واحدة من الاجتهادات التي تناسب الألفية الثالثة هي ما جادت به قريحة مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة حيث صرح بأن إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا هي هاشمية, ولا أدري إن كان قد نسبها إلى أبي طالب أم إلى أبي لهب, لكن في كلا الحالتين لن يمنع عنها ذلك أنها سيدة من آل البيت, لذا أتوجه شخصيًا إلى الملكة إليزابيث وأذكرها بألا تنسى نصيبها من الخُمس..!! تطرقي للموضوع ليس سخرية ولكن ماذا سنستفيد من كونها هاشمية أم أموية؟ أم يظن سماحة المفتي بأننا نعاني من نقص في الملوك والرؤساء؟. الفروقات بين السنة والشيعة كانت حتى وقت قريب متجمدة في الخلاف الفقهي وبعض التباين في الطقوس المذهبية مع بعض الصدامات المسلحة عبر التاريخ الإسلامي لكنها لم تصل إلى مرحلة تكفير الطرف الآخر, واستباحة دمه, وتغيير الفكرة بطريقة مناسبة لعصرنا السريع حذف الرأس. لا يستطيع أحد نكران حقيقة أن بعض قادة المكونات السياسية في المنطقة, وزعماء الجماعات المسلحة فيها, وأمراء الحروب قد يمموا وجوههم شطر البيت الأبيض, وورطوا أقوامهم في ضريبة حرب مدفوعة الأجر مسبقًا لكن تداعياتها على المجتمعات العربية ومخرجات تلك الصراعات القذرة ستنعكس علينا وعلى الأجيال القادمة, وأقل توصيف لوضعنا الراهن بأننا نتجه صوب هولوكوست إسلامية أو محرقة جديدة, فهناك من ربط وجوده ومستقبله في المنطقة بتأجيج القتال المذهبي بين ملوك الطوائف داخل الأقطار العربية, ويبدو أن الأمر لن يتوقف عند الدول التي شهدت الربيع العربي في ظل وجود حاضنة شعبية على استعداد تام من أجل التضحية أو الانتحار الجماعي كنوع من الاعتقاد الديني بأن هذه الفتن هي حتمية تاريخية لا مناص منها, لأن سفك الدماء سيُعجل القيامة رغم أن هذه الفكرة راودت الدولة العثمانية قبل خمسة قرون فلا هي تفادت السقوط ولا القيامة قامت حتى الآن..!! لو كان هناك عداء حقيقيًا بين إيران والغرب لما سلمت أمريكاالعراق لملالي طهران وللطوائف الشيعية. كذلك الطائرات بدون طيار في اليمن تستطيع أن تقتفي أثر راية سوداء موسومة بختم النبي محمد, ولا تستطيع أن تلتقط راداراتها كل الشعارات العدائية المرفوعة هنا وهناك, رغم قناعتنا الشخصية بعدم أحقية انتهاك السيادة اليمنية وتصفية الناس دون محاكمات. بالإضافة إلى أن السفارة الأمريكية أغلقت أبوابها أمام الناس تحسبًا لأي عمل إرهابي تنفذه قاعدة متمركزة في صحاري حضرموت, ولا تخشى السفارة على نفسها من التواجد المكثف للمسلحين في العاصمة ممن يبحثون ليلًا نهارًا عن الموت لها, فهل وصل العداء بينهما إلى حد القطيعة وعدم المواجهة..؟ في المستقبل القريب سيطفو على السطح اتفاق امريكي – ايراني بشأن الملف النووي ولعل تمكين الميليشيات الشيعية والمحسوبة على إيران في المنطقة ما هو إلا علامة حسن نية, وعربون صداقة لتسريع ذلك الاتفاق, والذي سيكون تاريخيًا لأنه سيعمل على تغيير المعطيات السياسية الدولية, والعلاقات الدبلوماسية, والتحالفات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط, والسؤال هنا كيف ستمرر طهران هذا التصالح على مجتمعها و تدفع أذيالها إلى هضمه دون تجشؤ؟ من جهة ثانية يبدو أن الخطاب الديني للجماعات المسلحة في المنطقة يتوقف تأثيره فقط في نطاق الاستعطاف, والاستقطاب, والحشد, والعسكرة, أي أنه لا يشكل أي تهديد جدي للخارج, وكل تلك الإيماءات, والألفاظ, ورفع السبابة, وتقطيب الحواجب, والتكشيرة, وغيرها كلها مواد ليست للتصدير وإنما للاستهلاك المحلي. إن السياسية الداخلية لهذه الجماعة أو تلك والتي لا يُدركها معظم الأتباع تدور في فلك مغاير إلم تكن تسير عكس التيار تمامًا, ويتضح ذلك من النتائج المترتبة على الواقع العربي والإسلامي عقب كل عملية إرهابية أو حرب أهلية في المنطقة عمومًا. إذن التأثير في الجماهير, والتمدد على الواقع ليس مرهونًا بكونك من آل البيت أم من كفار قريش بقدر ما يتكأ على أوراق اللعب التي تملكها, وقدرتك على الترويض والتكيف لدرجة التحول إلى أداة طيعة, وكذلك إيجاد مصالح مشتركة بينك وبين رب البيت الأبيض وآل البيت الأبيض…!!