ترددت طويلا قبل أن أكتب عن المجزرة التي ارتكبها وشارك فيها منظومة عملاء ووكلاء ومأجوري المشروع الغربي ضد الإسلام والمسلمين، وعملاء الكيان الصهيوني الحارس لهذا المشروع، وهم ليسوا في مصر وحدها، بل هم منتشرون على مساحة العالم العربي والاسلامي وسائر انحاء العالم، فليس من حمل السلاح وأطلق الرصاص نحو رؤوس المعتصمين السلميين الذين يطالبون بعودة الشرعية واحترام الدستور هم فقط الذين اجرموا وارتكبوا المجزرة، بل من اتخذ القرار وأيده وسكت عنه، ومن مول وساند سياسيا واعلاميا الانقلاب العسكري، هؤلاء هم جميعا الذين يجب ان نسجل أسماءهم للمحاكمة التي لا بد منها في لحظة تاريخية، هؤلاء يجب ان يحاكموا قضائيا وشعبيا وتاريخيا ويتحملوا مسؤولية ما قاموا به من تنفيذ لارادة ومخططات اعداء الدين والامة والشعب، هؤلاء هم سبب نكباتنا ونكساتنا وتخلفنا، هم سبب ضياع شعوبنا وهم سبب التيه الذي نعيشه وهم سبب تسلط الاعداء على ارضنا ومقدساتنا وتمريغ كرامتنا في التراب، وهم سبب الفقر والامراض الاجتماعية التي تفتك بنا، هم سبب مديونيتنا وعجزنا عن الوقوف على اقدامنا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، هم الداء الدوي والمرض العضال الميؤوس من شفائه، هم السرطان الذي لا بد من اجتثاثه كي يسلم باقي الجسم قبل ان ينتقل أثرهم الي بقيته ويقضي عليه. هم حكام في وطننا الذي كان عربيا واسلاميا، وبفعلهم لم يعد كذلك، هم سياسيون فاسدون جبناء، هم تجار ومرتزقة يتاجرون بكل شيء، ويبيعون كل شيء، هم اعلاميون أجراء يستدعون في كل مناسبة ليطلقوا عواءهم ونباحهم في كل اتجاه وبدون اي قيد مقابل فتات يلقى اليهم بعد كل مهمة قذرة، كالكلاب التي تنبح بعد ان تتناول وجبتها من العظام، ثم تبصبص باذنابها انتظارا للمهمة القذرة التالية،لا يرون الدماء التي تسيل شاهدة على الجريمة، ولكنهم يرون تحويلات الاموال التي تم شراؤهم بها من وراء الحجب. الدماء التي سالت وفرح بها الصهاينة وأعوانهم وعملاؤهم، هذه دماء غالية لن تذهب سدى، مسكين من يظن ان الدماء التي سفكت يمكن ان تنسى، هذا الدماء غالية، وثمنها غال، فان لم تأت بالحق مربعا كما يقال، فانها ستأتي بثأر لن يطول امده، هذه الدماء سفكت تحت سمع العالم وبصره، وثقها الاعلام المرئي والمسموع، وادانتها قوى حرة كثير كشهادات على مظلومية واضحة لا يختلف عليه حر، وهذه مسؤولية هذا العالم ان ينصف أصحابها، والا فإن مفاعيلها لن تتوقف عند الحدود التي يظنونها،بل ستتعداها لتتحول الى تسونامي يطيح بشراسة بكل ما خططوا له ودبروه بليلهم شديد السواد، هم يظنون ان الناس ستنسى او تستسلم أو تبيع وتقايض هذه الدماء، وهم مخطئون بحساباتهم كالعادة، هذه المرة ليست كسابقاتها، هذه المرة ستكون جريمتهم وبالا عليهم وستكون هذه الدماء نقطة تحول كبيرة في المعركة التي آن لها ان تضع اوزارها بعودة الحق الى اهله، كاملا غير منقوص، هذه المرة جاءت والناس اكثر وعيا بحقوقهم، واكثر اصرارا على تحصيلها، حتى لو دفعوا ثمن ذلك المزيد من الدماء والاشلاء والتعب والعرق والدموع، فلم تعد الحياة ذات معنى بدون الحرية والعدالة، انها ستكون اقسى من الموت بدون شك، واصحاب الحق لا يموتون ولا تموت حقوقهم، ولا قضاياهم، فهي ستبقى حية، لأن الحياة عندهم لها معنى آخر لا يفهمه أعداؤهم. المجزرة التي تابعنا فصولها وتفاصيلها وعشناها لحظة بلحظة وغلت الدماء في عروقنا ونحن نحدق ونشهد ونتألم ونشهق مع الضحايا، هذه المجزرة وبالرغم انها لم تكن مفاجئة لنا، فكل مقدماتها كانت تشير انها واقعة بلا شك هذه المجزرة لها ما بعدها، وعلى من ارتكبها وساندها وايدها أن يدرك ذلك ويتدارك الموقف قبل ان يطالب بثمن الموقف الذي وقفه في الوقت الذي ليس في صالحه وسيعجز عن دفع الثمن، لا يزال هناك فرصة لهؤلاء المجرمين ان يتوقفوا عن اجرامهم ويعدلوا مسارهم قبل ان يخضعوا راغمين لسنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير بهلاكهم والاستبدال بهم، وننصحهم ان كانوا اهلا للنصيحة ألا يراهنوا على تجارب مضت، او يظنوا ان أحدا من اصحاب الحق سيسلم لهم ويتجاوز عن خطاياهم، ننصحهم ان يعيدوا الحق لاهله ويتوقفوا عن السير في طريق المغضوب عليهم والضالين من أسيادهم الذين مكنوا لهم في غفلة من شعوبهم، فقد استيقظت الشعوب، ولن تتوقف، ويا ويلهم ان تمكنت الشعوب منهم وهم على حالهم.