لايمكن إخفاء حقيقة أن العالم أجمع يعرف جنيف باعتبارها بلد الطبيعة الساحرة والأجواء الجميلة، لكنها باتت مع الأسف ترتبط في العقل الجمعي للمواطن العربي العادي بأمرين، الأرصدة المنهوبة التي يخزنها الحكام الديكتاتوريون من قوته، والأمر الثاني والأهم ؛ المؤتمرات سيئة السمعة المختصة بمعالجة الأزمات العربية من سوريا إلى ليبيا، وجلها مؤتمرات عبثية تنتهي للاشيء. لذا بمجرد أن دعا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الجديد إلى مؤتمر جديد بجنيف، قوبل الأمر بامتعاض المواطن العربي العادي عموماً، واليمني خصوصاً وسخريته حتى قبل أن يأتي رد الحكومة الشرعية برفض المشاركة. ولدت فكرة مؤتمر جنيف معلومة النسب برعاية أممية- رغم أن الرئيس السابق كان قد نوه عنه على صفحته الفيسبوكية قبل أن تظهر فكرة المؤتمر للعلن من قبل المبعوث الدولي، وهو الأمر الذي أثار الشكوك أكثر – وباستثناء موضوع نسب المؤتمر ورعايته فكل شيء بقي مجهولاً، لم يحدد مبعوث الأمين العام ، ما هي أجندة المؤتمر، وعلى أي مظلة سيدار هذا الحوار هل هي مظلة القرار الأممي 2216 ؟ وهل استمزج رأي الرئيس الشرعي وحكومته في قبول انعقاد المؤتمر ومن ثم المشاركة فيه من عدمه، خاصة وأنه سبق وحضر مؤتمر الرياض وأطلع على بيانه الختامي، ومن ثم بإمكانه أن يستفيد منه كمدخل للحل في أية مبادرة يمكن أن يقودها. الأكيد أن سقف قرار مجلس الأمن 2216 يجب أن يبقى دائماً الوقود الذي يحركه في إطار دوره كموظف أممي، ما عدا ذلك فهي سقطة يجب أن يتفادها المبعوث الجديد لكي لا ينقاد إلى ما سبق وورطنا به سلفه. كان قرار الحكومة بعدم المشاركة قراراً متوقعاً ومحموداً، فلم يعد من المناسب أن يجلس الوفد الشرعي للحكومة للتفاوض مع أمراء الحرب الذين اجتاحوا المدن ولطخت أياديهم بدماء الشعب، لكن الواقع والخبرات يفرضان عادة العودة إلى مربع السياسة، فإن كان ولابد فليكن قرار الأممالمتحدة حاضراً وليرعَ المبعوث الأممي جلسات حوار غير مباشرة وليست مفاوضات، وليستخدم صلاحياته للضغط عليهم للإذعان لإيقاف حربهم الداخلية أولاً، والالتزام بالقرارات الدولية ومن ثم ينقل للرئاسة نتائج هذه المباحثات. أما إن كانت رؤية المبعوث الأممي ترى أنه لابد من مؤتمر جديد فليكن إذن مؤتمراً عربياً أيضاً، برعاية الجامعة العربية وفي مقرها، هذا إن كان المبعوث الجديد والطرف الآخر جادين في محاولة الوصول لحل، أما جنيف فلا اليمنيون ولا العرب لديهم رغبة الدخول في مسلسلات جنيف التي سئموا منها.