إما الأسد أو نحرق البلد! أي نوع من الوحوش هؤلاء؟! المفترسات تقتل عندما تجوع لتأكل، وهؤلاء يقتلون بلا سبب مقنع، بل يطلقون النار خلف الحدود قاصدين قتل المهاجرين الفارّين! لم أكن أتصور يوما أن إنسانا عاقلا يمكن أن تصل به الأمور ليهدم بلده، ويحرق شعبه ويقتل الصغار والكبار والنساء والشيوخ، ويهدم البيوت من أجل البقاء على الكرسي اللعين! ما هذا الكرسي العفن الغارق في الدماء الذي يستحق كل هذا العناء! وهل يهنأ الإنسان في التكور عليه، وقد تلطخ بالغالي من الدماء، وقد تناثرت حوله الأشلاء وتمددت أمامه جثث الصغار والكبار! من أين جاء هذا الوحش؟ وكيف جثم فوق الرؤوس والأعناق وهو بكل هذه القذارة! وبأي شريعة أو قانون أو عرف يحق له أن يحكم ويقضي في الدماء والأموال والأعراض، ولم ينتخبه شعب ولم يتوافق عليه عقلاء؟! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا! لا ظلم بعد هذه الأوقات، ولا ذل في هذه الأيام الربيعية، ولا بقاء إلا لله. نرثي للضحايا وللشهداء وللأبرياء، ولكن بطن الأرض ودفء رمالها أحيانا خير من المذلة فوق غبرائها، فالحياة تحت ظل الظالمين المهزومين الذين يتنمرون على شعوبهم، ويستبيحون الدماء والأعراض، ويذلون للأجنبي فعلا حياة لا تطاق! فما طعم الحياة تحت ثقل نظام لا يحترم شعبا، ولا يراعي حرية، ولا يوقر ديناً ولا يدافع عن مواطن، بل يطأ بالنعال من خالفه، ويحرق بالكهرباء من عارضه! احتلت الجولان في ساعات فلم يفعل سادة القصور شيئا، وشقت الطائرات الإسرائيلية قريبا سماء سورية، ودخلت إلى الأعماق وقصفت منشآت حيوية ثمينة وسوتها بالأرض، فماذا كان رد فعل النظام؟ لقد أغمض عينيه وصم أذنيه وابتلع ريقه ولم يستنكر الفعلة، بل برّأ الأعداء واستنكر أن يكونوا قد دخلوا الأجواء أو قصفوا! لكن في المقابل نستذكر ما فعله بالمعارضين في الثمانينيات؛ حيث هدم حماة وقتل ما يزيد على الثلاثين ألفا من خيرة أبناء وبنات البلد، وأعدم السجناء بلا محاكمة، وطارد الأحرار في جميع أنحاء سوريا، بل في كل العالم! وها هو الآن يقوم بنفس الدور الوسخ، لكن الله له بالمرصاد، فلقد حمل الشعب السلاح، وأخذ يدافع عن حقه ودينه وعرضه وحريته وكرامته، ومن قطع ثلثي الطريق لن يتراجع، بل سيكمل الدرب، ويصل إلى الهدف الغالي، ويقطف ثمار النصر الثمينة. وما ذلك على الله بعزيز، ونُذكّر بقول الله العظيم: (إنا من المجرمين منتقمون). ويعتب الإنسان على العالم المتقدم الذي يدعي الحضارة والحرية والقيم الإنسانية، والذي يضجّ لقتل يهودي أو لاضطهاد غربي أبيض، لكنه لا يلتفت إلى ضحايا القتل الأبرياء الذين يتراوحون بين المائة والمائتين يوميا، وإلى المشردين الذين يبلغون سبعة ملايين على تقدير بعض المطلعين. لكن إن لم ينتبه الغرب لهم، فالله القوي يراهم ويشاهد دماءهم وأشلاءهم، ويدبّر الأمر بعلمه وحكمته وقدرته، وسيبرم لهم إبرام رشد، وسيقطع لهم حكما عادلا تتطلع العيون والعقول والقلوب إلى قوته وشدته وبرقه الذي يخلب الأبصار.