صرخت سيدة مصرية تقيم في ألمانيا وتدعى فجر العادلي في مدينة برلين بهتاف: «يسقط يسقط حكم العسكر» ليسمع العالم بأكمله صوت السيدة التي حاول العشرات من الحضور إسكاتها على الفور، لكن الحادثة التي شهدها المؤتمر الصحافي في ألمانيا أشعلت جدلاً واسعاً على الانترنت وكشفت- بحسب أحد الصحافيين- حجم الفبركة والتزوير الذي يتم في المناسبات العامة في مصر. وكانت العادلي واحدة من بين عشرات الصحافيين الحاضرين في المؤتمر الصحافي الذي جمع كلاً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، لتنتفض في ختام المؤتمر وقبل أن يغادر كل من السيسي وميركل القاعة وتصرخ: «يسقط يسقط حكم العسكر» لكن سرعان ما بدأ الصحافيون المصريون الحاضرون بالهتاف: «تحيا مصر» في محاولة لإسكاتها وإخفاء صوتها، فيما غادر السيسي وميركل سريعاً القاعة. وأعادت العادلي إلى أذهان الكثيرين مشهد الصحافي العراقي منتظر الزيدي الذي قذف الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بالحذاء وانهال عليه بالشتائم قبل سنوات خلال مؤتمر صحافي في العاصمة العراقية بغداد، فيما أشعلت جدلاً واسعاً على الانترنت بسبب ما أقدمت عليه من احتجاج. انتشار واسع على «تويتر» وأطلق المئات من النشطاء على الانترنت لقب «فتاة بمئة رجل» على العادلي، فيما أصبح الوسم (#فجر_العادلي) من بين الأكثر تداولاً على شبكة «تويتر» لعدة ساعات تلت الكشف عن اسمها، وتداول النشطاء صور الفتاة، والفيديو الذي تظهر فيه وهي تهتف ضد السيسي وترفع شارة رابعة. وتحدثت العادلي لاحقاً لإحدى وسائل الإعلام المصرية المعارضة، وكشفت أنها طالبة في كلية الطب، وكانت تتدرب مع إحدى الصحافيات في إذاعة محلية ألمانية، وهي التي مكنتها من حضور المؤتمر. وقالت فجر إنها حاولت أن تطرح على المستشارة ميركل سؤالاً إلا أنها لم تتمكن، مشيرة إلى أن السؤال الذي أعدته سلفاً هو: لماذا رفضت ميركل استقبال السيسي منذ شهرين لعدم وجود برلمان منتخب، ثم وافقت على زيارته رغم أن البرلمان ما زال غير موجود؟ وكانت فجر ستشيد في سؤالها بموقف رئيس البرلمان الألماني الذي رفض مقابلة السيسي، في حين ستطالب ميركل أن تحذو حذوه وتنتصر لمن انتخبها ومبادئ الحرية والديمقراطية، وليس لمصالح الشركات الكبرى. وأكدت الفتاة أن الأمن الألماني اصطحبها بكل احترام ليحافظ عليها من أي اعتداء لمناصري السيسي، وأمن لها سيارة شرطة لتنقلها إلى مكان تظاهرات المعارضين للزيارة خوفاً عليها. جدل كبير وتفاوتت المواقف على شبكات التواصل الاجتماعي تجاه العادلي، حيث أدان الكثيرون ما قامت به من هتاف، فيما اعتبر آخرون أنها «فتاة بمئة راجل». وكتبت ناشطة تدعى منى على «تويتر» أن «دعوى قضائية أقيمت ضد فجر العادلي» معتبرة أنها أطلقت هتافات مسيئة للجيش في المؤتمر، وتابعت: «الغضب والفشل حليفهم بعد ما أفشل السيسي خططهم». أما الصحافية المصرية المقيمة في الولاياتالمتحدة، والناشطة المعروفة آيات عرابي، فكتبت عبر صفحتها على «فيسبوك»: «صحافية وطالبة طب هي جندي من جنود الله، أسعد الله بها ملايين المصريين، حين مرمغت أنف حرامي الغسيل في التراب وأفسدت عليه (حفلة السبوع) التي اصطحب فيها العوالم والغوازي، وفضحت بهتافها عصابة الانقلاب وهزمتهم». وتابعت: «فجر هي مثال لحرائر مصر الصامدات الثائرات.. تحية للابنة الحرة البطلة فجر العادلي وتحية لحرائر مصر الثائرات». وكتب أحد الناشطين على «تويتر» ساخراً: «الشرطة الألمانية لم تقبض على الدكتورة فجر العادلي بل قالوا لها نحن نحميك من مؤيدي السيسي.. الشرطة الألمانية أصلاً إخوان!». وكتب ناشط آخر تغريدة على «تويتر» يقول فيها: «الطالبة فجر العادلي حققت شهرة أكبر من إجمالي طائرة خاصة تحمل مشاهير الإعلام والفن في مصر فقط لانها على الحق». وكتب آخر ويدعى محمد: «فجر العادلي أرجل من رجالة كتير، وقفت ضد الظالم بثبات، قالت للسفاح أنت سفاح ونازي وقاتل، بنت بمليون رجل، أحرار مصر في كل مكان، الثورة مستمرة في كل مكان». وقال آخر: «كل الزيطة والرقص وهز الوسط من عوالم السيسي في ألمانيا محدش هيفتكرها، لكن الحرة الصامدة فجر العادلي هتكون حديث العالم، ده الفرق بينا وبينكم». وعن ترويج مؤيدي السيسي لاعتقال الأمن الألماني لفجر عقب مواجهتها للسيسي، رد البعض عليهم ومنهم ياسمين، التي نشرت صورة لفجر في إحدى الحافلات الألمانية وقالت: «إعلام كداااااااب.. فجر العادلي روحت فرانكفورت خلاص.. يعني لا البوليس الألماني مسكها ولا حبسها». واستخلصت فاطمة من اسم فجر، بشرى وأملاً لطلوع الفجر الجديد الذي يحمل العدل، وقالت: «ومين عارف ممكن تكون الحرة فجر العادلي بشرى من ربنا بطلوع الفجر الجديد اللي هايجيب معاه العدل المفقود..أبشرووووا». فبركة وتزييف وقال قطب العربي رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام في تصريحات ل«القدس العربي» إن ما حدث خلال المؤتمر الصحافي للسيسي في ألمانيا يكشف حجم التزييف والفبركة التي يقوم بها النظام، مشيراً إلى أن الهتاف الجماعي من قبل الصحافيين في القاعة لإسكات صوت فجر العادلي يؤكد أن القاعة كانت تكتظ بأعضاء الوفد المرافق للسيسي، من أجل أن يملؤوا الصفوف الأولى في المؤتمر ويمنعوا أي صحافي من خارج الدائرة من إلقاء أسئلة محرجة على الرئيس أو المستشارة الألمانية. ويشير إلى أن حجم التزييف الذي يمارسه نظام السيسي في مصر أصبح كبيراً ومتزايداً يوماً بعد آخر، بحيث بات كل شيء مفبركاً ومدروساً بعناية فائقة. ويؤكد أن «أجهزة الأمن ومكتب الرئيس السيسي يتدخلان في التغطيات الإعلامية والأخبار التي يتم نشرها وتداولها، ويتم بذل مجهود أكبر في هذا المجال خلال الزيارات الخارجية للسيسي، حيث تكون الخشية أكبر من تعرض الرجل لمواقف محرجة أو أن يكون المعارضون بانتظاره أينما ذهب وحل». ويرجح العربي أيضاً أن تكون التجمعات التي استقبلت السيسي في برلين عند المطار وعند مقر إقامته قد تم ترتيبها سلفاً من قبل السفارة المصرية، من أجل عدم ترك أي مساحات فارغة ليتظاهر فيها المعارضون ويعكروا صفو الزيارة التي يقوم بها إلى ألمانيا. «دير شبيغل» تستهجن وتأكيداً لتحليل الصحافي قطب العربي، فقد كشفت مجلة «دير شبيغل» الألمانية أن 150 شخصاً تم إحضارهم بالطائرات من مصر خصيصاً لإظهار أن السيسي يحظى بدعم المصريين المغتربين في ألمانيا. وقالت في تقريرها الذي اشترك في إعداده ثلاثة من المحررين هم: فلوريان غاتمان ورانيا سلوم و سيفيرين فايلند إن المئة وخمسين شخصاً الذين تم استيرادهم من مصر تجمعوا منذ الصباح الباكر (يوم الأربعاء الماضي) أمام مقر المستشارية الألمانية في برلين، ونصبوا مضخمات الصوت، وعلقوا لافتات الترحيب بالسيسي في ألمانيا التي جلبوها معهم من مصر، كما لعبت السفارة المصرية دوراً كبيراً في تأطير هؤلاء المساندين ودعمهم. ورغم ذلك فان «دير شبيغل» تقول إن «هذه الحملة الدعائية التي حرص فريق السيسي على تنظيمها لتظهر أنها عفوية لم تغط على حضور المئات من المحتجين الذين عبروا عن سخطهم من طريقة حكمه لمصر». وبحسب المجلة الألمانية فان فتاة مصرية ترتدي الحجاب، تبين فيما بعد أنها درست الطب في مدينة ماينز وحاصلة أيضاً على بطاقة صحافي، حاولت أخذ الكلمة خلال المؤتمر الصحافي، ولكن لم يتم تمكينها من ذلك، ثم أخذت تصرخ مرددة باللغة الألمانية عبارات «أنت قاتل، أنت نازي، أنت فاشي». وأضافت أن مجموعة من الصحافيين المصريين المرافقين للسيسي سارعوا إلى الوقوف وترديد بعض الشعارات الوطنية بصوت عال، في محاولة منهم للتغطية على الحدث وصرف الأنظار عن هذا الموقف المحرج. وانتهت «دير شبيغل» إلى القول إن «سلوك الوفد الصحافي المصري المرافق للسيسي كان مستهجناً، فقد تصرف بشكل غير معهود في عالم الصحافة، إذ لا يكاد السيسي ينهي جملة حتى ينخرط الصحافيون في حملة تصفيق حار، كما قام صحافي مصري باستهلال سؤاله بالثناء على السيسي، ثم قام بتوجيه سؤال محرج للمستشارة الألمانية».