لأن المستبدين لا يجيدون التفكير، في الحاضر ولا في الماضي، ولا في المستقبل، لأنهم لا يعتبرون بمجريات الأحداث وحقائق التاريخ وعبره. فكل مستبد يعتبر نفسه فريداً إلى حدٍ ما، هناك اعتقاد كاذب في أعماق كل مستبد، في وجدانه، يسوقه إلى ممارسة الإستبداد، دون النظر إلى حاضره أو ماضيه. لو أن المستبدين يفهمون التاريخ، سيدركون بأن الشعوب لا تثور ولا تنتفض إلا لرفع ظلم المستبدين، واسترداد حقوقهم المسلوبة، فلماذا يحاولون تكرار نماذج الإستبداد ؟! تلك النظرية تحتم علينا التذكير بحقائق التاريخ القريب، بمجريات الأحداث التاريخية، وشيء من حقائق الواقع، نقدمها حباً، ووطنية، وإنسانية، فنقول: أيها الحلفاء: لم تكن ثورة فبراير2011م ضد شخصٍ أو حزب، أو جماعة أو طائفة، لم تكن ضد قوة مسلحة غاشمة، بل كانت ثورة شعبية بامتياز، ضد ممارسات سياسية خاطئة في نظام الحكم، شملت كافة المستويات، لذلك كانت ثورة شعبية سلمية نموذجية. من خلال هذه الثورة شهد العالم أجمع، بأن أبناء هذا الشعب، يعرفون جيداً الطريق إلى الحرية، يدركون كيف يأخذون حقوقهم، وأن لديهم القدرة على استخدام كافة الوسائل الممكنة، لرفع الظلم واسترداد حقوقهم، بكل شجاعة، وقوة، وإقدام. وأثبتوا للداخل وللعالم أجمع، قدرتهم على ممارسة دورهم في بناء أوطانهم، بطريقة أكثر نضجاً من النظم الاستبدادية المنحرفة. في ثورة فبراير، تعامل الشعب الثائر مع النظام، بأكثر من طريقة، وبحسب ما يفهمه النظام، فحين حاول النظام أن يجعلها ثورة مسلحة، تخلط الأوراق والمواقف، أثبت الثوار بأن لديهم القدرة على التعامل بأكثر من أسلوب، دون أن تختلط أوراقهم، فكانت الثورة سلمية في كل ساحات الجمهورية، بينما كانت في شر عب، وأرحب، والجوف، والحصبة، ثورات مسلحة، ومع ذلك لم تؤثر على الثورة السلمية في الساحات، التي استمرت في الساحات لأكثر من700يوم . أيها الحلفاء: تذكروا بأن النظام السابق ظل يستهين بالثوار، يسخر منهم، يقلل من تحركاتهم، من ثورتهم، من متطلباتهم، منذ اندلاع الشرارة الأولى للثورة ولفترة طويلة، النظام السابق يا سادة، استخدم كل حيله، كل إجرامه، كل عنفه، كل أساليبه الإجرامية بكل تنوعاتها، غير أن كل تلك الممارسات، لم تكن سوى وقود جديدة لقوة الثورة وزيادة زخمها. أيها الحلفاء: إن المبادرة الخليجية التي أملتها القوى الخارجية، التي لا تريد لهذا الوطن أن يتنفس الصعداء، من ذلك النظام الجاثم على صدره منذ أكثر من ثلاثة عقود، تلك المبادرة التي هدفت إلى الحفاظ على صالح ونظامه المقيت، رفضها الثوار جملة وتفصيلا. تلك المبادرة التي قبلها السياسيون، ورفضها الثوار، لم تُنهي الثورة، لم تُلغها، لقد كان الثوار أكثر حكمة وأكثر حباً وأكثر وطنية، حين قبلوا أن يعطوا ذلك النظام فرصة أخيرة للعودة إلى رشده، برغم أنه أثخن فيهم الجراح، وسفك الدماء، ونهب الأموال، ومع ذلك، منحوه حق العيش الكريم في وطنه، يتنعم بقية عمره بما نهب وسرق من أموال المساكين والجوعى، عله يتوقف عن هوايته الإستبدادية، فيترك الشعب يخط سير حياته بطريقته. أيها الحلفاء: عليكم أن تدركوا بأن الأربع الأعوام الماضية، لم تكن سوى فرصة للمستبدين أن يتوقفوا عن استبدادهم، أن يتركوا هذا الشعب لمصيره، تلك الفترة، ذلك الوقت، لم يكن سوى فرصة، لا أعتقد بأن الثوار سيكررونها مرة أخرى لأي مستبد آخر. عليكم يا الحلفاء اليوم في الثورة المضادة، أن تدركوا بأن ثوار فبراير لم يناموا، لم يتخلوا عن ثورتهم، لم يتنازلوا عن الأهداف التي خرجوا من أجلها، لن يخونوا دماء زملائهم الذين قدموا أرواحهم رخيصة من أجل وطنهم، وحرية ورفاهة أبناء وطنهم. تلك الثورة أيها الحلفاء: لم تكن محاولة فاشلة، لم تكن تجربة لا نتيجة لها، الثورة أيها الحفاء مستمرة، لأنها بالنسبة للثوار أهدافٌ، وقيمٌ، ومعاني، إنها مستقبل هذا الجيل والأجيال القادمة، هي حُلمٌ لابد أن يتحقق. الثورة أيها الحلفاء: أهداف لا يمكن التفريط بها، حياة لابد من عيش كل تفاصيلها، ليس بالضرورة أن يعيشها الثوار أنفسهم، ليس من المفروض أن تكون غداً، ليس مهماً أن تأتي دفعة واحدة. الثوار أيها الحلفاء: يدركون أن ما هو مهم في ثورتهم هو الإستمرار، مواصلة السير، المزيد من الصبر، المزيد من الإصرار، المزيد من التضحية، المزيد من الأمل، المزيد من الحُلم، المزيد من العزيمة، والكثير الكثير من الإيمان، الثوار يدركون ذلك، يعرفون بأن الشعوب لا تقهر، وأن الظلم لا يدوم. الثوار يدركون جيداً طبيعة الثورات، يعلمون بأن الثورة الفرنسية، التي تعد المنطلق الأول لعصر النهضة الأوروبية، لم تستقر ولم تبدأ بجني ثمارها إلا بعد79عاماً، ولم تستقر أحداثها بشكل تام إلا بعد100عام. لكن تلك الفترة، ذلك الصمود، تلك الجهود، ذلك الاستمرار، ذلك الإصرار، أسس لنهضة شاملة في أوروبا، لازالت تنعم بها تلك الأجيال، منذ القرن الثامن عشر حتى اليوم. أيها الحلفاء: الثوار في اليمن يدركون بأن الطغاة، قصة ستلقى أوراقها في أحقر زبالات التاريخ، سيدوسها الناس في المستقبل بأقدامهم، الثوار يدركون جيداً بأن الطغاة ماضون كسحابة صيف، مهما طال بهم الزمن، منقشعون ككابوسٍ مزعج، ماضون كحكاية مقيتة، أبطالها يلعنهم التاريخ، يحتقرهم كل إنسان ذو فطرة سوية. أيها الحلفاء: إذا كنتم تعتقدون بأن الثوار أشعلوا ثورتهم، ليستبدلوا ظالم بأظلم، مستبد بآخر أكثر استبداداً، كاذب بأكذب، سارق بأسرق، عميل بأكثر عمالة، بائع بأبيع منه، فأنتم واهمون، لا تجيدون فهم الأحداث، ولا قراءة التاريخ، ولا فهم الأحداث. إذا كنتم تعتقدون بأن عنفكم، وإجرامكم، وقوتكم، واستبدادكم، وكذبكم، وبطشكم، وتعذيبكم، وعمالتكم للخارج، يُمكن أن تمكنكم من فرض أنفسكم على هذا الشعب، فيصمت على ممارساتكم واستبدادكم، فأنتم أغبياء لا ذاكرة لكم، الماضي لا يزال قريبٌ جداً، فلا تكونوا عديمي البصر والبصيرة، ثقوا بأن الماضي لا يمكن له بحال من الأحوال، أن يكون حاضراً أو مستقبلاً. إن هدير الثوار الذي يزمجر اليوم في شوارع عواصمالمحافظات بزخم مستمر، خير دليل على ذلك الإيمان، وذلك الإصرار، وتلك العزيمة، فما الذي يفكر فيه حلفاء الثورة المضادة اليوم ؟!. أخيراً دعونا نخلص معكم إلى القول: 1-للثورة أهدافٌ قامت من أجلها، لن يتم التنازل عنها، فمن سيقوم بتحقيق هذه الأهداف على أرض الواقع بمصداقية، فإن الثوار معه وله، كائناً من كان. 2-الثورة قامت ضد سلوكيات وممارسات استبدادية، من يمارسها أو يحاول إعادة إنتاجها، فإن الثوار لن يسكتوا عنه، ولن يسمحوا له القيام بذلك، كائناً من كان. 3-لا يمكن للعنف بكل صوره وأشكاله، أن يقضي على إرادة شعب، وثورة أمة. 4-عندما تتجدد الثورة، وتدور عجلتها، لن تجدون لحكمة العقلاء، وكرم الثوار عنواناً. 5-الثورة ستبقى يقظة، مراقبة، مترقبة، سيبقى صوتها قوياً، مسموعاً لكل من به صممٌ من المستبدين والطغاة، فكونوا على دراية. لهذا لزم التنويه. [email protected]