عشية فوز الدكتور مرسي برئاسة أكبر جمهورية عربية، جرى حديث «فيسبوكي» بيني وبين القيادي الاسلامي المعروف «زكي بني ارشيد»، هنأته ونفسي بالطبع على فوز مرسي، ونجاح الانتخابات المصرية بشكل لافت، وسألته سؤالا واضحا، يتعلق بمآلات اختيار قيادي اسلامي إخواني رئيسا لمصر، قلت: هل تتوقع أن تتكرر التجربة الجزائرية في مصر ايضا؟..فأجاب بالنفي المطلق. وقبل أيام؛ وفي قصر الثقافة في المدينة الرياضية، حضرت ندوة يقيمها منتدى الوسطية، تحدث فيها عن الاسلام السياسي المفكر الاسلامي التونسي، أحد مؤسسي حركة النهضة في تونس، عبدالفتاح مورو، وتساءل عن مدى نجاح الاسلاميين في تجربة الحكم، وذكر أسباب كثيرة عن إخفاقهم في إدارة شؤون الحكم، وقال: إنهم لا يحكمون فعلا، حتى وإن نجحوا في الانتخابات، فنجاحهم ليس بالأمر الغريب؛ لأن الشعوب التي تنتخبهم هي شعوب عربية اسلامية، وتوجهها اسلامي بالفطرة، وذكر أنه ليس سياسيا أن تكون غاية الاسلاميين النهائية هي الحكم، وأن الديمقراطية فيها وجهات نظر مختلفة. وطرح سؤالا مهما: ما هي الديمقراطية الأنسب التي يجب علينا اتباعها بعد ما يسمى بالربيع العربي، وقال: إن ديمقراطية الأغلبية والأكثرية ليستا من الديمقراطيات المطلوب انتهاجها من قبل أية جهة سياسية جاءت على خلفية ربيع عربي، لكن الديمقراطية الأنسب هي «التوافقية»، إذْ هناك قوى سياسية واجتماعية وفئات وطوائف قد يبلغ تعداد أتباعها «ملايين» في دولة واحدة من دول الربيع العربي، لكنهم لا يمكن لهم أن ينجحوا بناء على أغلبية أو أكثرية.. فهل من العدل والسياسة والحكمة أن يتم تهميش هؤلاء بدعوى الديمقراطية والشرعية؟! .. نذكر هذا، وعيوننا وقلوبنا على مصر ومعها، ولعل سؤالي قبل عام لزكي بني ارشيد كان استباقيا وأصبح له ما يبرره الآن، فبعد مرور عام كامل على حكم مرسي القيادي الاخواني لمصر، وبعد عام من الأداء الذي يمكن وصفه بالمشلول، بسبب كثرة الصخب الذي أثاره خصوم الاسلام السياسي وخصوم الإخوان في مصر، والذين لم يتوقفوا يوما عن محاولات توقيف بل تكسير القطار المصري، وإخراجه عن «السكة».يصبح مبررا أن تكون قلوبنا على مصر، التي تشهد أحداثا لا يمكن تعليقها على «شماعة» الديمقراطية، فالقوى المتضررة من وجود الإخوان على رأس حكم مصر كثيرة، وتجد دعما متوقعا من قبل قوى دولية تعتبر الاسلام عدوها الأول، وبات احتمالا قويا أن تنفلت الفوضى في شوارع مصر، حين يطالب مصريون باستقالة ورحيل مرسي، رغم أنه جاء الى الحكم بطريقة شرعية ديمقراطية. لو نجح المعارضون في مصر، وأسقطوا حاكما منتخبا بعد ثورة، ماذا نتوقع مصيرا لمصر العظيمة؟ هل يعتقد هؤلاء أن إعادة انتخاب رئيس لمصر ستتمخض عن شخصية غير إسلامية، وربما أكثر تشددا من مرسي؟ وهل يعتقدون أنه لو تمت إعادة الانتخابات، ونجح شخص آخر في رئاسة مصر، هل يعتقدون أن «سنة» الانكفاء و»التمرد» على الشرعية لن تطاله، ويقوم المصريون ثانية بالاحتجاج عليه واسقاطه؟ المصريون لا غيرهم، مطلوب منهم الترفق بأنفسهم وبمصر، والترفق بالأمة العربية لأنهم بلا أدنى شك، أهم دولة عربية ونجاحهم هو نجاح ومصدر الهام لهذه الأمة، وفشلهم لا قدر الله هو إعادة تضييع للأمة العربية والاسلامية.. ترفقوا بمصر..واحموها. [email protected]