قبل أيام قليلة جمعنا لقاء كمراسلين لوسائل الإعلام الإماراتية في اليمن، بسعادة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة الأستاذ عبدالله مطر خميس المزروعي، كان اللقاء الذي ضم إلى جانب سعادة السفير الزملاء ناصر الربيعي ومحمد الغباري ومحمد القاضي وعقيل الحلالي وكاتب هذه السطور، لقاءاً حميمياً، تناول قضايا عدّة، لكن سعادة السفير المزروعي كشف لنا عن حب كبير للبلد الذي يقيم فيه منذ نحو عامين، حب ربما يفوق حب أبناء البلد أنفسهم لبلدهم. تحدث المزروعي عن سقطرى، الجزيرة التي أسرته منذ زارها لأول مرة، وعن ما تمتاز بها الجزيرة من مقوِّمات سياحية خلابة لا تتوفر لأية منطقة في كثير من دول العالم، تحدث عن طبيعة الناس والبساطة التي يعيشون فيها على ظهر الجزيرة التي تفتقر للكثير من الخدمات، واستغرب السفير المزروعي من القرار الذي اتخذته الخُطوط الجوية اليمنية بإيقاف رحلاتها إلى الجزيرة، وقال إنه صار عليه أن ينتظر أكثر من ثلاثة أسابيع للحصول على مقعد في طيران "السعيدة" إذا ما أراد الذهاب لزيارة الجزيرة كعادة درج عليها خلال وجوده في اليمن.
وكنت قد كتبت الأسبوع الماضي في هذه الزاوية عن قرار "اليمنية" إيقاف رحلاتها إلى جزيرة سقطرى، لكن لم يكلّف مسؤولاً في الشركة نفسه ليُوضح للقارئ ولأهالي سقطرى، لماذا تم إيقاف الرحلات إلى الجزيرة عوضاً عن زيادتها بهدف تشجيع السياحة الداخلية.
لقد كان السفير الإماراتي الشاب معجباً بالجزيرة، لدرجة مازحناه بالقول إنه ربما يكون من سكان الجزيرة ونحن لا نعرف ذلك، وكشف عن علاقة قديمة تربط سكان الجزيرة بمناطق كثيرة في دولة الإمارات، الدولة الخليجية الأكثر قرباً من اليمن واليمنيين، شمالاً وجنوباً على السواء. واليوم يأتي السفير المزروعي ليجسّد هذا الترابط والنسيج الاجتماعي بين البلدين، فزياراته للجزيرة هي أكثر من زيارات المسؤولين اليمنيين أنفسهم. فهناك وزراء لم تطأ أقدامهم أرض الجزيرة منذ تولوا المسؤولية في مؤسساتهم ووزاراتهم، فيما نرغي ونزبد في الحديث عن الترويج للسياحة، ونذهب إلى الخارج لنروّج لمشاريع السياحة، فيما نحن لا نخطو شبرين خارج أماكن إقامتنا.
لقد تحوّلت سقطرى إلى قبلة للسائحين العرب والأجانب، إلا أنها باب مغلق على اليمنيين أنفسهم. وتذكرت في الحديث مع سعادة السفير الإماراتي مشروع فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح قبل سنوات الذي أطلق عليه عنوان "اعرف وطنك"، والذي أعطى فيه الضوء الأخضر للجهات المعنية بترتيب زيارات ورحلات للصحفيين ووسائل الإعلام المحلية إلى مناطق مختلفة في البلاد في إطار هذا المشروع، لكن هذه الجهات لم تقمْ يوماً بتسهيل مثل هذه المشاريع، بل إنها في كثير من الأحايين تعرقلها تحت يافطة عدم القدرة على حماية أرواح الصحفيين والأجانب القادمين إلى البلد.
اليوم نحتاج إلى حماس السفير المزروعي حتى نستطيع زيارة سقطرى، أفراداً وعائلات ومجاميع سياحية، فللأسف بدلاً أن نحمس الآخرين لزيارة جزيرة سقطرى وغيرها من المناطق اليمنية صار الآخرون يحمسوننا لزيارة بلدنا التي صرنا –للأسف- غُرباء عنها.