يا رب لطفك ورحمتك، يا رب أسبغ علينا المزيد من نعمة الدين والعقل حتى نتمكّن من استيعاب ما نسمع، فالجرح الذي سببته طعنة الرئيس عباس الغادرة لا يزال ينزف، وها هي العاهرة ليفني تريد وتسعى للإجهاز على ما تبقّى لدينا من صواب، فوزيرة الخارجية السابقة للكيان الصهيوني وعلى عهد المجرم أرئيل شارون تتباهى وعلى الملأ وعلى رؤوس كل الأشهاد بمغامراتها وفضائحها الجنسية التي أقدمت عليها خدمة لأمن بلادها، وذلك خلال سنوات خدمتها في الوظيفة كجاسوسة للموساد. الكارثة ليست هنا، بل في الإضافة التي رافقت تصريحاتها والتي قالت فيها أنّ أغلب زبائنها كانوا من المسؤولين «العرب» والذين «تستحي» من ذكر أسمائهم حرصا منها على علاقاتهم بزوجاتهم وأسرهم وبيوتهم، العاهرة تفيد أيضا أنّها كانت تأخذ منهم كل الأسرار والمعلومات التي تهمّ كيانها الصهيوني من خلال ممارسة الدعارة معهم، وتختم بالقول أنّها تمتلك الأسماء وكل التوثيق اللازم لإثبات صحة ما صرّحت به. من هم هؤلاء المسؤولين يا ترى؟ فالذين التقوا معها علناً وبلا أدنى حياء معروفون، والذين مدّوا أيديهم لمصافحتها وتقبيلها وأخذ الصور التذكارية إلى جانبها معروفون أيضا، والذين امتدّت أيديهم لقصّ أشرطة افتتاح مستعمرات صهيونية جديدة على أرض الوطن الفلسطيني كذلك معروفون ومواقع الصحافة الإلكترونية تمتلئ بلقطات الفيديو المصورة لهم، فمن هم يا ترى؟ ومن أيّ بلدان هم؟ وما هي مواقعهم؟ وما هي درجات «المسؤولية» التي كانوا يشغلونها حتى استطاعوا وتمكّنوا من الوصول إلى أحضان ليفني وبعد أن خضعت رقابهم لها وللمغريات التي قدّمتها لهم؟! العاهرة ليفني تقول أنّها استطاعت ابتزاز زعماء ورؤساء ووزراء، وأنّها قتلت فلسطينيين وعلماء عرب، كل ذلك جاء في مقابلة أجرتها معها صحيفة «التايمز» البريطانية مؤخرا، والتي نوّهت فيها إلى أنّها تفرج الآن عن هذه المعلومات بعدما أباح أكبر حاخامات الصهاينة ويدعى آري شفات، للنساء الصهيونيات ممارسة الجنس الحرام مع الأعداء مقابل الحصول على معلومات مهمة، وقامت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بإعادة نشر المقابلة للتأكيد على أنّ ليفني هي أحد أشهر القيادات الصهيونية التي استخدمت ووظّفت الجنس مقابل الحصول على هذه المعلومات. ليفني الملاحقة دوليا والمطلوب اعتقالها بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، قالت ما عندها وأفرجت عن ما بحوزتها من «بطولات»، فماذا سيقول العرب «الأشاوس» بالمقابل عن الأمجاد التي حققوها على أرض ميدان فرشة ليفني؟ وهل سيخرج أحدهم يا ترى ليردّ على الصاع بصاعين؟ لا أعتقد ذلك أبدا، بل لربما يقومون بإرسال ملايين الدولارات لها كهبات وهدايا حتى لا تصدح حنجرتها بأسمائهم، ولكن لا بأس، فنحن نستطيع التكهن والتخمين وقديما قالوا «من يوجد على راسه بطحة فليحسس عليها». لغة التكهن والتخمين من الطبيعي جدا أن تقودنا أولاً إلى مراجعة الكثير من أسماء قيادات سلطة رام الله التي قد تحوم حولها الشبهات، وبعيدا عن سوء النية والاتهامات غير الموثقة، فإننا نشعر أنّ البعض من هذا الكم الذي تصرّ ليفني على التكتم عليه وعدم فضحه ولو مؤقتا، قد يكون من تلك الطينة التي من السهل جداً عليها أن تقع في حبال ومصائد ليفني، هذا ما يتندّر به أهلنا في الضفة الغربية لأنهم على دراية واسعة بخفايا وخبايا أزقّة رام الله وسلطتها. إنّ ما كان يسود من فقدان للحس والضمير والأخلاق وعلى امتداد ساحة المنطقة العربية إبان حقبة هذه الجاسوسة ورئيسها القاتل شارون، يفرض علينا أن نطلق العنان للتكهن والتخيل حتى يطوف بكامل مساحة الرقعة الجغرافية العربية، لأننا غير قادرين على تبرئة أحد من هؤلاء المسؤولين الذين قد يعتزّون «بشرف» الوصول إلى مخدع هذه العميلة القذرة، والذين قد ينظرون إلى ذلك على أنّه من أهم إنجازاتهم وبطولاتهم في ساحات الوغي التي يجيدون الرماية فيها، والكر والفر الذي لا مثيل له. إنّها تصريحات في غاية الصفاقة والنذالة والرخص، وقد لا تكفي كل مساحيق التنظيف التي على الأرض للتخلص من وسخها وقذارتها، ولأن رجب ليفني الذي قررت أن تفتح ملفاته قد أوصلنا إلى رؤية العجب الذي لا يحتمل ولا يطاق، فإننا غير قادرين على القول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من تدور حولهم الشبهات فهم إلى جهنم وبئس المصير.