في واقع الأمر لا يوجد أمم متحدة ولا مجلس أمن، ولا أي مجلس من مجالس الأممالمتحدة، يمكن له مساعدة أو إفادة أي دولة على وجه الأرض، عدى تلك الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية 1945م التي ساهمت حينها في إنشاء منظمة الأممالمتحدة، على أنقاض ما كان يسمى قبل ذلك ب عصبة الأمم- وهي (أمريكا، الاتحاد السوفيتي حينها -روسيا اليوم- فرنسا، بريطانيا، الصين). من الواضح بأن هذه الدول التي أشرفت على إنشاء هذا الكيان، أنها أنشأته لغرض واحد فقط ، إنه حماية مصالحها دون سواها، والدليل أنها منحت لنفسها الحق، في التدخل بشأن أي دولة في العالم، وذلك من خلال ما سمي بحق الفيتو، الذي يمكنه أن يعطل أي قرار لا يخدم مصالح تلك الدول، أو قد يؤثر عليها. هذا الحق الذي احتفظت به تلك الدول لنفسها، دون بقية دول العالم، هو أساس ما يقوض نظام الأممالمتحدة، ذلك الحق هو الذي جعل من هذه المنظمة حارس أمن لرعاية مصالح تلك الدول. لذلك فقد أثبتت هذه المنظمة فشلها، بحيادها لتلك الدول الخمس دون سواها، والتي أضحت تتحكم بقرارات هذه المنظمة، لذلك في حقيقة الأمر، فإنه بالنسبة لبقية دول العالم، لم يعد لهذه المنظمة من حاجة. مادامت لا تخدم سوى تلك الدول وحلفائها، أما بقية دول العالم، فإن هذه المنظمة، تمتلك كافة الحق في فعل كل ما تريد، فلديها تجاهها بنود وفصول، وقرارات واجبة التنفيذ، كل ذلك خدمة لمصالح تلك الدول الخمس، أمنها واقتصادها، ورفاهيتها. أما تلك القضايا التي قيل لشعوب العالم بأن هذه المنظمة وجدت من أجلها، والتي تتعلق بالقيم الإنسانية، والأخلاقية، وكل ما يتعلق بقضايا الإنسان وحقوقه الحصرية، فلم يسجل التاريخ(حسب علمي) أي مواقف قوية وجادة وحقيقية، لهذه المنظمة في أي شعب، على وجه هذه الأرض، ولا أدري إن كان لديها مثل تلك المواقف في أي كوكب آخر. إن خير دليل على ما أقول، هي قضية الشعب الفلسطيني، التي تزامنت قضيته مع إنشاء هذه المنظمة، حيث إن المتأمل في نظام وأهداف هذه المنظمة، سيجد أن كل ما يطالب به الفلسطينيون، يتجسد بكل وضوح، في أهداف منظمة الأممالمتحدة. لكن الواقع لا يخفى على الجميع، ذلك أنه لا مانع لدى هذه المنظمة، من أن تنتهي الشعوب بكل تنوعاتها، مادام ذلك الوضع سيحافظ على مصالح الدول الخمس، شواهد كثيرة تؤكد ذلك، أهمها ماجرى في العراق وفلسطين، وما يجري اليوم في سوريا، اليمن، مصر، العراق، ليبيا. عندما نسأل ما الدور الذي لعبته هذه المنظمة، تجاه الأهداف التي قامت من أجلها ؟! ما هي القرارات التي نفذتها تلك الدول التي انتهكت كل قيم الإنسان والأرض والعرض ؟! سيكون الجواب هو صدى هذه الأسئلة، الذي إن تم ترجمته سيعني بكل وضوح، لاشيء، وإسرائيل خير مثال على ذلك. قانونياً: فإن المواد من(2) إلى (7) من ميثاق هذه المنظمة، كلها تنص على أنه لا يوجد في ميثاق الأممالمتحدة، ما يخولها للتدخل في الشؤون الداخلية للدول. ذلك الكائن (جمال بن عمر) الذي تم إرساله إلى اليمن لرعاية الحوار(أو الخوار الذي يجب أن يفضي إلى صراع بين الأطراف، حسب سياق ماجرى طوال أربع سنوات، وما وصلت إليه الأمور) أو أن يتم تحويله لصالح أطراف معينة. هو الآخر قال: في آخر تصريح له يوم الأربعاء4فبراير2015م ( ليست لنا أي سلطة على اليمن، لكننا نقدم النصح) مضيفاً: «ليست للأمم المتحدة مصالح في اليمن.. لا شركات، ووجودنا هو في الجانب الإنساني منذ زمن بعيد، ومهمتنا السياسية تتمثل في تقريب وجهات النظر، وهذا ما نقوم به منذ عام2011» مشيرا إلى أن المنظمة الدولية «ليست لديها عصا سحرية» إذاً: ذلك هو الوضع القانوني الذي يجب أن تكون عليه هذه المنظمة بشأن الشؤون الداخلية للدول. كل ما سبق، يؤكد بأنه لا يحق للأمم المتحدة، التدخل في شؤون اليمن الداخلية-وأي دولة أخرى طبعاً-. السؤال: مادام الأمر كذلك، فبأي حق تمنح الأممالمتحدة لنفسها مشروعية التدخل في اليمن بهذه القوة وذلك الحماس؟! بأي حق يقتحم علينا ذلك الكائن وطننا، لأكثر من36مرة منذ العام2011م ؟! الجميع يدرك بأن ما يجري اليوم في اليمن، ليس سوى نتيجة، كان أكبر عوامل قيامها، هي تلك الرعاية التي رعتها منظمة الأممالمتحدة، وتلك الزيارات التي قام بها مندوبها إلى اليمن. لم يعد يخفى على أحد بأن هذه الرعاية، هي التي أخرجت أشباه قوم ذو القرنين من جحورهم، أولائك الذين خرجوا لا يلوون على شيء، سوى النهب، والسلب، واقتحام البيوت، وسرقة أموال المواطنين وشركاتهم، تاركين كل لص، كل كاذب، كل عميل. وإن تعجب فتعجب من أنهم يفعلون ذلك باسم مكافحة الفساد، وحماية حقوق المواطنين !!! هذه الكائنات، تريد إقامة دولة في القرن العشرين، ولكن بطريقتها الخاصة، تلك الطريقة التي كان الرجل البدائي الأول يديرها في القرون الأولى، بكل تسلطها، وعبوديتها، وغجريتها، وغبائها، وجهلها بكل النظم السياسية، والإدارية، والأخلاقية، و حتى الإنسانية. عشرات الألوف من اليمنيين، الذين قضوا على أيدي هذه الجماعة وحلفائها، تحت إشراف ورعاية مبعوث الأممالمتحدة لليمن، لأن تلك إحدى مهامه ومسؤولياته ف اليمن، الواقع هو من يقول ذلك لست أنا، الدليل أن الأممالمتحدة لم تحرك ساكنة، نعم هي تقلق، وتأسف، لأن هذا كل ما تملكه عندما تكون الأحداث خادمة لتوجه وسياسة الدول المتحكمة بها. الأمين العام لهذه المنظمة قطع قلوبنا قبل يومين، حين قال (اليمن يضيع من بين أيدينا) شخصياً شعرت بالأسى والحزن، حين سمعت هذه العبارة، وأنا اليمني الذي يهمه كل ما يدور في بلده، أشعرتني عبارته بالتقصير والخوف على بلدي. رغم أنني لا أدري حقيقة ما تعنيه عبارته تلك (اليمن يضيع من بين أيدينا)؛ لست أدري هل يقصد أن الموقف المتصلب إلى حدٍ ما، لممثلي ثورة فبراير2011م في الحوار وعدم رضوخهم لضغوطات مندوبه، التي تصب في صالح حلفاء الثورة المضادة، قد يقود اليمن إلى نوع من التحرر من سيطرة هذه المنظمة، وهيمنة تلك الدول التي تسيطر عليها؟! لهذا نقول: دعونا نكون أكثر صراحة مع هذه المنظمة، ومندوبها العام في اليمن، الذي عمل جاهداً على مدار أكثر من 36زيارة لليمن خلال أربع سنوات، على إفشال ثورة فبراير2011م اليمنية، وإعادة ليس النظام السابق وحسب، بل ماهو أسوأ منه بالنسبة لليمنيين، مادام قبل أن يرعى ويحمي مصالح تلك الدول، المتحكمة بقرارات الأممالمتحدة، جون كيري بكل وضوح يقول: بأن الحوثيون قدموا لأمريكا مالم تحصل عليه في ظل النظام السابق خلال عشرين عاماً. لذلك فقد تمثلت مهمة مندوب الأممالمتحدة، في إيصال الحوثي إلى ماهو عليه اليوم، لقد كان حريصاً على عدم إصدار حتى بيان إدانة، لقيامه باحتجاز رئيس الدولة وحكومته، والتسبب في إيصال البلاد إلى هذا المأزق. هذه رعاية تكاد تكون غير مسبوقة، لا يمكن الحصول عليها إلا بتقديم مالايمكن تقديمه. في حقيقة الأمر ما كنت أتوقع بأن لعبة أطفال، قدمها أصحاب خيال واسع منذ زمن، أن تصبح تلك اللعبة هي التي تتحكم في مصير شعوب عدة بهذه الصورة السمجة، ذلك (البوكيمون) الذي كان عبارة عن لعبة في وقت ما، غدا اليوم في تلك المنظمة، لعبة سياسية حقيقية، بأيادي تلك الدول الخمس، في الأممالمتحدة. لذلك نقول: إننا في اليمن في وقت الجد، نحن في مرحلة معاناة قاسية، أو ضاعنا صارت أكثر صعوبة وخطورة، لذلك لا نريد أن نلعب معكم، دعونا نرتب أمورنا، كونوا بعيداً عنا، ما أمكنكم البعد. وجودكم الإنساني، الذي تحدث عنه مندوبكم لا نريده، لسنا بحاجة إلى إنسانيتكم تلك، إنها إنسانية لا علاقة لها بإنسانية الشعوب التي على شاكلة شعبنا في اليمن، وسوريا، وفلسطين، والعراق، ومصر، وليبيا، وغيرها. لذلك دعونا في إنسانيتنا التي نعرفها، وارفعوا أياديكم عنا، كما ينص على ذلك ميثاقكم. دعونا وقضايانا، لا نريد نصائحكم، لم نعد بحاجة لدوركم في اليمن، ولا لمندوبكم، ذلك الذي يتاجر بحياة أبناء شعبنا في اليمن، تماماً كما يفعل بقية ممثليكم أيضاً في الشعوب العربية والإسلامية على وجه الخصوص. نحن مكتفين تماماً من قلق أمينكم العام، لدينا في اليمن بشكلٍ خاص، وفي دول العالم العربي والإسلامي بشكلٍ عام، لدينا مخزون هائل جداً، من إداناتكم، وشجبكم، واستنكاركم، وقلقكم، وتأسفكم، سيكفينا ذلك المخزون، لعشرات القرون القادمة. فلا تقلقوا بهذا الشأن.. ارتوينا حتى الثمالة من مواقفكم المخزية، تلك المواقف التي تلوم الضحية، وتحمله مسؤولية ما حل به من إجرام. تلك المواقف التي لم تزد على إدانة جرح الضحية لماذا ينزف، لوم الدماء على مغادرة الوريد، لوم الجسد لماذا أصبح عليلاً، لوم الجريح لماذا جرح، لوم المعذب لماذا تألم، لماذا صرخ، لوم الجثة الهامدة لم لا حراك لها، لوم البدن لماذا سمح للرصاصة بتمزيقه. أما الدور العملي لذلك، فإنه العقاب، الحصار، القضاء على أي أثر للروح الباقية في جسد المظلوم، مانعة أي تدخل من أي جهة كان، مادام يحاول تضميد الجراح، التخفيف من ألا لآم، القرب منه بشيء من الإنسانية، أو الرحمة. باختصار فإن موقفكم هو الإشراف على رؤيته يلفظ أنفاسه، بكل معانات الكون؛ هذا هو الدور الذي تلعبه هذه المنظمة وخاصة في الوقت الراهن، وذلك ما نشاهده ونلمسه في الكثير من الشعوب المغلوبة على أمرها. نعم نحن ندرك بأنه لا مصلحة للأمم المتحدة في اليمن، لكنا نعرف جيداً مصالح تلك الدول في اليمن، تلك الدول التي تتحكم بمنظمتكم، تلك الدول التي تخلط أوراق المتحاورين، لمناصرة الظالم على المظلوم، لهذا نقول لهذه المنظمة وسمسارها في اليمن، توقفوا . نحن سندير خلافاتنا، سنعالج قضايانا بدونكم، نحن على ثقة بأننا قادرين على الخروج بحلول حقيقية لمشاكلنا، ولو كان ذلك عن طريق الصراع، فقط ارفعوا أياديكم، لا تدعموا أحداً معيناً، لا تدعموا طرفاً من الأطراف كائناً من كان، ومهما تكن النتيجة، فستكون خيرٌ مما سيحصل في حال تدخلكم. أما القوى السياسية في اليمن فنقول لها: أنتم منذ أربع سنوات مضت قريبون من هذه اللعبة، ندرك بأن لديكم مخاوفكم، أنتم الأقرب إلى حقيقة التهديدات التي يطلقها ذلك المسخ، تعرفون بالفعل أنهم في كثير من الأحيان ينفذون ما يعدون به من إرهاب وعنف، ضد البلدان التي تتمرد عليهم، تدركون كيف يمارسون تدخلاتهم السافرة، كما حدث في العديد من الدول، ندرك بأنكم حريصون على هذا الشعب، قلقون على مصيره، ندرك ذلك، نحس به، نلمسه، من خلال استجابتكم المتكررة للحوار مع لذلك المعتوه . لكننا كشعب، نقول لكم بكل صدق، مللنا ذلك الإنتظار تحت سيف هذه المنظمة، التي لا تهتم إلا بمصالح تلك الدول التي تتحكم فيها. فإذا أردتم الخروج من الوضع الحالي، فدعونا بداية نمنع ذلك السمسار من أن يضع قدمه الخبيثتين، على ترابنا اليمني مُجدداً. وعليكم أن تديروا حواراً مسئولاً فيما بينكم، حواراً له ثلاثة أهداف: اليمن، ثم اليمن، ثم اليمن. توقفوا عن المراوغات السياسية، فإن لدينا القدرة التامة على التمييز والتفريق بين الشعارات، والممارسات، الفترة الماضية، كشفت أقنعة الجميع، لم يعد بمقدور أحد منكم أن يخدعنا نحن الشعب، كان ذلك ممكناً منذ زمن طويل، ذلك الزمن لم يعد له وجود. في عصرنا الحالي، الكثير لن يسمحوا لكم بذلك (السير تيم بيرنرز لي مخترع الوِيب، مارك زوكر بيغ مخترع الفيس بوك، جان كوم مخترع الواتس، جاك دورسي مخترع التويتر، مارتن كوبر مخترع الهاتف النقال، تشاد هيرلي وستيف تشين وجاود كريم، مخترعي اليوتيوب) وآخرين غيرهم كثير لن يسمحوا لكم بذلك. لذلك ندعوكم إلى التعاون مع هؤلاء، لن يرفض أحدٌ منهم أن تستخدموا وسائله ومخترعاته، لكشف حقائق ما يجري في غرفكم المغلقة، قولوا للشعب مالذي يُكاد له، حدثوه عن المطالب والشروط التي يقدمها كل طرف، وما الهدف من وراء مثل تلك المطالب. أعقدوا حواراً مباشراً أمام الشعب، دعوه يشارك في تلك المعارك التي تديرونها فيما بينكم، قدموا للشعب مطالب وشروط كل طرف، الشعب سيعرف حقيقة تلك الحوارات، إذا كانت علنية ومباشرة، الشعب قادر على فهم الأنفع له منكم جميعاً، ثقوا به فقد وثق بكم زمناً طويلاً، دعوه يختار، ثم دعوه يتحمل نتائج خياراته. أدعوكم إلى تقديم هذا المقترح لكافة الفرقاء السياسيين، ثم اعلنوا للجماهير من قبل ذلك ومن رفضه، وستكون هذه البداية ليعرف الشعب من معه ومن عليه. [email protected]