في خطوة ملكية غير متوقعة، أصدر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس امرا ملكياً بتعيين الامير بندر بن سلطان بن عبد العزيز رئيسا للاستخبارات العامة السعودية خلفاً للامير مقرن بن عبد العزيز الذي أعفي من منصبه. وقضى الأمر الملكي، الذي يحمل رقم «أ/161»، ب«تعيين الأمير مقرن مستشاراً ومبعوثاً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين بمرتبة وزير»، كما ب«تعيين الأمير بندر رئيساً للاستخبارات العامة»، بالإضافة إلى احتفاظه بمنصبه كأمين عام لمجلس الأمن الوطني بمرتبة وزير. كما جاء في الأمر، الذي أكد مراعاته لكل من نظام الوزراء ونواب الوزراء وموظفي المرتبة الممتازة والأوامر الملكية الصادرة بتواريخ سابقة، بند يقضي بأن تُبلّغ جميع الجهات المختصة للشروع في تنفيذه. وكان الأمير مقرن عيّن رئيساً للاستخبارات في العام 2005، خلفاً لأخيه نواف. وفيما تبدو الخطوة الملكية مفاجئة، في ظلّ عدم الكلام عن أي أسباب مرتبطة بأحد الطرفين، سواء كان مقرن أو بندر، لا يمكن المرور عن قرار مماثل من دون التوقف عند مجموعة من المؤشرات التي يحملها في طياته. بداية، لا بدّ من الانتباه إلى أن عملية الاستبدال «الاستخبارية» جاءت بعد وقت قصير على وفاة ولي العهد الأمير نايف، الذي لم تكن تبعد وفاته أكثر من ثمانية أشهر عن وفاة ولي العهد سلطان. وفي هذا السياق، طُرح الكثير من التساؤلات حول شيخوخة النظام الملكي ومستقبله، كما تمّ تسليط الضوء على صراعات تدور داخل أروقة المملكة بين أفراد العائلة الحاكمة. من هنا كان لخطوة أمس دلالات عدة. كذلك، كان لوصول الأمير بندر إلى رأس جهاز الاستخبارات دلالات إقليمية ودولية. يساهم في إيضاح هذا التفسير التوغل في سيرة الأمير المعيّن. هو يُعدّ من المقربين من الأوساط السياسية والديبلوماسية في واشنطن، والتي عمل فيها كسفير لبلاده على مدى 22 عاماً. وهو كذلك يُعدّ من أهم مهندسي صفقات التسلّح التي عقدتها بلاده خلال العقدين الأخيرين. ومع الأخذ بالاعتبار حجم النفوذ الأميركي في المملكة، لا يمكن التغاضي عن أهمية عامل مماثل. والأمير بندر، الذي كان يُنادى ب«بندر بوش» بسبب علاقاته الوطيدة بعائلة بوش في أميركا، كان يُعرف بأنه همزة الوصل في العلاقات بين واشنطن والرياض، وكان له صلات غير مسبوقة بالرؤساء وكبار المسؤولين في الإدارات الأميركية المتعاقبة خلال السنوات الثلاثين الماضية. وكتدليل على عمق العلاقة، كان الكاتب الأميركي الشهير بوب وودوارد كشف، في مقال له في صحيفة «واشنطن بوست»، أن الأمير بندر اطلّع على تفاصيل حيويّة بشأن خطة الحرب ضد صدام حسين حتى قبل أن يعلم بها وزير الخارجية الأميركي كولين باول نفسه. يُذكر أن الامير بندر بن سلطان مولود عام 1949، وتخرّج من الكلية الملكية للقوات الجوية في كرانويل في انكلترا، وانضم بعدها لسلاح الجو السعودي في العام 1968 كطيار مقاتل لمدة 17 عاماً، و يتولى منذ عام 2005 منصب الامين العام لمجلس الامن الوطني السعودي. وقبل ذلك، تولى منصب سفير المملكة لدى واشنطن قرابة 22 سنة بين 1983 و2005.. ويُعد الابن الثاني للأمير سلطان بن عبد العزيز، ويبلغ من العمر 63 عاماً.