تطور بارز في الموقف الأميركي عكسته تصريحات كيري من خلال دعوته لمحاورة الرئيس السوري بشار الأسد، ويشي بملامح صفقة أميركية إيرانية يتم الإعداد لها مع دخول الأزمة السورية عامها الخامس. صرح جون كيري وزير الخارجية الأميركي إن بلاده ستضطر للتفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد بشأن انتقال سياسي في سوريا. وأضاف إن واشنطن تبحث سبل الضغط على الأسد لقبول المحادثات. وتصر الولاياتالمتحدة منذ وقت طويل على ضرورة رحيل الأسد عن السلطة عبر عملية انتقال سياسي من خلال التفاوض لكن التوجه الأميركي أصبح واضحا بعد أن برز في حديث كيري، إثر تصريحات مماثلة من مسؤولين أميركيين، وهو كما يبدو جزء من الصفقة الأميركية الإيرانية، التي يتم التحضير لها خلال المفاوضات مع إيران حول الملف النووي. وتشير تصريحات كيري إلى أن نجاة الأسد من الأزمة، أصبح الاحتمال الأكثر ترجيحا، مع تأييد إيران غير المحدود للأسد، وعدم وجود إشارات من روسيا للتخلي عنه. ومع دخول الصراع السوري عامه الخامس، وراح ضحيته أكثر من 200 ألف قتيل كما تشرد ملايين السوريين، لم يكرر كيري في مقابلته مع قناة سي.بي.اس نيوز، الموقف الأميركي المعتاد أن الأسد فقد كل شرعية له وعليه أن يرحل. وأشار إلى مؤتمر جنيف الذي عقد عام 2012 ودعا إلى انتقال عبر التفاوض لإنهاء الصراع "علينا أن نتفاوض في النهاية. كنا دائما مستعدين للتفاوض في إطار عملية جنيف 1". وذكر أن الولاياتالمتحدة ودولا أخرى لم يذكرها تبحث سبل إعادة إطلاق العملية الدبلوماسية لإنهاء الصراع في سوريا،"ما نحاول الدفع من أجله هو جعله (الأسد) يأتي وقد يتطلب هذا زيادة الضغط عليه بشتى الأشكال. مؤكدا "أوضحنا جيدا أننا نبحث زيادة الخطوات التي يمكن أن تساعد في تحقيق هذا الضغط". وأضاف كيري "لحمل نظام الأسد على التفاوض يجب أن نوضح له أن هناك عزما من الجميع على السعي لهذه النتيجة السياسية وتغيير حساباته بشأن التفاوض، يجري العمل في هذا الصدد الآن، وأنا مقتنع بأن الضغط سيتزايد على الأسد بجهود حلفائنا وجهود آخرين". وقادت الولاياتالمتحدة جهودا لإجراء محادثات سلام بدعم من الأممالمتحدة في جنيف العام الماضي بين ممثلين عن المعارضة السورية المدعومة من الغرب ووفد حكومي، وانهارت المحادثات بعد جولتين دون الإعلان عن موعد جديد لاستئنافها. وبالتوازي مع تصريحات كيري أكد قاسم الخطيب عضو المجلس الرئاسي بالائتلاف الوطني السوري المعارض، أنهم متفائلون بحوار (القاهرة 2) المزمع التئامه بين أطياف المعارضة قبل نهاية شهر أبريل المقبل. وكشف في تصريحات خاصة ل"العرب" أنهم يسعون من خلال حوار القاهرة إلى تعديل وثيقة العهد الوطني التي تم إقرارها عام 2012 خلال مؤتمر المعارضة السورية برعاية الجامعة العربية، لافتا إلى أنه سيتم تعديل الوثيقة بما يتناسب مع التغيرات التي شهدتها المنطقة خلال الفترة الماضية. وأشار إلي أن اللجنة التنسيقية التي انبثقت عن مؤتمر "القاهرة 1" في يناير الماضي ستدعو كل السوريين المؤمنين بالحل السياسي للأزمة إلى مؤتمر وطني جامع يعقد بعد حوار "القاهرة 2"، لافتا إلى أن الائتلاف متمسك بوثائق "جنيف 2" التي تدعو إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي لا يكون نظام الأسد جزءا منها أو شريكا فيها. وحول تصريحات عضو الائتلاف السوري لقوى المعارضة بسام الملك التي قال فيها إن حوار القاهرة المرتقب سوف يناقش بقاء الأسد لمدة عامين كجزء من حل الأزمة، أكد ممثل الائتلاف بالقاهرة أن هذا الأمر عار تماما عن الصحة، مشيرا إلى أن المسؤولين المصريين ليست لديهم أي مبادرة لحل الأزمة السياسية سوى ما تتفق عليه المعارضة السورية، ويتبنون أي خارطة طريق يتفق عليه المجتمعون بالقاهرة في أبريل المقبل. وكان عضو الائتلاف السوري لقوى المعارضة بسام الملك أعلن أخيرا أن مؤتمر"القاهرة 2" سوف يدرس نقطتين مهمتين تتعلقان بحل توافقي قد يقبلهما النظام السوري، لطرحهما في الحوار المنتظر مع النظام السوري في موسكو، عقب انتهاء اجتماع القاهرة. وأضاف الملك في تصريحات صحفية أول أمس أن النقطتين المطروحتين للحوار في المؤتمر، هما بقاء الرئيس السوري بشار الأسد لمدة عامين، مع وجود هيئة حكم انتقالية تدير شؤون الدولة، على أن تتم الدعوة بعد هذين العامين إلى انتخابات رئاسية مبكرة"، والنقطة الثانية "الاتفاق على أن تحكم سوريا خلال هذه الفترة بإعلان دستوري انتقالي أو العودة لدستور 1950". وقد وصل أمس إلى القاهرة حسن عبدالعظيم رئيس هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي المعارضة في سوريا، قادما من لبنان على رأس وفد في زيارة قصيرة لمصر لبحث التطورات الأخيرة في الأزمة السورية. وحول الموقف من مؤتمر موسكو للمعارضة السورية الذي سيعقد بعد مؤتمر القاهرة، أوضح الخطيب ل"العرب" أن الائتلاف الوطني لم يشارك في مؤتمر موسكو الأول ولن يشارك في الثاني أو أي مؤتمر ترعاه روسيا. وأشار الخطيب إلى أن مصير بشار الأسد في ظل الدعوة لحل سياسي للأزمة سيكون إما على شاكلة نهاية العقيد الليبي معمر القذافي، أو تتم محاكمته مثل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، مؤكدا أنهم يقبلون برحيل الأسد الآن إلى حين استقرار الأوضاع في سوريا، وسيتم رفع قضايا ضده أمام المحكمة الجنائية الدولية.