أن نصر الله ظھر قبل 13 عاما في جنوب لبنان على مرأى من الجمیع وعلى مقربة من " العدو الإسرائیلي" لیقول إنه لن يجتاز الحدود نحو إسرائیل، ولكنه عندما أعلن عن اجتیازه حدود سوريا، قال ذلك متخفیا من وراء شاشة ! . وأضاف : زعیم حزب الله الذي قال قبل 13 عاما بالضبط أن حركته المقاومة لن تعبر الحدود الإسرائیلیة لتحرير القدس، صرح بأنه عبر الحدود السورية، ولیس ذلك فحسب بل إن حسن نصر الله أعلن في خطابه الأخیر أنه سیقاتل حتى النھاية لحماية نظام بشار الأسد. كنت واقفا على سطح أحد المنازل في بلدة بنت جبیل جنوب لبنان، عندما سمعت هذا الوعد من نصر الله قبل تلك السنوات، حزب الله لن يتقدم نحو فلسطین.. تنفسنا جمیعا الصعداء. ما الذي حدث ؟ في تلك الأيام ، ظھر نصر الله بشخصه وهو يقف وسط مقاتلیه المتیمین به وأسرهم، وهو يعیش الآن في الخفاء، هل أصیب نصر الله بعمى؟ لقد قال إنه يتلقى رسائل من أسر تستجديه أن يسمح لأبنائھا بالقتال في سوريا، ربما هي بصیرة الكفن! بطبیعة الحال، وبشكل لا مفر منه. وفقط خلال الشھر الماضي، اكتشفت رجالا من حزب الله يتولون حماية مقام السیدة زينب في جنوبدمشق، لا تقول إنك رأيتني هنا.. قال واحد منھم لي، قالھا بروح رياضیة فیما كان يعلق في مكتبه صورة لنصر الله والمرشد الإيراني خامنئي على جدار مكتبه، وقال لي إنه جاء من بلدة بنت جبیل! بعد ذلك بیومین، اعترف "حزب الله" علنا أن عناصره "يحرسون" المقام، ثم قالوا إن 12 منھم قتلوا. ولست أعلم إن كان محدثي ابن بنت جبیل منھم. لعدة شھور، كان حزب الله يقر ولكن بھدوء أن مقاتلیه "يحمون" قرى شیعیة داخل سوريا فیھا سكان لبنانیون. ثم بدأت الجثث تتوافد على لبنان، واحدة في البداية، ثم 6، ثم صاروا بالعشرات. الشرسة أن بعض مقاتلیھا كانوا في طريقھم إلى المقام في دمشق ولكن ضلوا الطريق ووجدوا أنفسھم في مواجھة ضمن أرض وذات مرة وعندما قرر حزب الله أن يلتزم بمعركة القصیر جنباً إلى جنب مع قوات بشار، ادعى متحدث باسم هذه المیلیشيا الا تتبع لأحد! ولكن عندما عادت أكثر من 30 جثة إلى لبنان، كان على نصر الله أن يقول ما قاله. تحدث نصر الله كثیراً عن فلسطین والمسجد الأقصى، ولكن رجاله كانوا يتحركون شرقاً إلى سوريا، ولیس جنوباً إلى فلسطین، وسیحكم التاريخ على نصرالله عبر هذا الخطاب. تحدث، بطبیعة الحال، عن خطر "المتطرفین" الذين يحاولون الإطاحة الأسد، مدعیا أنھم يشكلون أيضا خطراً على لبنان، وأن سوريا الأسد هي العمود الفقري لحزب الله "والمقاومة لا يمكن أن تقف مكتوفة الیدين ومغمدة السیف "فیما يتم كسر ظھرها". ما لم يقله نصر الله هو أن المیلیشیات الشیعیة تقاتل السنة السوريین، (…)، وهذا هو السبب في المعركة بین السنة والعلويین في طرابلس والتي اندلعت بشراسة يوم إعلان نصر الله قتاله إلى جانب بشار الأسد. بكل بساطة، إنه قد يكون أكبر خطر على شعب لبنان، منذ الحرب الأهلیة 1990-1975. "إذا سقطت سوريا في أيدي أمريكا وإسرائیل والتكفیريین (السنة المتطرفین)، سیتم محاصرة المقاومة وإسرائیل سوف تدخل لبنان وتفرض إرادتھا"، هذا ما قاله نصر الله على شاشة ضخمة نصبت في بلدة مشغرة في الذكرى 13 لتحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائیلي لیلة السبت. ما كان يقصده هو أنه بسقوط بشار، فإن الدعم السیاسي والتسلیحي ذي المنشأ الإيراني سوف ينتھي، ومن ثم لن يكون هناك حزب الله لطرد الإسرائیلیین عند عودتھم. إذا ، حزب الله كما يصر زعیمه حركة "المقاومة"، فكیف لم يدعم المقاومة ضد بشار الأسد؟ وإذا كان الحزب كیانا لبنانیاً صرفاً، وفق ما يؤكد نصر الله، فمن أين له الحق في إرسال مئات، بل آلاف، من رجاله لخوض معركة بشار الأسد؟ رسمیاً، لبنان يتبنى "النأي" بنفسه عن سوريا، ولكن إذا ذهب مقاتلون من أكبر تجمع حزبي للقتال من أجل بشار الأسد، فماذا بقى من دعوى الحیاد هذه؟ نصر الله قد يكون رئیس حزب الله، لكنه لیس رئیس لبنان. وعد نصرالله أنصاره ب"انتصار جديد". وكان الأجدر قوله… الدم يجر دماً، هكذا يقولون! .