مواضيع ذات صلة الأردن: المال السياسي يفرض سطوته على ملف الانتخابات وبعض المؤسسات تتجهز للانقضاض على رموزه عمان لخيارات لا تبدو مريحة تماما أمام صانع القرار الأردني الذي وجد نفسه في مواجهة إستحقاق أمني إقليمي وداخلي وأزمة إقتصادية عشية إنتخابات برلمانية يراهن عليها الجميع أصلا للعبور من موجة الربيع العربي التي بدأت تلطم أرجل الأردنيين. داخل غرفة القرار الأمنية والسياسية يتحدث القوم مبكرا عن مشكلة أساسية ستواجه الإنتخابات التي حدد لها يوم 23 من الشهر الأول للعام المقبل 2013 وتتمثل في نسبة الإقتراع المتدنية المتوقعة بسبب الركود الإقتصادي وأزمة الأسعار وضعف سوية المرشحين المحتملين وبرنامج المقاطعة بقيادة الأخوان المسلمين. حتى خمسة من أحزاب اليسار التي أعلنت في وقت سابق مشاركتها بالإنتخابات عادت وتراجعت بعدما وفر لها ملف الأسعار ملاذا لمقاطعة الإنتخابات بعيدا عن حسابات الإرتباط بمشايخ الأخوان المسلمين. الرجل الثاني في تنظيم الأخوان المسلمين الشيخ زكي بني إرشيد إبتسم وهو يلمح عندما سألته القدس العربي إلى أن الطريقة الوحيدة لمغادرة مأزق نسب المشاركة المتدنية المتوقعة في شهر بارد جدا ستجري فيه الإنتخابات يعرفها الجميع.. إنها العبث بالنتائج وترشيح عدد كبير من المرشحين. يشرح إرشيد: إنه التزوير في الواقع والذي سيتجاوز تزوير إرادة الناخب الأردني عبر القانون الحالي إلى عبث بالصناديق والمعطيات وغرف العمليات.. تلك الطريق إجبارية إذا قرر المستوى البيروقراطي الخروج من مطب نسبة المشاركة بأي ثمن مما يعني إنتخابات سقطت بإمتحان الشرعية. عمليا في المربع الأول يوجد قرار واضح بان تكون الإنتخابات نظيفة تماما وخالية من أي شوائب، لكن حتى بعض التقارير الإستراتيجية والأمنية تعبر عن قلقها من نسب المشاركة القليلة المتوقعة في إنتخابات 2013 فيما جاء قرار رفع الأسعار ليزيد الأمر تعقيدا. أي محاولات للتدخل الرسمي إجرائيا بهدف رفع نسبة المشاركة في الإنتخابات يوم الإقتراع ستغضب الدبلوماسي المخضرم عبد الإله الخطيب الذي يترأس هيئة إدارة الإنتخابات وستطيح بمنظومة المعايير الدولية التي يتحدث عنها الرجل فقد سبق أن اكد للقدس العربي بأن الهيئة المعنية وحدها التي تتولى إدارة الإنتخابات وقد حصلت على كل ضمانات عدم التدخل. الإسلاميون يشعرون بأن النظام في حالة أزمة بسبب ملف الإنتخابات والشيخ إرشيد قال بأن أجهزة السلطة والنظام هي المسؤولة عن هذه الأزمة، فيما طرح القيادي المعتدل والبارز في حزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ إرحيل الغرايبة السؤال التالي: لماذا نتطوع ونساعد النظام في إحتواء الأزمة بقبول قانون إنتخابات مشوه ونخذل تطلعات الشعب الأردني؟.. يلمح الغرايبة: لا يوجد سبب يدفعنا في الواقع لذلك. في أقنية الدبلوماسيين الغربيين الذين يراقبون كل صغيرة وكبيرة يتم تداول صيغة 'إنتخابات بمن حضر' ونخبة من كبار المرشحين المحتملين سمعتهم 'القدس العربي' يستفسرون عن مبررات ركوبهم في حافلة إنتخابات ستنتهي ببرلمان منقوص الشرعية سيحل قبل ولايته ونعود لنقطة الصفر وهو الشعور الذي دفع الملك عبدلله الثاني شخصيا وفي خطاب شهير للتأكيد بأن عمر البرلمان المقبل سيكون أربع سنوات. بالنسبة لمسؤولين بارزين في الحكم بينهم رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري ورئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات مجازفة حكومة الرئيس عبد الله النسور برفع الأسعار في توقيت سيىء ستؤثر على الإنتخابات وعبيدات لاحظ في أحد الإجتماعات مؤخرا بأن إدارة الدولة تتخبط على حد تعبيره. في الوقت نفسه لا تخلو أحلى وأفضل الخيارات من المرارة ففي لقاء مغلق عشية عيد الأضحى الأخير فوجىء القصر الملكي بان عشرة من كبار السياسيين وأركان الحكم يتحفظون على توقيت الإنتخابات ولا يتحمسون لإجرائها بمن حضر. آنذاك صدرت إشارة توحي بأن التأجيل بدون تراجع الإسلاميين عن المشاركة فيها لا مبرر له.. إلتقط أحدهم الإشارة وإستخدمها في إجراء إتصال مع مطبخ الأخوان المسلمين قوامه السؤال التالي: لو توقفنا عن برنامج إجراء الإنتخابات وقررنا مراجعة قانون الإنتخابات هل تشاركون وما الذي تريدونه؟ قبل ذلك قال أحدهم بأن التعديلات الدستورية لا تسمح بصدور قوانين مؤقتة فصدرت إشارة مرجعية توحي بوجود حل ما يعتقد أنه الحل الذي إقترحه بني إرشيد ورفيقه علي ابو السكر في سهرة سياسية بمنزل البرلماني العريق خليل عطية وهو عودة البرلمان السابق مؤقتا والدوران حول دستورية قرار حل البرلمان أصلا والإنتقال فورا لطاولة التوافق الوطني. الإتصالات إنقطعت بعد ذلك مع مطبخ الأخوان وفرض ملف الأسعار نفسه كعنصر جديد على جميع الأطراف وبشكل لا يمكن تجاهله بدليل أن الإسلاميين عندما توقفوا على دوار صويلح بجانب القصور الملكية في تظاهرة محدودة العدد لنصرة قطاع غزة رفعوا ايضا لافتات تعترض على رفع الأسعار. اليوم يحجم مرشحون كبار عن المشاركة بفعالية في التحضير للإنتخابات ويبرز مبكرا مأزق المال السياسي وتظهر وجوه تسعى لشراء المستقبل والمناصب العليا في الدولة مبكرا بالمال السياسي عبر الإنتخابات المقبلة لانها إنتخابات يقول القصر الملكي ستنتهي بحكومة يشكلها البرلمان. المخضرم عبد الإله الخطيب يراقب جيدا رموز المال السياسي الطامحون بركوب موجة الإنتخابات بعدما أصبح حضور بعضهم في الساحة علامة فارقة ستشوه هذه الإنتخابات وستطيح بمعاييرها الدولية والهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات معنية بالإنقضاض وبلا رحمة على أي مخالفة للقانون في السياق. ويبدو أن تلميحات القصر الملكي نفسه بدأت تتوعد بعض رموز المال السياسي في لقاءات مغلقة لإنه لا مجال لأي عبث أو تزوير في الإنتخابات هذه المرة كما يؤكد عبيدات وأخرون. لكن عدم العبث يتطلب العمل خلف الكواليس بطريقة ذكية جدا لإستقطاب الناس نحو الصناديق ولدفع نخبة عريضة من المرشحين لتحريك الأمور بهدف زيادة نسبة الإقتراع. والخيارات بالمقابل أضيق لان الإسلاميين لا يقولون بصورة محددة ما الذي يريدونه ويضغطون على العصب الحيوي للقرار ضمن معادلة يرددها الشيخ إرشيد وتتعلق بالفارق ما بين 'المرفوض والذي يمكن قبوله'. أما تأجيل الإنتخابات تحت أي عنوان فسيعني دستوريا وفورا عودة البرلمان السابق المنحل مرفوقا ب27 عضوا غاضبا حرموا مؤخرا من التقاعد سيرفعون بالضرورة السقف وبصورة غير متوقعة. الإستثناء الوحيد هو حالة طوارىء تؤجل الإنتخابات ولا تسمح بعودة البرلمان السابق.. حتى إجراء من هذا النوع يظهر الإسلاميون مرونة في التعاطي معه لكن خيارات مؤسسة القرار هي الأضيق بكل الأحوال.