فعالية لمستشفى القدس العسكري بذكرى سنوية الشهيد    بعد فشل المواجهات العسكرية أمام صمود اليمنيين.. الأجهزة الأمنية تطيح بأخطر المخططات التجسسية الأمريكية الإسرائيلية السعودية    المؤامرات السعودية ووعي اليمنيين    مدير فرع هيئة المواصفات وضبط الجودة في محافظة ذمار ل 26 سبتمبر : نخوض معركة حقيقية ضد السلع المهربة والبضائع المقلدة والمغشوشة    "الصراري" شموخ تنهشه الذئاب..!    وللقبائل اليمنية طوفانها الساحق لأعدائها    خلال وقفات شعبية وجماهيرية .. أبناء اليمن يؤكدون: مساعي العدوان للنيل من الجبهة الداخلية باتت مكشوفة ومصيرها الفشل    النرويج تتأهل إلى المونديال    مرض الفشل الكلوي (28)    صلاح ينافس حكيمي وأوسيمين على جائزة الأفضل في افريقيا    أمن مأرب يعرض اعترافات خلايا حوثية ويكشف عملية نوعية جلبت مطلوبًا من قلب صنعاء    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    البحسني يهدد باتخاذ قرارات أحادية لتطبيع الأوضاع في حضرموت ويتهم العليمي باستهداف المحافظة    طائرة البرق بتريم تتجاوز تاربة ينعش آماله في المنافسة في البطولة التنشيطية لكرة الطائرة بوادي حضرموت    الشعيب وحالمين تطلقان حملة مجتمعية لتمويل طريق الشهيد الأنعمي    البرتغال إلى نهائيات «المونديال» للمرة السابعة توالياً باكتساحها أرمينيا    تنامي التحذيرات من محاولات الإخوان جر حضرموت إلى دائرة التوتر    حكومة بريك تسجل 140 مشاركًا في مؤتمر البرازيل بينما الموظفون بلا رواتب    ضبط شحنة أدوية مهربة في نقطة مصنع الحديد غرب العاصمة عدن    رئيس لجنة المسابقات: لائحة جديدة ودوري بنظام الذهاب والإياب    رئيس تنفيذية انتقالي لحج يطلع على جهود مكتب الزراعة والري بالمحافظة    سياسيون يحذرون مجلس الأمن من تداعيات تجاوز قضية شعب الجنوب ويطلقون وسم #السلام_والاستقرار_بعوده_الجنوب    بلا رونالدو.. البرتغال "مبهرة" تنتصر 9-1 وتصل للمونديال    فيروس جديد.. يفترس 9 حالات أولية في إثيوبيا    افتتاح معرض صور الآثار والمعالم التاريخية اليمنية في إب    العدو الإسرائيلي يسرق 17000 قطعة أثرية من متحف قصر الباشا في غزة    حضرموت.. حكم قضائي يمنح المعلمين زيادة في الحوافز ويحميهم من الفصل التعسفي    القربي: توافق الدول دائمة العضوية حول اليمن انتهى وهناك مخاوف من تصعيد قادم    560 ألف دولار تعادل رواتب 11,200 موظف لوفد اليمن في البرازيل    نجوم الإرهاب في زمن الإعلام الرمادي    بعثة المنتخب الوطني تصل الكويت لمواجهة بوتان    ولد علي يعلن قائمة المنتخب اليمني النهائية لتحدي آسيا وكأس العرب في نوفمبر الناري    رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    الجوف.. تسيير قافلة من البرتقال دعماً للمرابطين في الجبهات    وزارة الصحة تدّشن مخيمًا طبيًا للفحص المبكر عن السكري والأمراض الصدرية    مخيم مجاني لمرضى السكري من يوم غد يشمل توزيع ادوية    "العسل المجنون" في تركيا..هل لديه القدرة فعلًا على إسقاط جيش كامل؟    الدكتور بن حبتور يعزّي عبدالعزيز البكير في وفاة عمه    رئيس النمسا المحترم وسفهاء سلطة اليمن في مؤتمر المناخ    الأرصاد لا يستبعد تشكّل الصقيع على أجزاء محدودة من المرتفعات    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    "وثيقة".. الرئاسي يعتمد قرارات الزبيدي ويوجه الحكومة بتنفيذها    بدء صرف راتب أغسطس لموظفي التربية والتعليم بتعز عبر بنك الكريمي    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    أفاعي الجمهورية    سفيرٌ يمنيٌّ وطنه الحقيقي بطاقة حزبه.. تحويل السفارة من ممثل للدولة إلى مكتبٍ حزبي    مريم وفطوم.. تسيطران على الطريق البحري في عدن (صور)    فراغ ، حياة وتجربة ناصرية    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    تجربتي في ترجمة كتاب "فضاء لا يتسع لطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما كنا ننام بجانب ملابس العيد
نشر في الخبر يوم 09 - 08 - 2013

عندما كنا أطفالا، كنا ننام بجانب ملابس العيد بعيون مفتوحة وقلوب يقظة أو تنام هي بجانبنا، لم نكن نقبل أن نضعها حتى في الخزانة مخافة أن نستغرق في النوم فيأتي العيد فلا ندركه أونفقد دقيقة من دقائقه الغالية!
كان العيد مناسية جماعية للعائلة الصغيرة والممتدة وكنا ببراءة الأطفال نبدأ بالتباهي والمقارنة: فستان ألف أحلى من ب، وبدلة سين أحلى من ص…
كنا نتسابق في جمع العيديات ونظل نتفقدها ونعدها مخافة أن تنقص أو كأنها ستزيد بالعد، ونكتشف دينارا جديدا أغفلناه في العد السابق، ونستعرض أسماء الأقارب ممن عيدنا ومن لم يعيدنا، ومن زرناه ومن لم نزره بعد، وكم جمعنا من الحلويات والملبس الذي لا ينتهي اليوم الا وقد سبب لنا من كثرته تلبكا معويا بعد أيام الصيام، كان المعمول صناعة البيت والملبس ربما يكسر الأسنان لقسوته، لم نكن نعرف الأسماء ولا الماركات ولا الشوكلاتة الفاخرة، كانت حياتنا فاخرة بأهلها وبطيب المجتمع وكان القليل من سكر الحلويات يكفي لزيادة حلاوة الحياة.
كبرنا وفقدنا الإحساس بالفرحة والعيد وأصبح الشعور بالفرح كاجتراح المعجزات، وكأن التقدم في العمر يعني بالضرورة الهم والغم وشيب النفس قبل شيب الشعر، فقدنا التلقائية والشغف الذين كنا نملكه ونحن صغار وتحولت الحياة الى مجموعة من الطقوس والالتزامات الإجبارية بدافع الواجب والعيب، أما النفس المتألقة بالفرح الذي ينساب انسيابا تلقائيا فيظهر في حرارة الجسم وابتسامة الوجه وضوء العين، ومصافحة اليد وصدق الإقبال والعناق، فقد ذهب عند المعظم مع سني الطفولة الى غير رجعة، والتبرير موجود لفقد روحانية العيد، فكيف نفرح ونحن ننزف من كل جانب؟ على المستوى الفردي بحياة صعبة تستهلك أجمل ما في نفوسنا من صفات أودعها الخالق فينا، الذي أحسن خلقنا وتقويمنا عندما نفخ فينا من روحه، وننزف جماعة كأمة لم تعد ترفع رأسها من كثر الضربات والطعنات التي تتلقاها تباعا؟
ونتساءل كيف كان أول عيد للمسلمين بعد وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم في مدينة أظلم منها كل شيء لفقده؟! ألم يفرح الصحابة؟! ألم يبروا بعضهم؟ ألم يشكروا الله برغم أن قلوبهم تعتصر ألما على حبيب سكن سويدائها ثم غادر للقاء ربه وترك فيهم كسرا لا يجبر الا بانتظار «غدا ألقى الأحبة محمدا وصحبه»، ولكنهم فرحوا وكبروا وهللوا لأن امتحان الحب الحقيقي كان الفرح بالله ولله ومع الله وعلى سنة رسول الله، الذي أكد أن أيام العيد يجب أن تكون مختلفة عما سواها في البهجة والنشيد والترفيه، وقال هذه أيام عيد ولكل قوم عيد وهذا عيدنا، فكيف لا نفرح بأيام تتلو أياما كنا والملائكة نمشي في ذات الطرقات، وكان الله سبحانه وتعالى يفاخر الملأ الأعلى بصومنا وقيامنا إيمانا واحتسابا؟
كيف شعر المسلمون بأول عيد بعد غزوة أحد ومعظم بيوت المسلمين تأن بجراحاتها، وبالفقد، وكل المسلمين يعيشون ألم الهزيمة والعصيان على أرض ضاقت عليهم بما رحبت، وتحت سماء عاد النداء لهُبل يصدح فيها، بعد أن جلجل نداء الحق بأن الله أعلى وأجل؟
ولكنهم فرحوا لأن الفرح لم يكن مجرد شعور يجده الإنسان في نفسه اويتكلفه ان لم يجده، كان الفرح عندهم عبادة العيد كما أن الصوم عبادة رمضان؛ لأن الفرح استجابة لأمر الله «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هوخير مما يجمعون» وأي فضل أكبر من رمضان وأيام الحج الذين فضلت أيامهما على باقي السنة، فجعلت موسما لله ونفحات ربانية ومحطات علو ورفعة واستزادة واغتراف نوراني في أيام معدودات؛ ليبقى الألق والطهر في مواجهة حياة تنتهك إنسانيتنا كل ثانية.
المؤمن من سرته حسنته، وأي سرور أكبر من حسنة الصيام؟ أي سرور أكبر من مضاعفة الأعمار والأعمال في ليلة القدر؟ أي سرور أكبر من الرحمة والمغفرة والعتق؟ أي سرور أكبر من إجابة الدعاء؟ إن الإحساس بتحصيل واحدة منها لكفيل أن يرسم ابتسامة أبدية على وجوهنا تجد طريقها من بين كل الدموع والآلام.
ولكي نحس بالفرح يجب أن نبثه فيمن حولنا، في الأجيال الصغيرة التي يجب أن تشعر بالفرق في أيام العيد في العالم المعولم الذي يريد لها البعد عن دينها ويتهمه بالتشدد والغلو.
لنحس بالفرح يجب أن نبثه في قلوب مكلومة وأرواح منكسرة لا يجد الفرح لأبوابها مفتاحا، وتزيد المواسم والأعياد من حرقة الفقد والفقر والعقوق والوحشة والوحدة، ادخال الفرح الى قلوب هؤلاء هو فقط ما سيعالج قلوبنا التي أضنتها الهموم والمشاغل.
الفرح حسنة القلب وإغداقه على مستحقيه صدقة، والصالحون كانوا يتخيرون مواطن الخير والحسنات والصدقات ليعطوها لأهلها لتقبل عند الله بأفضل القبول، فلذوي القربى حصة من الفرح ولقربى الاسلام حصص أصيلة لمن قطعتهم قلوبنا ونسيناهم، وكنا يوما اجتمعنا بهم على محبة وخبز وملح، ثم باعدتنا دروب الحياة. والعيد فرصة لاحياء المشاعر الخامدة والنفوس الراكدة والقلوب الخاملة؛ لتستقبل جذوة المحبة والأخوة والوحدة مرة أخرى.
وعبادة الفرح تحتاج الى نية فيدخل الرجل الى بيت أخته بنية أن من فرح أنثى كان كمن بكى من خشية الله، ويعطيها الهدية أوالعيدية وهو يوقن بالخلف الأكيد من الله «وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه».
يزور إخوته وأحبائه وأصحاب المصائب وهو يوقن أن الله سيرصد له ملكا يرافقه ليطيب ممشاه في الدنيا، ويتبوأ من الجنة منزلا في الآخرة، وأنه سيجد الله عندهم.
هذه كلها أسباب وحوافز للفرح الحقيقي بأن الله جعلنا أفرادا من هذه الأمة وأتباعا لهذا الدين الذي يشق النور وسط الظلمة، ويزرع الإيجابية في دياجير السلبية ويستبشر بالنصر في أتون الهزيمة.
ليس من صفة الاسلام العدمية ولا التطرف، فإما أن تكون اولا تكون، ولكنه يؤهل الظروف لصناعة الحدث وتغيير المسار بنفس مسفرة ضاحكة مستبشرة، والعيد منحة ربانية لتأهيل نفس أوجعها حزنها الشخصي والعام لتلتحم بوجدان جماعي يجهز لفرح أكبر ونصر مبين، لهذا نكبر ونعيد في كل عيد بالرغم من عدم وجود معارك أحيانا ولا انتصارات «لا اله الا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده».
بحاجة نحن أن نبحث في دفاترنا القديمة وغرفات قلوبنا المهجورة عمن نفرّحهم ونفرح بهم ومعهم؛ حتى يكون العيد كما كان رمضان والحج، عبادة تتلو عبادة وحسنة تلحق بأختها، ولنكن أهلا لفضل الله بإدخال السرور على قلوب المسلمين، فذلك فرح جائزته عظيمة من رب العزة «مَن لَقيَ أخاهُ المُسلِمَ بِما يُحِبّ لِيَسُرَّهُ بِذلك، سَرّهُ اللّهُ عزّ وجَلّ يومَ القِيامةِ».
عند أعتاب المحرومين والمنكسرين والمظلومين والمقطوعين وأصحاب الحاجات ستضيء نفوسكم بالفرح الحقيقي.
كل عام وأنتم بخير في دينكم ودنياكم وتقبل الله الطاعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.