المتابع لواقع حال العالم الإسلامي يرى بوضوح ما يتعرض له من دوامة الإرهاب والفوضى، من نيجيريا حتى أفغانستان، فموجة الإرهاب هذه لم تنشأ من عدمٍ، بل هي السيناريو المعد للقرن الواحد والعشرين، والمحور الأساس لسياسة القوى الدولية في المنطقة التي تتمتع بموارد طبيعية هائلة، وتشرف على أهم طرق التجارة العالمية. ونؤكد أنَّ اللعبة الآن تمارس على وعي النسل القادم للمسلمين بدفعه نحو التطرف وإبعاده عن قيم التسامح، لتحويل البلدان الإسلامية إلى غابة تتصارع فيها القوى، لتأتي القوى الدولية التقليدية التي تقوم بدعم الأطراف لضمان استمرارية الصراع والفوضى الخلّاقة في بعض الدول وترسيخ حكم بعض الأنظمة الديكتاتورية وشرعنتها في دول أخرى. ومن الضروري أن نجيب على سؤال مهم هنا، لماذا يتم تطبيق الفوضى الخلّاقة الآن؟ والجواب هو في التهديدات الاقتصادية التي بدت في الأفق ضد مصالح الدول الكبرى، والتي خلطت الأوراق في المنطقة لأول مرة منذ الحرب العالمية الأولى. وهذه القوى التقليدية أرادت استباق الأمور واستغلال هذه الفضاء المفتوح في العالم العربي بإثارة الفوضى والكراهية في الدول الإسلامية. مكافة إرهاب أم مكافحة الحرية هل كان هدف التدخل الأميركي في العراق نشر الديمقراطية؟ وما الذي حصل بعد ذلك؟ مضت 12 عاماً، والبلاد تعصف بها التنظيمات المسلحة من كل حدب وصوب، ففي شهر كانون الثاني/ يناير فقط قتل 790 شخصاً، وهناك من يدعي أن الرقم تجاوز الخمسة آلاف شخص، فهل نستطيع أن نسمي هذا البلد الذي تجري فيه أنهار الدماء ب "الدولة". أما في جارتها سوريا فالأوضاغ أشد سوءًا هناك، فمن ثورة شعبية تطالب بالحرية والديمقراطية، إلى صراع مسلح بين جبهتي المعارضة والنظام إلى غابة تعج بالتنظيمات والجماعات المسلحة. اليمن الضحية الثالثة للتنظيمات إنَّ اليمن اليوم عرضة لأن يتحول في أي لحظة إلى العراق أو سوريا، يخضع لقوانين التنظيمات والجماعات المسلحة، وبالتأكيد سيناريو الفوضى الخلّاقة ليس ببعيد عن اليمن، بل ستكون الدولة الثالثة، إن بقيت الأمور تجري على ما هي عليه هناك. إخوان مصر والوقوع في فخ العمل المسلح من الضروري في هذه المرحلة أن نلفت إلى الادعاءات التي دارت في الآونة الأخيرة بأنَّ حركة "المقاومة الشعبية" في مصر تتبع لحركة الإخوان المسلمين، ومكمن الخطر هنا إنَّ الإخوان اكتسبوا شعبيتهم ليس في مصر فقط بل في بلدان عربية أخرى جراء موقفهم من الديمقراطية ولجوئهم للعمل السياسي السلمي البعيد عن خطاب التطرف والإرهاب، ونحن على ثقة بأنَّ الإخوان دفعوا أثماناً باهظة في زمن جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، ولم يلجأوا للعنف، أما إذا كان هناك أشخاص انشقوا عن فكر الجماعة وانضموا إلى حركة المقاومة الشعبية فبالتأكيد سيساهم ذلك في إلحاق مصر مستقبلاً في دائرة دول الفوضى الخلّاقة، والدخول في دوامة العنف الداخلي. أما بخصوص تركيا فيحاولون تطبيق عدة سيناريوهات عليها، كالسيناريو الأوكراني والسوري، كما حاولوا استغلال موجة الربيع العربي بإثارة المظاهرات التي تطالب باستقالة الحكومة. وعلينا أن نؤكد أنَّ الإرادة التركية كانت الأقوى في العالم الإسلامي في رفض العنف والخضوع لحكم التنظيمات والجماعات. وعلينا أن لا ننسى في نفس الوقت بأن تركيا الدولة المصنفة الخامسة في قائمة دول الفوضى الخلّاقة بعد العراقوسورياواليمن ومصر.