كانت آخر مرة عانت فيها "أبل" تراجع المبيعات قبل أكثر من عقد. في ذلك الحين كان "الآيبود" لا يزال يبدو مثل إضافة غالية وغير ضرورية إلى سوق فاترة لأجهزة تشغيل MP3. ولم يكن ستيف جوبز قد كشف بعد عن نظام آي تونز، أو الصفقة مع صناعة الموسيقى التي عملت بعد ذلك على دفع أحلامه في مجال الأجهزة. ما هي إذن أهمية أن خلفاء جوبز اقتربوا لتوِّهم من تكرار تراجع المبيعات؟ فقد سجلت "أبل" بشق الأنفس، نمواً في الإيرادات تقل نسبته عن 1 في المائة في الربع الأخير، وهو أداء يضع رسمياً نهاية لسنوات من النمو الذي يخطف الأنفاس. ومن يريد إحساساً بالركود الذي تخاطر أكبر شركة ابتكارية في التكنولوجيا الاستهلاكية في العالم بالوقوع فيه، ما عليه إلا أن ينظر إلى حركة الأقدام في متاجر "أبل". ففي الربع الماضي كان عدد الأشخاص الذين يدخلون إلى متجر أبل في المتوسط يقل بمقدار ألف شخص أسبوعيا عن السنة السابقة. والذين دخلوا المتاجر فعلاً أنفقوا مبالغ أقل. وهذا من الأشياء التي تجعل حتى مساهمي مايكروسوفت يشعرون بالارتياح. ربما لا يشعل برنامج مايكروسوفت قلوب الناس بالطريقة التي يستطيع بها ذلك الجهاز الأنيق من ماكبوك إير، لكن مايكروسوفت تبدأ كل فصل بجزء كبير من إيراداتها التي تكون قد أودعت في البنك. وكثير من الزبائن من الشركات يشترون بموجب عقود لفترة طويلة، ما يعطي مايكروسوفت نوعاً من قابلية التنبؤ وقوة البقاء التي تتمتع بها شركة مثل آي بي إم. وكانت هناك رسالتان قويتان من آخر تقرير للأرباح من "أبل"، الأولى هي أنها سجلت شيئاً قريباً من الكمال في مرحلة مبكرة بصورة مفاجئة في حياة الآيفون والآيباد. وهذه لفتة رائعة للمهندسين والمصممين في الشركة، لكنها أيضاً مشكلة للشركة في الوقت الذي تبدأ فيه الاعتماد على سوق التحديثات. وتحولت أجهزة آيفون 4 وآيباد 2 إلى قوى محركة لأبل. ويعشق العالم الآيفون القديم، خصوصاً بسبب سعره الرخيص – ليس في البلدان النامية فقط، حيث بدأت "أبل" تشهد مزيدا من النمو المثير للإعجاب من قاعدة صغيرة، ولكن أيضاً في الأسواق التي هي مثل بريطانيا والولايات المتحدة. وبدأ الآيباد 2 الظهور بمظهر الجهاز الذي سيفتح فعلاً عالم التعليم أمام الأجهزة اللوحية، لأنه لا حاجة هنا لشاشات Retina المكلفة. ومن دون وجود شيء جديد يثير حماسة الزبائن، ولأن مجموعة أكبر من المشترين المهتمين بالأسعار تدخل الساحة، هناك خطر يتمثل في أن الأسعار – وهوامش الأرباح – أمامها اتجاه واحد فقط للذهاب إليه. وقبل سنتين كان سعر الآيفون المتوسط والآيباد المتوسط 654 دولاراً. أما اليوم فقد هبط الآيفون إلى 581 دولاراً، في حين هبط الآيباد بصورة أسرع ووصل إلى 436 دولاراً. ومن الممكن أن يساعد جهاز الآيفون ذو التكلفة الأقل والغلاف البلاستيكي – من الأنواع المتوقعة في وقت متأخر من هذا العام – في إدارة هذا التحول. ومن الممكن كذلك إلقاء اللوم على الشركة لأنها لم تقم بتقسيم سوق الهواتف الذكية بهذه الطريقة من قبل، ولأنها تركت الأجهزة القديمة تملأ الفجوات التي نشأت بسبب استراتيجيتها في تسعير الأجهزة المتطورة. ومع ذلك من المهم أن نضع هذا في المنظور السليم. ومقارنة ب "سامسونج" التي كانت تواجه مسائل أكبر بكثير حول أعمالها في الهواتف الذكية، أفلحت "أبل" في المحافظة على هامش أرباح مثير للإعجاب. وربما يكون السعر قد تراجع، لكن أجهزة الآيفون لا تزال تتمتع بتقدم مثير للإعجاب. وليس هناك جدال في نجاح منتج يستطيع أن يشهد هذا النوع من التسارع في المبيعات التي سجلها "آيفون" في الربع الماضي، الذي كان لحظة بطيئة في دورة المنتج. وبطبيعة الحال يمكن أن تهبط الأسعار بقوة إذا بدأت شركات تشغيل الجوال – وهي الزبائن الرئيسيون للجهاز في كثير من الأسواق – بممارسة مزيد من الضغط. وهناك كثير من الشركات التي ترجو أن تفطم نفسها عن مبالغ الدعم الغنية التي تدفعها على الأجهزة. لكن بالنسبة للوقت الحاضر لا تزال "أبل" تمسك بمقاليد الأمور. والرسالة الثانية من أحدث تقرير للأرباح هي أن حظوظ "أبل" لا تزال مرتبطة بصورة خفيفة ب "الآيفون". وكان عدد أجهزة الآيباد التي بيعت في النصف الأول من هذا العام أعلى بنسبة 18 في المائة عن السنة الماضية – وهو بالتأكيد رقم مثير للإعجاب، لكنه لا يعتبر النجاح الساحق الذي كان يرجوه كثيرون عند هذه المرحلة في منحنى تبني الجهاز. ويبدو الآيباد ميني مقاس سبع بوصات، الذي كان ناجحاً دون خلاف، أنه أخذ حصة من مبيعات الأجهزة الأكبر بدلاً من إعطاء سوق الأجهزة اللوحية الإجمالية دفعة جديدة من النمو. وليس معنى أي من ذلك التقليل من نجاح "الآيباد"، لكنه تذكرة بمدى صعوبة اتباع "الآيفون". وفي الوقت الذي ينفد فيه صبر المساهمين بصورة متزايدة من مسيرة الأجهزة الجديدة التي وعد الرئيس التنفيذي، تيم كوك، بإطلاقها في أواخر العام الحالي وفي 2014، من المفترض أن لديهم كثيرا ليفكروا فيه.