حتى عندما كان سعر البنزين رخيصاً نسبياً قبل العام 2005 كان صيادو الساحل الغربي في الحديدة يخسرون أحياناَ! أما وقد رفعت الحكومة سعر اللتر الديزل أضعافاً مضاعفة، من عاد «شيبوك أمبحر؟» بحسب سؤال صياد عجوز قالها في وجهي بقرف.
والحمد لله إنني يومها كنت بلا ربطة عنق، وإلا كان سيرمي بسلة السمك التي في يديه على وجهي، وفي ضنه أنني رئيس الحكومة.
18.000 ألف صياد في الحديدة، لم يعد البحر صديقهم. يقول الصياد (عمر سالم) بعد ارتفاع سعر البترول والديزل: «نبوك أمبحر ونرجأ مديونين!!».نذهب الى البحر وعود مديونين.. وليس بإمكان دولة رئيس الوزراء أن يعود لحرفة الأجداد، ويبحر فوق هوري تقليدي لمدة 13 يومآً بلياليها ليعرف – بالضبط - كم حجم الوجع، ويستغفر الله عما فعلت حكومته بالصيادين. «يا أخي صلي إليه..» قالها بلهجته التهامية.. وأنتم أيضاً صلوا على المصطفى، واسمعوا عمر سالم أيش يقول: «كنا نأبي الهوري بترول ب150 ألف ريال للرحلة الواحدة، نتسلف المبلغ من الوكيل وإلا من شيهب لنا! الآن شنأبي بترول ب300 ألف ريال.. وبكم شنأبي السمك؟»
وبحسب العميد أحمد حسن دوبله، مشرف القوارب التابعة للقاعدة الإدارية: «قارب الصيد التقليدي عاد بألفَي كيلو من السمك.. بكم شيبيعه».
وقبل أية تفاصيل ل(سعة قوارب الصيد) هناك احتياجات أخرى للعودة بالسمك. وكل واحد يأخذ ورقة وقلماً ويحسبها معي.
طاقم القارب «12» صياداً.. المكوث في البحر ليس أقل من عشرة أيام، يحتاج الطاقم خلالها - فضلاً عن الوقود للقارب – «كيس سكر وكرتون صلصة، كيس بر مطحون، شاي، أرز..» وكل هذه يستدينها الصياد من الوكيل، فضلاً عن «200» قالب ثلج لحفظ السمك.
تكلفة رحلة الصيد تتراوح مابين 500-300 ألف ريال كحد أعلى.
ويضيف «عمر» الصيد اللي نرجع به بالكاد يغطي مصاريفنا، وديون الوكيل.. وكررها ثانية: «هيا الآن قولي : من شيبوك امبحر»؟!.
تستطيع أن تقنعنا بأهمية رفع الدعم عن المشتقات النفطية لتفوت الفرصة على «المهربين».. أي مهربين؟ والله مالنا علم! لكن (الحكومة) لا تستطيع إقناع السمك بأن يكون أكثر رأفة بالصيادين منها، ويدخل الشباك الملقاة في البحر جماعات، و(فيسع) كما يدخل أعضاء من الإصلاح والناصري والاشتراكي جماعات جماعات إلى حزب المؤتمر الشعبي الحاكم !
هل يستطيع رئيس الوزراء أن يقوم بذلك؟ وإذا كان الوكيل/ حسن محمد يحيى.. وهو رجل أعمال خسر «48.000» مليون ريال قبل جرعة 2005 بسبب عجز الصيادين عن سداد ديون التجهيز التي عليهم، كم سيخسر بقية الوكلاء الآن؟
ومن هو الوكيل الشاطر الذي سيقرض صياداً ليذهب في رحلة صيد هي أشبه بالمجازفة؟!
البحر يوزع أرزاقه للجميع.. البحر إلى الآن لم ينظم إلى حزب المؤتمر!
وإذا كان أحد النقاد قال مرة: (عندما يكتب تشيخوف عن السمك فإنني أشم رائحته)، فعلينا كمستهلكين أن نكتفي إذاً برائحة السمك، وبالمكابرة إن لدينا أطول شريط ساحلي في المنطقة!!