تعرضت صنعاء القديمة خلال العامين الماضيين للعديد من التشوهات في مظهرها العام كمدينة تاريخية عمرها نحو 2500 عام. وزادت التشوهات احتمالات رفع المدينة من قائمة التراث الإنساني بعد مضي 27 عاما من ضمها إليها، فقررت الحكومة اليمنية القيام بحملات متتالية للحيولة دون ذلك بدعم من منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو). ووجهت "اليونسكو"، تهديدها الثاني لليمن بشطب مدينة صنعاء القديمة من قائمة التراث العالمي التي كانت قد أدرجت فيها عام 1986، وإعطائها مهلة شهرين قبل اتخاذ المنظمة لهذا القرار، الذي يأتي بعد أيام قلائل من إصدارها تحذير للحكومة اليمنية بشطب مدينة زبيد من القائمة العالمية. التقرير الذي وجهته منظمة اليونيسكو مؤخرا إلى وزارة الثقافة اليمنية جاء على هيئة تقرير مطول تضمن التحذير الأخير بخصوص مدينة زبيد والأول بالنسبة لصنعاء القديمة. ورصد التقرير ما تتعرض له المدينتان من أعمال هدم وتشويه ومخالفات عمرانية تمس الطابع المعماري للمدينتين، الأمر الذي يعد كارثة ثقافية وحضارية بالنسبة للسلطات الثقافية اليمنية ولجهود المنظمات الدولية المعنية بالحفاظ على المدن التاريخية. ووصف مدير عام اللجنة الوطنية اليمنية لليونسكو، أحمد المعمري، الوضع ب" الخطير" مشيرا بأن واقع صنعاء القديمة على قائمة التراث العالمي أصبح حرجا للغاية. نتيجة قيام العديد من السكان بعمل إحلالا للبنايات القديمة ببناء حديث من الإسمنت والحديد. ولليمن ثلاث مدن تاريخية مدرجة في قائمة التراث العالمي، هي صنعاء القديمة وشبام حضرموتوزبيد تحتاج الى رعاية حكومية لحمايتها من الاندثار وفقدان طابعها المميز.. وتعد مدينة صنعاء القديمة متحفا تاريخيا مفتوحا لفنون الهندسة المعمارية التقليدية بأنماطها المتعددة، إلى جانب مبانيها القديمة السامقة ومساجدها وأسواقها التقليدية، وسورها التاريخي بأبوابه العتيقة. وترجع أهمية صنعاء القديمة ترجع أيضا من ناحية تاريخية للسور الذي يحيط بها على شكل دائري بارتفاع خمسة أمتار وقد بني من الطين، وبه أربعة أبواب كانت في ما مضى تغلق بحلول المساء ولا تفتح إلا في الصباح حفاظا على الأمن والسكينة العامة. وتعتبر أسواق صنعاء التقليدية، بحوانيتها، عتيقة الطراز، وبضائعها أبرز ملامحها التاريخية التي جعلت منها وجهة سياحية تجتذب السياح من كل العالم. وتشتكي الحكومة من تدني مستوى الصيانة الفنية للمنازل إلى شح الإمكانيات المادية للهيئة الحكومية للحفاظ على المدن التاريخية، متهمة "يونسكو" بالتقصير في دعم السلطات اليمنية مالياً بموجب الاتفاقية المبرمة بينها وبين الحكومة. ووجهت الحكومة اليمنية مؤخرا السلطات المحلية في صنعاءوزبيد باتخاذ إجراءات تنفيذية وعاجلة بشأن المخالفات العمرانية والاستحداثات التي طالت المدن التاريخية وساحاتها، والعمل على إنجاز مخططات للمدينتين وفقا لمتطلبات منظمة اليونيسكو التي تشمل خرائط شاملة للمدن التاريخية وأساليب ترميم وصيانة مبانيها بالقدر الذي يحافظ على هويتها التاريخية وطابعها المعماري الأصيل. وتشمل الحملة خطة عمل تنفيذية، هدفها وضع نظام إجرائي للحد من المخالفات العمرانية وإزالة القائم منها وضبط مرتكبيها وإحالتهم إلى القضاء، بالإضافة إلى تفعيل جهود الحفاظ على المدن التاريخية وفقا للمعايير المعتمدة في مركز التراث العالمي. وفي هذا الاطار اكد أمين العاصمة صنعاء عبدالقادر علي هلال، على أهمية حصر مخالفات البناء والتشوهات والعبث في شبكة الكهرباء والمياه ومخالفات الأسواق الشعبية التي تتعرض لها صنعاء القديمة. وشدد على ضرورة إيقاف أي عبث بالمدينة والوقوف بمسؤولية تجاه المباني غير المرخصة والحفاظ على الفن المعماري الخاص بها. وقال هلال " نولي الحفاظ على التراث المعماري لمدينة صنعاء أهمية كبيرة، فنحن أمام مسؤولية تاريخية تجاه صنعاء القديمة المدينة التاريخية وايلائها الاهتمام الذي تستحقه لمكانتها السياحية التي تحظى باهتمام دولي كبير ". واكد هلال ان هناك "إجراءات وعقوبات صارمة تجاه كل من يعمل في تشويه التراث المعماري للمدينة".