شهد أكثر من مليون ونصف المليون مصل أمس صلاة الجمعة قبل الأخيرة من رمضان المبارك في المسجد الحرام بمكة المكرمة وسط أجواء روحانية عابقة بالذكر والدعاء، وسؤال الله المغفرة والعتق من النار، ووسط استنفار من كافة الجهات المعنية بخدمة المعتمرين والزوار. وكثفت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام من أعمالها الخدمية، لراحة الزوار والمعتمرين والمصلين، وذلك من أجل أداء مناسكهم بسهولة ويسر وذلك مع دخول النصف الثاني من رمضان المبارك، حيث تضاعفت أعداد المعتمرين والزوار بشكل ملحوظ عما كانت عليه في الأيام المنصرمة، خصوصا في أوقات الصلوات، وصلاة التراويح، فخلال صلاة الجمعة الثالثة من رمضان شهد المسجد الحرام زحاما داخل أروقته وطوابقه.
أما على مستوى صحن المطاف والساحات الخارجية، فقد تواجدت بهما أعداد متوسطة، نظرا لارتفاع درجات الحرارة مما دفع أغلب المعتمرين والمصلين إلى الاحتماء بداخل المسجد الحرام في حين رصدت "الوطن" جموع الطائفين، وبعض المصلين يحملون معهم مظلات واقية من أشعة الشمس.
من جهته، بين مدير إدارة سقيا زمزم عيفان بن محمد الجعيد أنه تم توفير أكثر من 22 ألفا و418 حافظة لماء زمزم المبرد، وغير المبرد موزعة على مختلف المواقع في المسجد الحرام، كما يوجد 126 مجمعا للمشربيات الرخامية، وأخرى من نوع "الفيبر جلاس" لماء زمزم داخل المسجد الحرام، وخارجه تشتمل على أكثر من 1734 صنبوراً، في حين يصل متوسط الاستهلاك اليومي لماء زمزم المبارك داخل المسجد الحرام إلى 2200 متر مكعب ، بينما يصل إلى 950 مترا مكعبا بالنسبة للمناطق خارج المسجد الحرام. كما تم هذا العام تنفيذ 3 مشربيات جديدة في صحن المطاف بها 108 صنابير، إضافة إلى إنشاء 50 مشربية رخامية مطلة على صحن المطاف، واستحدثت 6 مواقع لمشربيات رخامية بسطح المسعى بها 54 صنبورا.
ونظرا لرغبة الزوار والمعتمرين في أخذ ماء زمزم معهم بعد مغادرتهم إلى أوطانهم فقد تمت تهيئة المجمعات الخاصة بتعبئة الجوالين من مياه زمزم المبارك للمعتمرين والزوار والواقعة في سبيل الملك عبد العزيز بكدي، إضافة إلى مجمع الغزة ويعمل على مدار 24 ساعة يوميا. وبدأت الرئاسة في توفير المصاحف بأعداد كافية لمقابلة الزيادة اليومية في أعداد ضيوف الرحمن.
إلى ذلك، أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بالمسجد الحرام ، "أن شهر رمضان لم يكن أبدا زمن بطالة وكسل ولا وقت لعب ولهو، وإنما هو شهر عمل وجهاد وصبر ومصابرة واشتغال بأسباب الكمالات في الدين والدنيا والالتقاءات التي تورث المرء توفيقا وتعقبه تسديدا يصحبه في كل أيام عامه، ذلك أن الإنسان كما قال بعض أهل العلم إذا وفق للخيرات والأعمال الصالحات في هذا الشهر حالفه التوفيق في كل سنته وإذا مضى هذا الشهر في تشتت حال مضى العام كله في تشتت وتشويش، فاعملوا على استباق الخيرات في هذه الليالي العظيمة تحظوا بالرحمة والرضا والغفران من لدن فاطر الأرض والسماوات".
وقال إن من أرفع المواسم قدرا وأنبهها ذكرا هذه العشر الأواخر من شهر رمضان، فإنها من أيام الله المباركة، حاثاً عباده ليستبقوا فيها الخيرات وليعظم فيها تنافسهم في الباقيات الصالحات وليستدركوا ما فرطوا في جنب الله وتكون لهم العقبى وحسن المآب. وفي المدينةالمنورة، قال إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ علي الحذيفي مخاطبا المسلمين في خطبة الجمعة أمس، "إنكم في شهر كريم وموسم طاعات عظيم يصب الله فيه الخيرات صبا ويصرف الله فيه الشرور صرفا ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وأغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين - ، شهر جمع الله فيه الطاعات كلها، فهو شهر الصوم والصبر. جمع الله فيه مع الصوم الصلوات فرضا ونفلا وكذلك الزكاة لمن زكى ماله والصدقات والإحسان، وفيه الحج الأصغر لمن أراد العمرة ".