لم تكتمل فرحة ركاب شركة طيران اليمنية بعد ان عاودت رحلاتها إلى جزيرة سقطرى الشهر الجاري، ولشهر فقط، قيل انه لامتصاص غضب الناس واستياءهم من إغلاق هذه النافدة. الرحلة المتوقعة أمس الاثنين، ونقول متوقعة لأن مواعيد طيران اليمنية كأحوال الطقس كلها توقعات، فالرحلة المتوقعة تكاد تكون الرحلة الثانية بعد عودتها اثر مطالبات عدة من المواطنين ومنظمات المجتمع المدني السقطرية وأحزاب اللقاء المشترك.
وكانت الشركة قطعت رحلاتها إلى أرخبيل سقطرى المليئ بالكنوز الطبيعية، قبل نحو ستة أشهر، لكنها أعادتها بعد احتجاجات واسعة لأبناء سقطرى والأحزاب السياسية هناك.
استعد ركاب رحلة اليمنية أمس الاثنين وكلهم أمل ان يكونوا على متنها كباقي المسافرين.. أخذت تذكرتي من احد الوكالات المعتمدة لليمنية وانهالت علي تأكيدات من الموظف على ان الحضور الساعة العاشرة والنصف. وكغيري حملت أمتعتي على نفس الموعد ولكن بلغي خبر تأخر الرحلة حتى الواحدة والنصف، وعند وصولي في الموعد الأخير أي الواحدة والنصف وبعدها بعشرين دقيقة رن جرس من أعلى المبنى أشبه بأجراس المدارس الابتدائية إيذانا بالمغادرة لإلغاء الرحلة وتأجيلها.
تم إبلاغنا بأن موعد الطائرة قد تأجل، وانه يتوجب علينا الحضور غدا (الثلاثاء) الثالثة والنصف صباحا. وتفرقت الجموع المنتظرة في صالة المطار وكل يحمل أمتعته ومضوا إلى الخارج دون ان يسال عن السبب عن من يتحمل مسئولية التأخير وتعطيل أعمال المواطنين، فهناك مرضى يطلبون العلاج، وبعضهم يريد تقضية عمل يتطلب حضوره في الموعد المحدد، فكل مواطن من سقطرى مسافر في مهمة، فعوز الناس وفقرهم لا يسمح لهم بالخروج للنزهة والسياحة في المكلا وعدن أو صنعاء.
الشيخ عبدالله محمد حمدان أحد الركاب قال انه متشائم جدا مما حصل وحزين في نفس الوقت لأنه على موعد لمهمة خاصة قد يخسرها ان يكن في المكلا صباحا يوم الثلاثاء، مشيراً إلى أنه قدم من منطقة بعيدة في الجزيرة، وقد ودع أهله على عجل، حتى أنه لم يتناول إفطاره في منزله. في المطار لا تجد من يعطيك الكلمة الفاصلة في مواعيد الرحلات فضابط الرحلة يقوله: "الله اعلم"، والعمال يقابلونك: "يمكن تصل أو لا". حاولت ان ابحث عن مسئول في المطار ليعطيني سبب تأخر الرحلة فأرشدوني العسكر الى اعلان مكتوب على بوابة المطار (الاخوة المسافرين الكرام: تعتذر الخطوط الجوية عن تأخر رحلتها إلى يوم الثلاثاء بأذن الله تعالى موعد الحضور الساعة الثالثة والنصف فجراً ).
خرج الناس كلهم أو اخرجوا من المطار بواسطة العسكر وبقى أكثر من عشرين سائحاً في المطار وشكلوا مجموعات حول رؤساء مجموعاتهم لإيجاد مخرج من ورطة تأجيل الرحلة.
سألت سائحة ايطالية عن الوضع فردت بالقول: welcome back to Socotra (أهلاً بكم مجدداً في سقطرى).
مسئول الفوج السياحي قال انه يتوجب عليهم الحضور الساعة العاشرة مساء (الاثنين) إلى مطار صنعاء لكون تذاكرهم محجوزة مسبقا للسفر إلى روما. وعندما سألته عن الحل قال انهم يوعدوننا برحلة ستأتي الآن ولكنها لم تأتي وفي الأخير قيل للسياح ان اليمنية ستتكفل بإقامتهم في الفندق حتى اليوم التالي وحل مشكلتهم، وبعد ذلك رحلوا وهم متشائمين من الوضع.
احدهم قال ان لدينا مواعيد والبعض منا يداوم اليوم التي يلي وصولنا إلى البلد، وقال آخر ان أهالينا قلقين جدا لكوننا تأخرنا.. وتأخرنا ربما يوحي إليهم بأننا وقعنا في مشاكل كالاختطاف مثلاً.
العديد من السياح يرسمون صورة مشرقة عن سقطرى وأهلها الطيبون كما يقولون، ويعدون بالعودة مجددا في رحلات قادمة، ولكن سرعان ما يغيروا آرائهم عند ينصدمون بمثل هكذا مشكلة، وهذا ما جعل سائق سيارة الأجرة سعد يعتقد أنه وجد حلا لسؤاله من خلال وعود السياح الذين يركبون معه بالعودة مرة أخرى، لكنهم لا يعودون، مناشدا السلطات بإيجاد الحل المناسب لهذه المشكلة.
ذهبت إلى إحدى الوكالات للتأكد من موعد الحضور فوجدت معه موعد مخالف لموعد الإعلان الملصق على بوابة المطار. وأكد لي موظف الوكالة انه اتصل بمكتب اليمنية بالمكلا وقيل له أن موعد الحضور الساعة الخامسة صباحاً والإقلاع الساعة السابعة.
شركة طيران السعيدة هي الأخرى لم تكن أحسن حال من أمها اليمنية.. عمر محمد مدرس بكلية التربية سقطرى قال انه حجز على طيران السعيدة وابلغ ليلة أمس الأول ان الرحلة تأجلت، وانه تم تحويل حجزه على طيران اليمنية ثم أبلغ مرة أخرى أن طيران اليمنية أخرت موعد الرحلة من العاشرة والنصف الى الواحدة والنصف وعند وصوله إلى صالة المطار قيل ان السعيدة قد وصلت وغادرت ب32 راكب وان اليمنية أجلت رحلتها ليوم الثلاثاء.
وأضاف: "ذهبت إلى مدير محطة السعيدة طارق حسن وسألته عن الوضع فقال انه لم يعلم بوصول السعيدة إلى سقطرى إلا بعد نصف ساعة من هبوطها ولم أتمكن من مهاتفة جميع الركاب بالحضور".
رجع عمر ومعه الكثير من أبناء سقطرى الى بيوتهم.. "أنهم أناس طيبون وأهل سلام ولا يلجأون إلى العنف" كما قال عنهم الرئيس.. وهل لأنهم كذلك.. وجب إهانتهم واستغلالهم والإساءة لهم؟.