قال شاهد عيان يوم الخميس إن قوات امن سورية انتشرت في مدينة حمص تحسبا لمظاهرات حاشدة ضد حكم الرئيس بشار الاسد بعد صلاة الجمعة. وأصبحت حمص مركزا جديدا للاحتجاجات في سوريا بعد أن استلهم المتظاهرون الانتفاضات التي اجتاحت دولا عربية وتدفقوا على الشوارع لمطالبة الاسد بمزيد من الحريات.
وحمص مدينة استراتيجية تقع على بعد 165 كيلومترا من طريق سريع رئيسي الى الشمال من العاصمة دمشق وباتت أحدث نقطة ساخنة في سوريا بعد اندلاع مظاهرات الشهر الماضي بدأت في جنوب سوريا.
وقال الشاهد الذي وصل الى حمص بعد ان اجتاز حاجزي تفتيش لقوات الامن ان السكان الذين يتوقعون مزيدا من الهجمات من مسلحين موالين للرئيس يطلق عليهم "الشبيحة" قاموا بتشكيل مجموعات غير مسلحة لحراسة احيائهم.
وقال الشاهد "الجو متوتر. هناك خطط ليوم اخر من الاضرابات غدا." وكان الشاهد وهو نشط حقوقي طلب عدم نشر اسمه يشير الى متاجر حمص التي أغلقت بعد مقتل 21 محتجا برصاص قوات الامن ومسلحي " الشبيحة" يومي الاثنين والثلاثاء وفقا لما ذكره نشطاء حقوقيون. وقال وسام طريف وهو على اتصال بأشخاص في حمص ومدير منظمة انسان المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان ان الناس في حمص خائفون وغاضبون.
وأضاف أن وجود الشبيحة وقوات الامن في الشوارع واضح وأنهم يحملون بنادق كلاشنيكوف وأسلحة أخرى. وتابع قائلا ان قوات الامن منتشرة بكثافة في ميدان الساحة الجديدة موضحا أن أفراد الامن منهم من يرتدي ملابس مدنية ومن يرتدي الزي الرسمي.
ويطالب المحتجون بالحرية السياسية. وتكثفت الاحتجاجات بعد مقتل زعيم قبلي خلال احتجاز الشرطة له بعد مظاهرة في حمص قبل عشرة ايام. كما عبر الكثير من المحتجين عن غضبهم من الفساد في النظام الحاكم.
وهذه الاحتجاجات هي الاخطر منذ انتفاضة مسلحة قادها الاسلاميون عام 1982 وشملت مواطنين سوريين عاديين وعلمانيين ويساريين وشخصيات قبلية واسلاميين فضلا عن طلاب.
وتتجاوز مطالب المواطنين السوريين الحريات الديمقراطية لتصل الى تحسين ظروف المعيشة. ويعيش 12 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 20 مليون نسمة تحت خط الفقر وقد اتسعت الهوة بين الاغنياء والفقراء في الاعوام القليلة الماضية.
وحاول الاسد تهدئة الغضب الشعبي بأن أصدر أمرا لحكومته بانهاء العمل بحالة الطواريء المطبقة منذ 48 عاما وقرر منح الجنسية للكثيرين من الاقلية الكردية التي تشكو من التمييز.
وتتشكك شخصيات من المعارضة في الخطوات التصالحية ويريدون اصلاحات اكثر عمقا. وتقول جماعات مدافعة عن حقوق الانسان ان أكثر من 200 شخص قتلوا منذ بدء الاحتجاجات. وقالت واشنطن ان سن قانون جديد يقتضي الحصول على تصريح للتظاهر يجعل من غير الواضح ما اذا كان الغاء الطواريء سيجعل سوريا أقل تقييدا للحريات.
وقال شاهد ان احتجاجا صغيرا اندلع اليوم في منطقة الحسكة في شمال شرق البلاد والتي يعيش بها الكثير من الاكراد.
وكانت الولاياتالمتحدة قد انضمت الى مسعى دولي لانهاء عزلة الاسد بعد أن أصبح باراك أوباما رئيسا قبل عامين لكنها ظلت تنتقد سجل سوريا لحقوق الانسان.
وسوريا في قلب عدة صراعات بالشرق الاوسط. واي تغير في القيادة ستمتد اثاره في انحاء العالم العربي وسيؤثر على ايران حليفة دمشق.
وتدعم القيادة السورية حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) وحزب الله اللبناني لكنها تسعى الى السلام مع اسرائيل. واصلح الاسد علاقاته مع الغرب الى حد بعيد بعد ان كان معزولا لسنوات عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري عام 2005 .
وفي حمص خرج المحتجون الى الشوارع بأعداد كبيرة يوم الاربعاء ورددوا هتافات تدعو الى "اسقاط النظام." وكانت السلطات قد وصفت الاضطرابات بأنها تمرد لجماعات سلفية تحاول ارهاب السكان. كما أنحت باللائمة على جماعات مسلحة ومتسللين يجري امدادهم بالاسلحة من لبنان والعراق.
وقالت الوكالة العربية السورية للانباء ان الاسد عين محافظا جديدا لمدينة حمص بعد أن أقال محافظها في وقت سابق هذا الشهر.
وقال نجاتي طيارة الناشط البارز في مجال الدفاع عن حقوق الانسان في حمص ان تعيين اللواء غسان عبد العال وهو ضابط مرموق بالجيش عمره (71 عاما) لا تشوبه شبهة الفساد ويشتهر بالهدوء والعقلانية خطوة حكيمة.
لكن طيارة أشار الى أن وجود قوات أمن كبيرة في حمص ينذر بأن السلطات تستعد لمواجهة مع المظاهرات الداعية للديمقراطية بعد صلاة الجمعة.