولسوف يأتي الفرج ويأخذنا الى فرح الدنيا، ولمّا نحسب من فقدنا، وكم سنعرف آنذاك قيمة القهر وثمن ان تكون حرا. وستكون حكايتنا رواية عن كل الايام، وسنرويها ولا نمل سردها ولن نذهب بشيء ابدا لغياهب النسيان. ويأتي العيد مكسورا كما يأتي منذ نكبتنا، والنكسة فينا طبعته بلون أسود وقد تركناه ليكون شاهدا كلما عاد ونحن لسنا بخير. وتبكينا الايام وقد طالت وكانت عذابا، وتغيب البسمة ومعها بقايا فرح صغير، ويستقر البؤس فينا أكثر وليس اليأس، ويستمر الاصرار لاسترداد الحق، وهو لن يضيع كلما طلبناه أكثر، وشعبك يا غزة جمل المحامل ويشهد عليك العالم أنك اقوى من كل النار وانك ما انحنيت ابدا ولن تفعلي هذه المرة ايضا. وأنتقل منك اليك، وانت تدرين كم تشتت الاشواق، وكيف ان الحنين هو كل الأسى في الدواخل، وقد غادرني الذين احبهم وتركت بدونهم غدرا وما بقيت وحيدا كالسيف فردا. والذكرى تبعث الذكرى ليظل الأسى يبعث الأسى، ولن يعود الفجر باسما لمّا غادرت للغيب عني، وكنت الفكر والبصر والقمر، وتبعدني الايام عنك ليكون العذاب بطعم طيفك الذي كلما لاح تركني بحسرة تخفف وطأة الفراق الذي حل مبكرا حين غادرت وتركتنا مفجوعين، وان أذكرك يا هاني وغزة معا فان أمري ليس ملتبسا ولا هو مستقر ايضا.